من لم يتعلم القراءة في تلاوة “إقراء” فكأنه ما تعلم ولاقرأ…
من ذا الذي ـ من جيلنا الذهبي الجميل ـ لايتذكر:
ـ زوزويصطاد السمك
ـ فرفر يعلق الجرس
ـ أحمد والعفريت
ـ سعاد في المكتبة
ـ الغراب والصياد الأعور
ـ الصندوق ذو العجلات الحمراء
ـ القرد والنجار
ـ ياله من حذاء
ـ سروال علي
ـ يوسف يمثل أباه
ـ الثرثار ومحب الاختصار
الشعب والحكومة
ـ الله يرانا
وعناوين عديدة تخللت سسلة إقراء المجيدة بمختلف أجزائها الخمسة .. يضيق لذكرها لكن الذاكرة اليقظة تسع لحفظها ويسعد الوجدان بتذكرها .. أغلب تلك العناوين تثيرنشوة الفرح والمرح في نفوس التلاميذ الصغاروتدعوهم للتأمل والامتثال بالخصال الحميدة من مروءة وعفة وصدق وإيثار..وغيرها من الأخلاق الحسنة والصفات المحمودة التي افتقدها الكبار.
كانت حصة التلاوة متنفسا تربويا ترفيهيا يجدد نشاطنا ويشغل حواسنا ويغذي مداركنا وينمي معارفنا ويهذب سلوكنا وإن كانت بعض الرسوم المشخصة للشياطين والعفاريت تفزعنا وتثيرالرعب في نفوسنا مثل:
(-الفلاح والعفريت ـ الشيطان والفلاح)ونحوهما\\
لقد كنا نغبط أولائك التلاميذ البادية آثار النعمة عليهم(من خلال مشاهد الصورالمزينة لأغلفة التلاوة والمتصدرة لفقراتها) وهم بين وقوف وقعود.. يرتدون ملابس ألوانها في غاية الانسجام ..فتراهم تارة يطالعون دروسهم باهتمام وتارة يلعبون مع أقرانهم باحترام..
رحم الله مربي الأجيال أحمد بوكماخ وجزاه خيرجزاء على ماعلمنا إياه من سديد التعابيروبليغ العبر..وما متع به أبصارنا وأبهج به صدورنا من باقات رسوم ومشاميم صور.
حينما انتقلت إلى القسم الإبتدائي الثاني بمدرسة الزرقطوني تملكني شعورأبهج وجداني وكأنني حققت أعز الأماني ..
وكانت فرحتي كبيرة بكتاب تعلم القراءة والفهم جيدا Bien lire et comprendre
وهو مطبوع في حلة ورقية راقية مدعمة بصور ملونة رائحتها فريدة تفتح شهية الاستمتاع بقراءة لذيذة مفيدة.
من حسن حظي أنني تعلمت حروف “الألفابي” الفرنسية في السن الرابعة من عمري ب”دارلاماران”على يد رفيقة باكورة طفولتي “وفاء “التي حفظتني أيضا أنشودة “فغيغو جاكو ضوغمي فو”..ولقيت دعما وتقوية من طرف بنات جارنا الوردي بقشلة “جانكير”اللواتي علمنني تطويع الخط ونطق الحروف..
كان إعجابي كبير بما يزخر به الكتاب الفرنسي(الليفر)من صورلأولاد النصارى الذين يحتضنون حيواناتهم الأليفة ويتمسحون بها رفقا وحنانا..كما كانت تثيرفضولي ملابسهم الأنيقة ومؤثثات منازلهم النظيفة المرتبة أحسن ترتيب ..وتدغدع مشاعري زرقة عيون بناتهم الجميلة..ولاأخفيكم سرا أنني عشقت لأول وهلة الشقراء الفاتنة (مينة) لما شهدتها تداعب قطها الصغير(ميكي)وكادت تنسيني في وفاء ونزهة ومريم وسعاد في المكتبة.
وصور مماثلة حافلة بوجوه جميلة تجود بابتسامة منيرة تدعوك للمحبة والسلام .. هنا انتهى الكلام..ولكم مني أزكى تحية وسلام.
محمد وطاش