كان المغاربة دائما يعرفون قيمة وأجرالتبرع بالدم، بحكم أن المتبرع به يحيي نفسا، وما أعظم هذا العمل وأجره عند الله، إلا أن هذه العملية باتت تواجهها اليوم عراقيل كثيرة، ففي مدينة طنجة بالخصوص، لم يعد الأمر يقتصر على التبرع بالدم فقط، بل أصبح على المتبرع أن يحجز موعده، أولا. فإذا ما أردت التبرع بدمك، عليك أولا القدوم إلى مركز تحاقن الدم “نقطة الحليب” الكائن بشارع المسيرة الخضراء، حوالي الساعة الثامنة والثامنة و النصف صباحا، لأخذ الورقة اللازمة التي تحدد لك وقت “أجرك” و”تبرعك”. هذه الظاهرة الغريبة والفريدة من نوعها، باتت تتسبب في نفورالمتبرعين وغضبهم، إذ لا يعقل أن تحدد للمتبرع وقت ويوم تبرعه، وترغمه على المكوث في طابور الانتظار والملل والرتابة القاتلة.
وفي هذا الصدد، وحسب ماصرح به العديد من المواطنين والملاحظين، وضمنهم وفاء بن عبد القادر، المستشارة بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، فإنه من غيرالمعقول والمنطقي أن يقول المركز للمتبرعين “عودوا في الساعة الثامنة و النصف أو التاسعة لأخذ ورقتكم”، وأضافت المتحدثة، إذا كنا ننظم الحملات من أجل التبرع بالدم، فمفهوم أن يكون هناك برنامج وتوقيت محددان، ولابد كذلك من نظام خاص لاستقبال جميع المتبرعين بدمهم في كل الأوقات والأيام، وإذا كان الطاقم الطبي غيركاف، فهناك مقترحات كثيرة، لابد أن يفكر فيها المسؤولون، كالمداومة والمناوبة مثلا، وكذا توقيع اتفاقيات مع القطاع الخاص (مصحات)، والمعاهد ومدارس التمريض…
وعلاوة على هذا، فالمركز المعني لم يعد يغطي حاجيات المواطنين و المرضى بالشكل المطلوب و اللازم في “طنجة الكبرى”، سواء على مستوى بنياته الضيقة و طاقته الاستيعابية المحدودة، أو على مستوى موارده البشرية التي تعرف خصاصا كبيرا، الأمر الذي يؤثر ،وقد أثر فعلا، على المداومة المفترضة و العمل المتواصل للمركز، دون أن ننسى طبعا بعض عقليات الأطر الإدارية التي أصبحت تعمل “بالمزاج”، بالرغم من أن هذا هو عملها الأساسي والذي تتقاضى أجرا عليه وتحصل على قوت يومها من خلاله، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمواطنين الذين ينظمون حملات للتبرع بالدم، بغية إنقاذهم لحياة قريب لهم قد يكون في حالة مستعجلة وحرجة، حيث لا يجدون لا أذانا صاغية، ولا خدمات إيجابية بهذا المركز.
الوضع حقا ليس على ما يرام ولا يبشر بالخير، ولاسيما بمدينة في حجم طنجة، التي تكبر يوما عن يوم، وتعتبر من أكبر المدن المغربية، حاليا.
وللإشارة، فإن هذه الإشكالات إذا ما لم تلق حلولا سريعة ومستعجلة، فإن المواطنين سيتراجعون عن فكرة التبرع، وبالتالي سيعرف المغرب بصفة عامة و طنجة بصفة خاصة تراجعا ملحوظا فيما يخص التبرع بالدم، مما سيعقد الأمور أكثر فأكثر، علما أن هذه المادة تعتبر من أهم المواد التي يتطلبها الجسم، والتي قد يحتاجها الإنسان في أي لحظة من اللحظات.
وآخرا وليس أخيرا، فالتبرع بالدم رسالة نبيلة، وأسلوب لشكر نعم الله التي لا تعد ولاتحصى على الإنسان. ولكن، وللأسف الشديد، أصبح الوضع يعرف تهاونا في هذا المجال من طرف القطاع المختص وكذا من طرف المسؤولين أيضا.
لذا فإن شريحة مهمة من المجتمع، ترجو وتأمل أن يفرج عن هذه الرسالة وتلقى ما تستحقه من تجاوب، وكذا أن يقوم كل واحد بعمله وواجبه على أكمل وجه.
رميساء بن راشد