خرج رشيد التفرسيتي، رئيس جمعية البوغاز، برسالة ينتقد فيها أشغال ترميم المدينة العتيقة لطنجة المندرجة ضمن مشروع ملكي، ويحظى بمتابعة سامية من ملك البلاد.
وفي محاولة منه لتحويل المدينة العتيقة إلى ما يشبه أصلا تجاريا له، أطلق التفرسيتي – الذي يعد أحد أشهر النماذج التي نصبت نفسها وصية على ملف المدينة العتيقة بمدينة البوغاز- العنان لمزاعمه وتخيلاته بشأن ما أسماها “اعتداءات” و”انتهاكات” تتعرض لها المدينة العتيقة.
والحال، أن جل الجمعيات والهيئات المحترمة والوازنة المهتمة بالشأن الثقافي وبملف الآثار، والمشهود لها بالرصانة والموضوعية، نأت بنفسها عن إصدار مثل هذه المهاترات.
بل، إن عددا من فعاليات المجتمع المدني المهتمة بهذا المجال عبرت في غير ما مرة عن تثمينها لمشروع الترميم، وإن كانت لها بعض الملاحظات، فإنها تعبر عنها بمسؤولية وتطرحها على المسؤولين بكل جدية ورزانة، دون اللجوء للاستعراض وتسجيل المواقف المجانية، بغاية البحث عن الشهرة والبطولة، والظهور بمظهر “مول شي”، المالك الوحيد لمفاتيح المدينة العتيقة، والمحتكر الوحيد لحق التحدث عنها.
وكما يعرف القاصي والداني فإن التفرسيتي استغل ملف المدينة العتيقة منذ سنوات مقدما نفسه كمخاطب وحيد لدى الأجانب، و”البوابة الإجبارية” لكل أجنبي أراد الاستقرار بالمدينة العتيقة.
ونحن نقف مشدوهين أمام “حماسة” و”غيرة” التفرسيتي على المدينة العتيقة، ومادام الشيء بالشيء يذكر، نسائله عن صمته المطبق أمام الجرائم التي ارتكبها الأجانب ومازالوا، من الذين اقتنوا منازل بالمدينة العتيقة وقرروا الاستقرار بها، حيث قاموا بإصلاحات وإعادة بناء، في خرق واعتداء صريح على هندسة هاته المباني، بل وصل استقواءهم حد حجب رؤية البحر عن جيرانهم من أبناء المدينة، دون أن نسمع له صوتا.
ولعل من آخر الجرائم تلك التي ارتكبها صديقه الأجنبي، ألذي لا يفارقه في لقاءاته “المهمة”، حيث عمد خلال قيامه بإصلاح منزله بإحداث بناء على احد الاسوار التاريخية، في اعتداء صارخ علي مآثر المدينة العتيقة، وأيضا لم يجرؤ التفرسيتي على التعبير عن غيرته على هوية وآثار المدينة العتيقة، بل اختار الصمت عن الجهر بالحق، حاشرا نفسه ضمن زمرة الساكتين عن الحق.
أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، وهو أن من تتملكه فعلا الغيرة على المدينة العتيقة يفترض فيه أن يجعل من جمعية “البوغاز” فضاء لكل الغيورين على المدينة العتيقة، لكن التفرسيتي يحرص كل الحرص على جعل الجمعية ملكية خاصة، وأداة تحت تصرفه المطلق، يوظفها بما يخدم مصالحه وأهدافه المدروسة بعناية.
ولأدل على ذلك، تركيبة مكتب الجمعية المنتقاة على المقاس، ولا مجال لتسلل أي دخيل قد يفسد الحسابات الموضوعة بدقة، ولمن يريد التأكد عليه متابعة مجريات الجموع العامة للجمعية، إن كان محظوظا، وتم السماح له بحضورها!.
ويبقى المثير للاستغراب بل، والإشفاق معا، أن التفرسيتي وبعد خرجته “الدونكيشوطية”، سارع إلى تكذيب نفسه، ووزع توضيحا ينسف فيه كل ادعاءاته، بل تحول موقفه 180 درجة من النقيض إلى النقيض، من غاضب على ما تتعرض له المدينة العتيقة إلى مشيد بأشغال الترميم!!!.
ونختم بالهمس في أذن التفرسيتي بالقول إن المدينة العتيقة في حاجة إلى أبنائها المخلصين لتاريخا وهويتها وانتمائها، وليس لمن ينصب نفسه ناطقا باسم الأجانب الذين يحلمون بفرض سلطتهم وقانونهم وهيمنتهم على المدينة العتيقة.