جريدة طنجة ـ عزيز الكنوني
يوالي خبراء الموانئ بإسبانيا اهتمامهم بميناء طنجة المتوسط الذي يرون فيه ليس فقط، منافسا لبعض موانئهم الجنوبية، بل وأيضا تهديدا حقيقيا لصناعات السيارات والصناعات المساعدة، وصناعات تكميلية وتحويلية أخرى، أقيمن بمنطقة “أوتوموتيف سيتي” والمنطقة الصناعية الحرة. ولا يخفون انبهارهم أمام ضخامة الاستثمارات المغربية سواء بميناء طنجة المتوسط، أو من أجل تأهيل موانئ أخرى يمكن أن تشكل روافد هامة بالنسبة للملاحة التجارية المغربية.
وبطبيعة الحال، ينعكس اهتمام الأوساط الإسبانية المعنية بحركة الموانئ على الصحافة الوطنية التي ما فتئت تنشر تحقيقات واسعة حول التطور الهائل الذي يشهده ميناء طنجة المتوسط والازدهار الصناعي الذي تعرفه منطقة الميناء وأيضا حول الإقبال الهائل لمجموعات صناعية الكبرى ، من مختلف الجنسيات على هذا الميناء الذي أصبح يشكل قنطرة للملاحة التجارية المغربية على العالم.
وقد نشرت هذا الأسبوع، جريدة Confidencial El تحقيقا بقلم الصحافي VÍCTOR ROMERO حول طنجة ومينائها المتوسطي وأهمية الصناعات المقامة بجواره والتهديدات “الحقيقية التي يشكلها على موانئ الجنوب الإسباني التي “عليها أن تتكيف مع التجهيزات المتطورة لميناء طنجة” إذا أرادت أن تحافظ على مكانتها وتنافسيتها أمام “العملاق” المغربي.
وقد ارتأينا أن نقدم لكم فقرات من هذا التحقيق الذي لا يخلو من فائدة خاصة في ما يتعلق بنظرة الأوروبيين إلى جهود المغرب من أجل اللحاق بالدول المتقدمة في محيط الأبيض المتوسط.
إن قطاع السيارات بإسبانيا يتأهب لخوض معركة شديدة من أجل حماية صناعته للمكونات . ذلك أن الشركات الكبرى أصبحت تطالب بمجهود إضافي لكي تحافظ على تنافسية منصات التجميع في محيط يطبعه التذبذب والاحتراس على المستوى العالمي، حيث قامت شركات “أوبل” و “فورد” بوضع برامج تصحيح التكاليف التي تفرض على الصناعة الموازية “شد الحزام” للإستمرار في الإنتاج.
فقد علم أن المجموعة اليابانية “ميتسوي كيتزوكو أكط كوربورايشين” أعلنت مؤخرا عن اطلاق منصة صناعية بالمنطقة الصناعية الحرة بميناء” طنجة ميد ” لإنتاج مكونات للسيارات، هذه المجموعة التي تمتلك منصات صناعية بالعالم أجمع، تقوم بتزويد مجموعات صناعية كبرى كـ “هوندا” و “طويوطا” و “فولفو” و “سابارو” وكذلك ماركات تصنع بإسبانيا مثل “فورد” و “رونو” و “نيسان”. وتقام هذه المنصة بمنطقة “طنجة أوتوموتيف سيتي” حيث نسبة الضرائب مخففة، والتي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المستثمرين الصناعيين العالميين.
ومعلوم أن المنصات الصناعية لشركة رونو و “بسا”(بوجو وسيتروين) تستقطب باستمرار وبشكل متزايد عددا من الصناعات المساعدة الدولية التي ترى أن المغرب أصبح أرضية للتصدير نحو أوروبا.
.
كما أن اليابانية “ميتسويل كينزوكو” ليست الوحيدة التي اختارت طنجة لتطوير إنتاجها في أفق التصدير نحو إفريقيا وأوروبا. حيث تم الشروع, هذا الشهر، في بناء أول مصنع مغربي للمجموعة الدولية “جيطيكط” المتخصصة في إنتاج أجهزة نقل الحركة و التوجيه المساعد. ومن المتوقع أن يتم الشروع في الإنتاج العام 2020.
وخلال شهر ماي الماضي تم الإعلان عن الشروع في بناء مصنع لمجموعة يابانية أخرى “فورو كاوا” لصناعة مكونات الألياف البصرية وموصلات للسيارة، باستثمار فاق 20 مليون أورو.
وتساءلت الجريدة لما ذا تهتم إسبانيا وليس فقط موائئها بما يجرى في المغرب.
ويجيب كاتب المقال، من طنجة VÍCTOR ROMERO بأن الشركات المتعددة الجنسيات المصدرة، تجد في شمال المغرب جنة للضريبة ولليد العاملة، حيث أنها تستفيد من ميناء ضخم، ومن أجورا لا تتعدى 400 أورو لأسبوع من 60 ساعة. هذا فضلا عن وجود هامش قانوني جذاب وبنيات تحتية وفوقية تعمل الحكومة المغربية على تعميمها وتقويتها .
وإلى الآن، فإن الصناعات الفرنسية، في معظمها، خاصة “رونو” و “بسا” هي التي تراهن عن المغرب هذا البلد الذي يحتفظ بعلاقات تجارية متميزة مع فرنسا . غير أن الصناعات المساعدة التي توجد في محيط المصانع المغربية لا يبدو أنها ذات توجه إفريقي أو شرق أوسطي، بقدر ما تتوجه لأوروبا حيث إن الصناعات الأوروبية يجذبها نظام الأجور التي تبلغ في التوسط 400 أورو لأسبوع من 60 ساعة, وهي ظروف تعتبر تحت المعيار الأوروبي ولكنها مقبولة من طرف آلاف الأسر المغربية في شمال المغرب التي تعيش حاليا ازدهارا اجتماعيا وصناعيا نتيجة مخططات التنمية التي أطلقها الملك محمد السادس.
إن الامتيازات الضريبية وانخفاض تكلفة اليد العاملة من الأمور التي تمارس نوعا من التأثير المغناطيسي على نوع آخر من الصناعات المصدرة. فقد باشرت شركة “سيمانس- غاميسا”، مثلا، خلال فبراير الماضي تصدير أولى شفرات توربينات الرياح المصنعة في مصنع الشركة ذات الرأسمال الإسباني الألماني المقام بمنطقة “طنجة ميد”.
الرباط تطلق إعادة تشغيل موانئها للاستحواذ على حركة التستيف في إسبانيا
يؤكد كاتب التقرير أن وكالة الموانئ المغربية أطلقت مخططا لتخفيف التكاليف ، والرفع من التنافسية ودعم محطات شركتي “ميركس” و “مرسا المغرب ” في محاولة لاحتلال مواقع جديدة كبوابة لأوروبا في النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر. وهكذا فإن الوكالة الوطنية للموانئ (ANP) و Tanger Med Special Agency (TMSA) قد شرعتا ، فعلا، في تنفيذ خطة طموحة للنمو والتوسع بهدف تحديث المرافق ، واكتساب القدرة على تدبير حركة البواخر وجذب شركات الشحن الكبيرة كمقياس مرجعي عند مدخل البحر المتوسط. الأمر الذي يشكل أكبر تهديد للموانئ الاسبانية.
إن Tanger Med والميناء الكبير والمنطقة الحرة للأنشطة اللوجتيكية الواقعة في مضيق جبل طارق، على بعد 45 كيلومترًا من طنجة ، و 14 كيلومترًا فقط من الساحل الإسباني تشكل عوامل أساسية لهذا التحول الرئيسي في المنطقة ، خاصة بعد إطلاق توسعة المحطة 3 التي ستعتمد نظاما متطورا في ما يخص التفريغ الآلي للسفن وذلك باستثمارات تفوق 700 مليون أورو، ما يشكل منافسة قوية ومباشرة للموانئ الاسبانية، و ميناء الجزية الخضراء بالدرجة الأولى، خاصة في ما يتعلق بحركة “عبور” البضائع حيث تقوم السفن الكبيرة بتفريغها في نقطة معينة ثم يتم إعادة توزيعها على وجهات أخرى في أوروبا عن طريق البحر.كذلك. وهو ما سيحول ميناء طنجة إلى واحد من أكبر مواني البحر الأبيض المتوسط.
إلى جانب ذلك فقد أعلن أن المغرب سوف يستثمر 500 مليون يورو في موانئه (دون حساب طنجة ميد) وسيخلق مرصداً من التنافسية والتكاليف، الأمر الذي يشكل تهديدا للموانئ الاسبانية، ربما ليس وشيكا، ولكنه حقيقي على المدى المتوسط والبعيد . إنها مسألة القدرة التنافسية، وإذا لم يتم تكييف الموانئ الإسبانية مع واقع القرن الحادي والعشرين كما فعلت الدول المجاورة، فإنه سيكون لدى شركات النقل البحري إمكانية نقل نشاطها إلى موقع آخر، إذا اعتبرت أن الشروط التي يوفرها مواتية لمخططات نموها . وهذه الشروط لا يجب، حتما، أن تكون اقتصادية، ولكن يمكنها أن تخضع لعامل الاستقرار، مثل تجنب النزاعات العمالية،
وبرأي بعض الخبراء في قطاع الموانئ ، فأنه في حالة ميناء طنجة ، يعتبر الأمر منافسة خطيرة لموانئ “العبور”. “وخاصة بالنسبة للجزيرة الخضراء، التي تيسر فوق 90٪ من هذه الحركة، وكذلك الشأن بالنسبة لمالقا وفالينسيا. ذلك أن مخططات التوسع جارية بميناء طنجة الذي سوف يتوفر على منصة آلية ومؤتمنة بالكامل في سنة 2019، والتي، يمكن أن تشكل ضربة قوية لتنافسة الموانئ الإسبانية،. في حالة ما إذا أضفنا ارتفاع تكاليف الشغل في هذه الموانئ، و تزايد الاضطرابات العمالية ، فإن الوضع سيكون مقلقا للغاية.