اليوم ، بعد كل القصص والحكايات التي وقفنا عندها،وجلها تميزت بظلم إنساني! رأينا نماذج من الواقع بشهادات حية،تؤكد أن الماضي لا يموت! كلها تحملنا المسؤولية الجماعية، لكوننا داخل نفس السفينة…لم يتحرك الجد، ولا الأب وظلت الأم ،والخالة،والجارة،صامتات …بل ولا حتى الشارع لم ينصف الضحايا وأبناؤهن المجهولي الهويات…إذن ما هو الحل؟ ما العمل ؟
عندما تنتشر الرذيلة ،وتعم الأحياء والشوارع، بمشاهد مخلة بالأخلاق،والأداب العام، أمام الصغير والكبير…عندما تملأ الصفحات والمواقع الإلكترونية، بانتقاذ مؤسسة الزواج…
هجوم مقنع على الأسرة: كثرة الحديث عن مشاكل الزواج، فشل العلاقات الزوجية، مسؤوليات الزواج، تسلط الأزواج، من النساء، ومن الرجال…بل هناك من أصبح يصف الزواج بالسجن، والزوجة عند بعض النساء، بالسجينة، والزوج عند الآخرين، بالعبد…
ثم يصلون لطرح السؤال:
“لم الزواج إذن؟ نتمتع بالحرية،متحررين من كل مسؤولية، هي حياتنا نتمتع بها كما نشاء بدون وجود لمن يقيدنا،أو يمنعنا من لاآتنا…!”
ومؤسف ان نجد من يصفق، ويشجع، ويرثي واقع الأزواج، ناسيا أنه منهم، ومتناسيا طرح السؤال على نفسه:” لم أعيش هذا الوضع؟ …”
الجواب باختصار شديد، أيها الشباب، أيتها الشابات، يلخصه قول الله سبحانه وتعالى في سورة الروم،الآية21:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”
كما أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:”تزوجوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم”
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي. ”
معنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة فقال: من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه. وهذا أيضاً إشارة إلى أن فضيلته لأجل التحرز من المخالفة تحصناً من الفساد. فتبين مما ذكر أن الزواج نصف الدين بهذا المعنى.
لنعد إلى التدوينات،ولنحاول أن نلقي نظرة تشخيصية لواقع الأسر،ماعساها تكون أسباب الخلافات الزوجية؟ لماذا ارتفعت نسب الطلاق؟ ماعلاقة أسر الأزواج بالأزمات العائلية؟ مانوع الأسرة التي تريد أن تؤسس؟ هل أسرة مغربية؟ أم مغربية على قياس البرامج الإعلامية؟ هل تريدين زوجا مغربيا أم لابد من بروفيل تركي،أو هندي؟وأنت،هل تريد زوجة مغربية،أم تحتاج إلى إضافات نوعية: تشبه أمك في كل شيء؟؟؟
الأسرة اليوم أمام تحدي كبير، فقد غاب الهدف من الزواج،ونجد المقبلين على الزواج همهم واولوياتهم إرضاء المادة،ويغفلون أهم جانب الذي يحتاج لتحقيق إرضائه ألا وهو الروح.الشباب معذورون،فهم أمام إغراءات الواقع، سواء المعاش، حيث يؤسسون لحياتهم الزوجية بميزان الخالة،وابنة الخال،والصديقات…ولا تميز الحماة بين وضع زوج ابنتها المادي ،وزوج ابنة أختها الغني…ما يهم هو الإشباع والوصول إلى النجومية،بأرقام “إينستاغرامية”تسجل للتاريخ ألف ليلة وليلة لزواج ابنتها …مؤسف جدا ،أن يبدأ الزوجين حياتهما بديون تثقل كاهلهما،وتمحو سعادتهما، وتقتل الإبتسامة،وتكون سببا لبداية الشقاق بينهما.
إلى ماذا يحتاج شبابنا؟
يحتاجون إلى من يأخذ بيدهم، ويدلهم على طريق تحقيق الحلم: ” حلم الأسرة المستقرة”.
شبابنا يحتاجون للأم ،للأب،للجدة والجد..للخالة والخال…للجار والجارة…يحتاجون لمن ينقل إليهم التجارب الناجحة.
في الماضي، وليس بالبعيد، في الثمانينات، عندما يتقدم عريس لشابة، وتتم الوافقة، قبل الحديث على مراسيم حفل الزواج، وترتيباته، كانت العروسة وكذا العريس يحظون بتكوين وتدعيم، يتجلى في نصائح ووصايا تقدم لهما من طرف العائلة،وحكمائها.
فتعرف العروسة أنها مقبلة على فراق بيت احتضنها منذ ولادتها، بين أم وأب وإخوة تحبهم وتعشق وجودهم ومساندتهم، وصبرهم عليها، إلى بيت غريب،وأليف غريب،بجيناته، وثقافته، وأعرافه، سيصبح بعقد القران له حقوق وواجبات عليها. حب واحترام عائلته وأمه بالخصوص مفتاح السعادة …وهكذا يقف الشاب مشمرا عن الجد، راغبا في تطبيق وصايا والده بحسن التعامل، والمودة والرحمة، واحترام والديها بالحفاظ على ابنتهم وعدم ظلمها…..
من يقوم بهذه المهمة اليوم؟
غياب تام ،وظيفة بكرسي فارغ!
إلى هنا ،أتوقف اليوم، لأعرفكم في الأسبوع المقبل بحول الله، على من سيملأ الكرسي الفارغ؟؟؟
الأستاذة وفاء بن عبد القادر: رئيسة جمعية كرامة لتنمية المرأة