شجب الرأي العام المحلي والوطني في أكثر من مناسبة، طريقة تدبير قطاع الصحة العمومية المتسم بالارتجال والتردد والارتباك، كما وصفها المعنيون أنفسهم، في مناسبات عديدة. أوضاع عرّتها الجائحة، وكشفت جوانب الضعف فيها وفي المنظومة الصحية ككل. أوضاع تتداولها، باستمرار، مواقع التواصل الاجتماعي، بالحرف والصوت والصورة، حتى صارت نظرة العامة إلى المستشفيات نظرتهم إلى البحر، “الداخل إليه مفقود والخارج منه كأنه موجود ! “
المشكل ليس في الأطباء والممرضين والمسعفين وغيرهم من الأطر الصحية، بل في الوزارة وأسلوبها في التدبير، وفق “مزاج” الوزير نفسه، وأسلوب عمله الذي ترفضه أطُرُ الوزارة والرأي العام المحلّي، بعد أن بلغ السيل الزبى وغدا الوضع غير مقبول البتة، بسبب نقص الموارد البشرية، والتجهيزات الطبية والأدوية وفضاءات الاستقبال، الأمر الذي ينعكس سلبا على صورة الوزارة وأداء القطاع، ويثير، بالتالي، ردود فعل غاضبة، وأحيانا عنيفة، من طرف المواطنين.
التنديدُ بهذا الوضع المزرى كان من بين أسباب نزول الأطرالصحية، من جديد، بطنجة، وغيرها من المدن الكبري، الإثنين الماضي، إلى الشارع، إضافة إلى أسباب أخرى، ترتبطُ بقرارات أخيرة اتخذها الوزير آيت، واعتبرها القطاع “انفرادية” بل وتحكّميّة، واعتبرتها الجامعة الوطنية للصحة العمومية (الاتحاد المغربي للشغل)، “استفزازية” إزاء العاملين بالقطاع الذين حمّلوا الوزير مسؤولية تدهور المناخ الاجتماعي والمهني للأطر الصحية وأسرهم.
ولعل النقطة التي أفاضت الكأس هي القرار الأخير للوزير بإلغاء العطل بالنسبة للأطر الصحية، قرار اعتبره المعنيون “ارتجالية” وطالبوا بإلغائه، كما طالبوا بتوفير الرعاية للأطر الطبية المصابة والتصريح بهم في حوادث الشغل، وصرف تعويضات مشجعة ومحفزة لكافة الأطر الصحية المجندة في الحرب على الجائحة، وذلك بأثر رجعي منذ شهر مارس الماضي.
وكان وزير الصحة قد اقترح منح تعويضات للأطر الصحية العاملة في أجنحة الفايروس بمختلف مستشفيات البلاد، تتراوح قيمتُها ما بين ألف وثلاثة آلاف درهم، ما اعتبرته النقابات الممثلة للأطر الصحية مبلغا هزيلا وطالبت بتعويضات محفزة ومشجعة، تترجم تقدير الوطن لتضحيات الأطباء والممرضين والمسعفين المرتبطين بالجائحة.
وبينما استبشر المواطنون خيرا بوصول بعثة طبية عسكرية إلى طنجة وفتح عيادة الضمان الاجتماعي لاستقبال المصابين الذين حظوا باستقبال حسن وعناية فائقة من الأطباء العسكر، حسب تصريحات بعضهم لمواقع التواصل الاجتماعي، عُلم أن وزارة الصحة أقدمت على إفراغ المستشفى الميداني المقام بالغابة الدبلوماسية في إطار بروتوكول جديد لهذه الوزارة يبقي فقط بالمستشفيات، على الحالات الحرجة، كما تم إفراغ الفنادق من الأطر الصحية التي كانت تقيم بها بسبب طبيعة عملهم الذي يتطلب مداومة مستمرّة.
وقد تداولت مواقع محلية ، مؤخرا، أخبارا عن أقارب لهم أرغموا على مغادرة المستشفي بدعوي إتمام العلاج بالبيت.، معرضين سلامتهم وسلامة أسرهم، بسبب أنهم قد لا يتوفرون على فضاء للعزل الصحي ولا يوفرون السلامة للقائمين على رعايتهم، إن وُجدوا. فهل لا احترست المصالح الطبية من إمكانية انتشار العدوى الوبائية في محيط المرضى المنقلين إلى بيوتهم لإتمام العلاج،…….. وينقلب السحر على الساحر !
عزيز كنوني