عادت ظاهرة الهجرة السرية من جديد في الآونة الأخيرة، مابين شمال المغرب وجنوب إسبانيا. فبعد التراجع الملحوظ في شهور المهادنة التي فرضها فيروس “كورونا” المستجد منذ أواخر شهر مارس الماضي، جاء رفع الحجر التدريجي، ليرفع معه الركود الذي كان يعرفه البلدان إثر هذا الفيروس. إذ كانت قد تراجعت محاولة الهجرة من المغرب في الفترة الأخيرة، بسبب تفشي الوباء في الدولتين، وهو الأمر الذي كان قد أكده وزيرة الخارجية الإسبانية “أرانشا غونزاليز لايا”.
هذه المأساة التي باتت تعيشها بلادنا، لم تمنع يوما الشباب المغربي من الحد من هذه الظاهرة الكارثية، التي أصبحت في تزايد مستمر، ولم تعد تقتصر على هجرة الشباب فقط، بل على هجرة النساء و الأطفال أيضا، وهذا الأمر راجع إلى البطالة و إلى الأوضاع المزرية التي يعيشها المواطنون في وطنهم، هذا الوطن الذي يفترض أن يكون “أما” لهم، وأن يوفر لهم كل متطلباتهم، وإن تعذر عليه ذلك، فكفيل به أن يعطيهم أبسط حقوقهم الضرورية، كتوفير فرص الشغل لهم مثلا… فلو كانوا قد وجدوا حقوقهم في بلدهم، ما كانوا ليهاجروا يوما، ويعرضوا أنفسهم للمخاطر والمآسي المتعددة التي يواجهونها في رحلتهم، الرحلة التي يأملون منها أن تكون لهم فرصة لتحسين ظروف حياتهم ومستقبلهم.
وفي نفس الصدد، تشهد مدينة الفنيدق، حاليا، نزوحا إلى مدينة سبتة المحتلة، عبر شاطئ المدينة ذاتها، هذا دون أن ننسى المهاجرين الذين علقوا بمدينة العرائش، مؤخرا، ظنا منهم أنهم قد وصلوا إلى سواحل إسبانيا، بعد أن تم إيهامهم بوصولهم إلى البلاد الإسبانية، وبعد أن قدموا مبالغ مالية باهظة، قصد ترحيلهم إلى هناك.
وللإشارة، فإن أسبابا عدة وراء هذه الظاهرة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو المعيشي، فضلا عن هجرة الأدمغة التي تعاني منها البلاد، منذ زمن بعيد، إذ أصبح من الضروري على الجهات المسؤولة التعامل مع الوضع وإيجاد حل سريع، بمعالجة ملف الهجرة من جذوره والتقليل منه، وذلك عبر الحد من البطالة وتوفير فرص الشغل، مع القضاء على الفقر والتهميش.
رميساء بن راشد