كما هو معلوم، قبل أيام معدودة، اختطف الطفل عدنان ذو الحادية عشر من عمره بمدينة طنجة، وقد تم العثور على جثته بعد خمسة أيام من اختفائه، مدفونة خلف أحد منازل الحي الذي كان يقطن فيه، وقد تم توقيف الجاني الذي ينحدر من مدينة القصر الكبير، بعدما اعترف بدوره بالجريمة التي ارتكبها، بعد أن اعتدى على الضحية جنسيا.
هذه الفاجعة خلفت ضجة كبيرة وصدمة لعائلة الضحية ولكافة شرائح المجتمع المغربي،إذ تناولتها مجموعة من المنابر الإعلامية دوليا وليس وطنيا فقط، لتصبح بذلك القضية، قضية رأي عام، إذ طالب مجموعة من المواطنين بتطبيق حكم الإعدام في حق قاتل الطفل “عدنان بوشوف”، باعتبارأن الفصل 474 من القانون الجنائي المغربي، ينص على معاقبة المختطف بالإعدام في حالة تبع الاختطاف موت الضحية، فيما أطلق آخرون حملة توعوية وتحسيسية للآباء و الأمهات، حول ضرورة الحرص الشديد على أطفالهم، نظرا لبشاعة الجرائم المنتشرة في البلاد.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، ولم تكن أصلا، فبعد يوم من العثور على جثة الطفل وتوقيف المتهم، أوقفت المصالح الأمنية شابا آخر بمنطقة بني مكادة، متهما بتورطه في قضية تتعلق بالتغرير ومحاولة هتك عرض لطفل قاصر، كما أحبطت مصالح الأمن أيضا بعد يوم آخر محاولة اختطاف أخرى بحي المغوغة.
إذا كما يبدو، فقد أصبحت هذه الظاهرة منتشرة بكثرة ببلادنا مؤخرا، ففي الأسابيع الأخيرة اختطف ما يقارب 15 طفلا من مختلف أنحاء المملكة، وأغلبهم لم يتم العثور عليهم بعد.
وهنا لابد لنا من طرح تساؤلات عدة، إذ إلى متى سيبقى المغرب على هذا الحال، وإلى متى ستبقى الأسر المغربية تعيش في جو من الرعب في بلاد يفترض أن تكون أمانا لهم ؟
وتجدر الإشارة، إلى أن مدينة طنجة لم تكن في السابق تعرف مثل هذه الجرائم التي كانت غير مألوفة لديها، إذ عهدها سكانها على أنها مدينة هادئة وشاعرية، لكن طبعا كان هذا قبل أن يطلق على المدينة اسم: “طنجة الكبرى” لتصبح بذلك “كبرى” بجرائمها و أحداثها.
فالمدينة أضحت اليوم ملجأ ومخبأ كل مجرم، وهنا يكمن دور الجهات المسؤولة، من المصالح الأمنية والسلطات المحلية، إذ لا يمكن التغاضي عن جرائم الاغتصاب والاختطاف بعد اليوم، بل يجدر تكثيف وتشديد الحماية، سواء من جهة الأسر أو من جهة الأمن، كما يجب وضع خطة سريعة ومستعجلة لمعالجة هذا الوضع.
وفي هذا الصدد، كان قد نشر ناشط فيسبوكي على صفحته الخاصة مجموعة من الاقتراحات لمعالجة الاعتداءات الجنسية بالمغرب، ومنها:
- “وضع جهاز مختص بهذه الجرائم في الشرطة، حيث يكون متمثلا ومختصا في جرائم الاغتصاب والاختطاف وهتك العرض، وتكون أولويته الوحيدة حل هذه القضايا بسرعة، ويجب أن يتوفر على الإمكانيات البشرية و اللوجيستيكية اللازمة.
- على هذا الجهاز التوفر على علماء نفس وعلى عناصر نسوية مدربة على المعاملة مع الأطفال و النساء الضحايا.
- على هذه المراكز أن لا تكون في مراكز الشرطة العادية، بل في مراكز خاصة.
- على هذا الجهاز أن يتدخل بشكل فوري وبمنهجية مدروسة ولا يتريث حتى يظهر المختفي. كما اقترح الشاب هيثم الكطمور أيضا:
- إحداث جائزة وطنية سنوية لمحاربة البيدوفيليا، حيث تعطى لصاحب أحسن فكرة أو اقتراح أو إنجاز في هذا الميدان.
وأضاف هيثم أنه يجب أن تتعبأ المساجد والكتاتيب ضد هذه الاعتداءات عبر خطب الجمعة و الدروس.”
مجموعة من الاقتراحات التي تطرح نفسها هنا لمعالجة هذا الوضع المحرج، كأن يسلط التعليم والإعلام والأبحاث، وكذا المنظمات الحقوقية والجمعوية، الضوء على هذه المواضيع، مت أجل التوعية بخصوص الظاهرة، على أن تشمل جميع فئات و طبقات المجتمع، مقابل أن يلقى كل مجرم أقسى أنواع العقوبات، فالوضع لم يعد يبشر بالخير، وناقوس الخطر قد دق.
رميساء بن راشد