جيل ” بونيكس ”
هوجيل عاش طفولة تطفح بالفرح والمرح..رغم شظف العيش وقلة ذات اليد..فأولاد وبنات هذا الجيل كانوا يفرحون غاية الفرح عندما تبعثهم أمهاتهم إلى حانوت البقال لاقتناءعلبة مسحوق الغسيل المشهور ب”بونيكس”لأنهم على يقين بأنهم سيظفرون بلعبة كهدية..فترى الواحد منهم ممسكا بالعلبة يحركها تارة ويضغط عليها تارة محاولا رصد حيزاللعبة المدسوسة وسط المسحوق في العلبة متصورا شكلها وحجمها متشوقا لاكتشاف نوعها واللعب بها.
دامت علاقتي بعلبة “بونيكس” السخية التي تفاجئني كل مرة بهدية لسنوات عديدة توفرلدي خلالها كم هائل من اللعب الجميلة التي استأنست اللعب بها لمدد طويلة..
وفي حالات نادرة كان لايحالفني الحظ في العثورعلى اللعبة المنشودة ..وكنت أصاب بخيبة الأمل حينما تكون اللعبة دمية أصب عليها جام الغضب سحقا بالقدم.
ومن أجل الحصول على المزيد من اللعب كنت أدخرالقطع النقدية في علبة حلوى قصديرية وكلما وفرت درهما بالتمام هرعت صوب البقالة لاقتناء علبة “بونيكس”التي أفرغ مسحوقها خفية وأحتفظ بما حوته من لعبة.
وبعد زمن يسيراختفت اللعب من علب”بونيكس” وحلت محلها قطعتان نقديتان فضيتان كل واحدة منهمامن فئة خمسة فرنكات..وفجأة اختفى مسحوق “بونيكس” من السوق ليفسح المجال لمنافسه الأمريكي”تايد”الذي وصفه إشهارتلفزة دارالبريهي بكونه”يصبن أحسن”.ولكسب المزيد من الأرباح سعت شركة “تايد” الذكية إلى إغراءالمستهلكين بربح هدية “فوطة”إما صغيرة أوكبيرة حسب مجموع النقط المحصل عليها وذلك بجمع عدد من النقط المشارإليها بالمقص في علبة المسحوق.
ولتيسير هذه العملية استغلت الشركة الجشعة البقال كوسيط بينها والمستهلكين الرابحين الذين يدفعون ما جمعوه من نقط للحصول على المكافأة.
وهكذا أضحت النسوة يتهاتفن على اقتناء المسحوق الأمريكي الجديد للفوز بالمناشف الصغيرة والكبيرة وهذه الأخيرة استهوت عددا لايستهان به من النساء اللواتي فضلن ارتداء الفوط كملابس خارجية خاصة في المناطق القروية والأحياء الشعبية.
ورغم ذاك الانتشار الساحق لمسحوق الغسيل فبعض النساء الحادقات قد استغنين عنه في التصبين خاصة حينما اكتشفن تشقق أيديهن مما جعلهن يحرصن أشد الحرص على استعمال الصابون الصلب الخالي من المواد الكيماوية، ولهذا الصابون الطبيعي مسميات تغري باستهلاكه على الدوام في التصبين والغسيل والاستحمام..ويأتي في رأس القائمة صابون “المنجل” الحاصد للأوساخ..يليه في الترتيب صابون”الكف”المزيل للأوساخ “فركا” بالخف..أما صابون “لاكووا” الذائع الصيت محليا فكانت الأسراليهودية تتحاشى استعماله وتتشاءم أيما تشاؤم من علامة الصليب التي تتوسطه لكونها تذكرهم بما تعرض له أبناء وبنات جلدتهم من إبادة جماعية في الأفران الغازية على يدالجنود النازية..بينما أغلبية الأسرالمغربية لاترى حرجا في استعماله.
ويتبوأ الصابون البلدي”صابون تازة” مركزالصدارة ضمن مستلزمات الاستحمام عند الرجال والنساء على حد السواء، إذ يستحيل قطعا الاستغناء عنه في ترطيب الجلد لتيسير إزالة ماترسب به من أوساخ..
ويدهن به الصبيان الأبدان للتزحلق في الحمام ..وفيه مأرب سرية لليافعين من الفتيان..
محمد وطاش