تجارب المغرب الانتخابية ، خلال ستين عاما الماضية، أثبتت أن ممارساتنا في هذا المجال، تدفع بمترشحين ليس لهم” لا خير ولا إحسان” مع المؤسسات المنتخبة محليا ووطنيا، وأنهم، في معظمهم، دون دراية كافية بأصول العمل الانتخابي ولا بأسلوب التعامل داخل المجالس المنتخبة، وأنهم، غالبا، ما يدخلون المجالس “دخول غريب على غريب” !
ولربما أن يكون هذا الأمر مما دفع حزب التجمع الوطني للأحرار إلى التفكير في فتح ورش “أكاديمي” لتكوين منتخبي الغد، من بين مترشحي هذا الحزب ولا نشك في أن “الأحرار” لن يبخل على الشباب، باقتناعاتهم الحزبية المختلفة الحزبية، في أن ينهلوا من معين هذا الحزب القوي، لاكتساب قدرات علمية قوية، تؤهلهم لفهم طبيعة عملهم النيابي وتوفر لهم فرص النجاح في خدمة الشعب قاطبة ما دام أن الهدف من مبادرة “الأحرار” هو تكوين جيل منتخبي المستقبل بصرف النظر عن طموحاتهم السياسية. وحبذا لو تشبع هؤلاء الطامحون للعمل في مجال السياسة بفكر هذا الحزب وعقيدته ومشروعه المجتمعي الذي يروم فتح أبواب الريادة في وجه الشباب المثقف والمكون والطموح، لقيادة العمل السياسي بالمغرب، حتى يتم القطع مع الرئاسات “الخالدة” والأفكار البائدة !
وهكذا أعلن حزب التجمع الوطني للأحرار، مؤخرا ، عن إطلاق مبادرة ” أكاديمية التجمع الوطني للأحرار “، وهي عبارة عن بوابة الكترونية موجهة لقواعد الحزب، والتي سيستفيد منها في مرحلة أولى المترشحون للاستحقاقات الانتخابية المقبلة وما يليها من العمليات الانتخابية مستقبلا، إن شاء الله.
هذه المبادرة، وكما أعلن ذلك رئيس الحزب خلال ندون صحافية، تؤكد أهمية النضال السياسي من أجل الرقي بالعمل الحزبي في مجال تدبير الشأن العام عبر تكوين منتخبين على قدر كبير وكاف بطبيعة عملهم وبواجباتهم وبسبل التعامل والتفاعل مع مواطنيهم ، كما أن هذه المبادرة الجيدة تهدف ، في مجال أوسع وأرحب، إلى تخليق العمل الانتخابي، بدءا من حسن تدبير الحملات الانتخابية ووصولا إلى تحمل المسؤولية في تدبير المجالس المنتخبة، سياسيا وتنظيميا وإداريا وماليا.
وقد وظف الحزب “التقنية الرقمية” في الدفع بهذه المبادرة، كما كان الشأن بالنسبة لمبادرات سابقة، لكونها تضمن استمرارية العمل بالنسبة لمختلف المحطات التنظيمية، بإشراف لجنة مختصة تشتغل بكيفية متواصلة، على تطوير المبادرة وتقديم توضيحات تفصيلية عن أهمية هذه المبادرة في مصاحبة منتخبي الغد عبر ثلاثة مسارات للتكوين الخاص بالانتخابات التشريعية ومسار خاص بانتخابات المجالس المحلية إضافة إلى جذع مشترك: “مسار الأحرار” .
مبادرة “الأحرار” لتكوين منتخبي الغد، تتسع أيضا لخدمات أخرى متنوعة ، كالمكتبة الرقمية والدورات التكوينية عن بعد ، والندوات الرقمية ، والوثائق المرجعية، إضافة لتكليف فريق مختص لتتبع مسار تكوين المشاركين، بصفة متواصلة، عبر تخصيص رقم أخضر لهذه العملية، وعن طريق البريد الالكتروني
وهكذا نلاحظ أن فكر “الأحرار” توجه إلى تكوين منتخبي الغد قبل التفكير في انتخابات الغد، لأن “الإنسان” هو محور كل عمل يستهدف بناء المستقبل، ولأن الشباب، في أي بلد كان، هو الضامن لاستمرار هذا البناء وتطويره وتصحيحه، باستمرار، ليؤدي الدور الذي وكل له في تحصين البلد من المخاطر وتحقيق مبدأ النضال المشترك بين مواطنيه، ، من أجل الغد الأفضل.
ولعل حزب التجمع للأحرار كان سباقا، بهذه المبادرة، إلى التفكير
في تحقيق نجاعة العمل الحزبي و السياسي، عن طريق مخطط تكوين أكاديمي متين، حشد له جمعا من المتخصصين، ووظف لذلك برامج علمية متطورة ومناسبة ومسايرة لطموح هذا الحزب في تحسين أداء المجالس المنتخبة محليا وجهويا ووطنيا، خدمة للديمقراطية المغربية التي يجب، بعد ستين عاما من الوجود أن تقطع مع الممارسات القديمة، وتنفتح على أداء جديد، قوامه العلم والمعرفة والمسؤولية.
عزيز كنوني