جريدة طنجة ـ عزيز الكنوني
“الباروك” ليس من لغتنا نحن في الشمال. وهي أصلا، لا أصل لها في اللغة العربية ، ولا تفيد قطعا المعنى الذي يراد لها أن تؤديه عند مغاربة الوسط والجنوب. إذ أن ” الباروك” حركة فنية إيطالية انطلقت أواسط القرن السابع عشر لتتوقف نهاية القرن الثامن عشر. هذه الحركة شهدت تجليات في أشكال فكرية فنية مختلفة كالنحت والصباغة التشكيلية والأدب والمعمار والمسرح والموسيقى، لتنتشر بسرعة في معظم بلدان القارة الأوروبية.
وترون أن هذا “الباروك” بعيد كل البعد عن الاستعمالات التي تعطى له في جهات المغرب ، باستثناء الجهة رقم 1 التي احتفظت بالكلمة العربية الأصيلة : “البركة” ، والتيمن بالبركة، يكون غالبا طلبا للزيادة من الخير والبر والسعادة والعطاء.
وبالتالي فقد انتحل المحتالون للباروك استعمالا مغرضا للتستر على “هوس سرقة” الحلوى الملكية، كلما سنحت لهم فرصة من فرص الاقتراب من الموائد “السيادية” في المناسبات المشهودة.
وقد كان لنا خلال حفل افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، أن وقفنا على ما يشبه “التهافت” على “حصد” مختلف أشكال الحلويات، ودسها في أكياس بلاستيكية أو صناديق كرتونية،بل وإن منهم من “اقتلع” “طبيقات الحلوى” وفر بها “مكشوفة”، إلى الخارج، وهذا منتهى الشجاعة ، وسط “فلاشات” وعدسات التصوير وكاميرات المواقع التي وثقت الحدث ونثرته على المتتبعين في الداخل والمتربصين في الخارج.
تلك الصور والأشرطة، وثقت لنا “هرولة” المستولين على “الحلويات” البرلمانية، المستأثرين بها ، بغير حق، مهما كانت صفاتهم وحيثياتهم، ومواقعهم على سلم “المسؤوليات” التي لا “تحاسب” رغم الشعارات والتأكيدات والالتزامات…..وهلم جرا
وليست هذه المرة الأولى التي يحدث ما حدث الجمعة الماضية، فقد وثقت عدسات المصورين، في مناسبات مماثلة، تهافت ممثلي الأمة، على حلويات القصر، طلبا لـ “باروك سيدنا” ، يعني!… وكانوا يدسون الحلوى في جيوب “فرجياتهم” الناصعة البياض، المعدة للمناسبة، حتى إنهم كانوا يشاهَدون وقد انتفخ، بشكل ملفت أسفل لباسهم، من الجانبين، بحيث يتعذر عليهم الاحتفاظ بتوازنهم قبل الوصول إلى سياراتهم الفاخرة المركونة حيث سمح لهم بذلك.
وحتى يقع تفادي “الشوهة” تم ، هذا العام، إبعاد رجال الإعلام عن قاعة الحلويات ، بل ومنعوا من طرف الأمنيين، من الإقتراب من “البوفي”الغني بالألوان الشهي بالحلويات من شتى الأصناف والأشكال،تفاديا لـ “تسرب” صور المدعوين إلى خارج أسوار البناية، حيث الكاميرات “تصطاد ” اللقطات المثيرة . وهذا أمر طبيعي، حتى لا يشوش على ممثلي الأمة تلذذهم بأكل الحلوى، أو تنغص عليهم سويعات استمتاعهم بما “حلا ولذ” من أصناف الغريبة وكعب الغزال والشباكية فضلا عن الحلويات الإفرنجية التي تلقى إقبالا كبيرا من طرف المولعين بـ “شهيوات بلاد برة” !!! ….
ومع ذلك، فقد انتشرت أشرطة فيديو للقوم وهو يتهافتون على موائد الحلويات بمجرد أن غادر الملك بناية البرلمان، قبل أن توثق كاميرات بعض المواقع، بالصوت والصورة، مغادرة بعض الحضور محملين بأكياس وصناديق من “باروك سيدنا” وهم يهرولون نحو مركباتهم، في منظر أثار سخرية عارمة في المواقع، وتناقلته بعض المنابر الإعلامية، عربية وأجنبية.
إلا أنه وأمام حدة مظاهر سخرية المواقع والمنابر الإعلامية، من “لهط” بعض المدعوين الذين لم يكتفوا بأكل الحلوى، بل حملوا أكياسا وأطباقا و “خنشات” بلاسيكية مليئة بأصناف الحلويات وهرولوا بها نحو بيوتهم، عمد مجلس النواب إلى نفي أن تكون الصور التي تم تداولها على نطاق واسع، تتعلق ببرلمانيين وهم يحملون قطع من الحلوى عند نهاية حفل افتتاح الدورة الخريفية.
وفهمنا ! …