جريدة طنجة
تقدمت سيدة محسنة من طنجة، غيورة على أهل مدينتها، بشكاية رسمية تكشف فيها بعض الإختلالات من سوء للتسيير و سوء للمعاملة و الشطط في السلطة، بالمركز الإجتماعي للا حسناء بحي مسترخوش بطنجة، حيث أنها كشفت حجم المعاناة و الظروف القاسية و الأوضاع اللانسانية التي يعاني منها النزلاء، و التي تؤدي أغلبها إلى خروج نزلائها إلى الشارع و مواجهة المصير المجهول عبر طريق الهرب أو الطرد لأتفه الأسباب، مما يجعل هؤلاء في وضعية صعبة جدا خصوصا المرضى منهم عضويا و نفسيا، و قد عاشت هذه السيدة مع هؤلاء النزلاء المطرودين من نعيم المؤسسة المسموم، عاشت معهم معاناتهم لأنها تجاورهم في الحي، و تقدمت بشكايات متعددة لإنقاذ هؤلاء النزلاء من الضياع و الموت المحقق.
رضوان الشلباط، و هو نزيل عاش بالمؤسسة لمدة تزيد عن العشرين سنة، رفقة أمه و إخوته، منهم من مات بعد طرده و تعرضه للتشرد، رضوان ولج المؤسسة و هو طفل، كانت هذه المؤسسة بالنسبة إليه البيت و الحضن الكبير، عاش حياته فيها بحلوها و مرها، رضوان يعاني من اضطرابات نفسية، تجعله يقنط أحيانا من جدران المؤسسة و يتوجه نحو الخارج ليقضي يومه و يوفي احتياجاته العادية، فهو شاب، من حقه الدخول و الخروج كما يريد، و هو ابن الدار، لا يقوى على العمل لأنه مريض، لذلك ليس لديه القدرة على لإستقلال المادي و الإجتماعي، معتبرا أن عائلته الخيرية ملاذه الوحيد، إلى أن جاء اليوم الذي طرد فيه رضوان من كنف هذه العائلة، ليجد نفسه بدون مأوى، لا يتوفر حتى على الدواء الذي لا يفارقه منذ سنوات.
ظل رضوان و لمدة طويلة يفترش الأرض جوار المؤسسة الخيرية و يعطف عليه سكان الحي لمعرفتهم له باعتباره إبنا للدار، مرض رضوان، تألم، تشرد، تعقدت حالته النفسية بما يكفي أن يجعله يوما يفكر بإنهاء حياته، لولا وقوف هذه السيدة المحسنة إلى جانبه، و محاولتها نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية و العصبية بطنجة التي ما فتئ أن تركها، لأن كل ما يطلبه رضوان اليوم هو العودة إلى هذه المؤسسة الخيرية ليعيش و لو بأقل الإمكانيات.
شخص لآخر تعرض للطرد من المؤسسة و هو محمد الطيب الجباري الكرفطي، الذي أمر قائد الملحقة الإدارية السادسة بإيوائه، عبر طلب رسمي إلى مدير المركز الإجتماعي في شتبر الماضي، نظرا لحالته الإجتماعية لعدم توفره على أسرة أو مأوى بالمدينة، هذا الشخص و أشخاص آخرون هم اليوم عرضة للموت المحقق لأن التسيير بهذه المؤسسة يفتقد لأبسط مضامين الرحمة التي فتحت من أجلها مثل هذه المراكز، و التي أولاها ملك البلاد عناية خاصة، معتبرا أن هذه المؤسسات الخيرية تعمل على مبدأ بلورة تقاليد التضامن الأصيلة والآمال العريضة والإرادة الراسخة في إشاعة ثقافة جديدة للتضامن قوامها سياسة إجتماعية و تنموية تطوعية تنبني على الشفافية في التسيير و العقلانية المنهجية و المصداقية.
و قد أكدت مجموعة من ساكنة حي مسترخوش بطنجة، استعدادها التام إلى تنظيم وقفات إحتجاجية أمام باب المؤسسة معية هؤلاء المطرودون من النزلاء، يرفعون فيها شعارات معارضة لسياسة المسؤولين بالدار، مطالبين في الوقت ذاته تدخل الجهات المسؤولة للنظر في هذه القضية وبعث لجنة خاصة لافتحاص ميزانية المؤسسة وطريقة تسييرها، مطالبين في نفس الوقت من المجلس الأعلى للحسابات التدقيق وافتحاص مالية الجمعية، مصرين على ضرورة التدخل العاجل من أجل إيجاد حلول عادلة لقضية نزلاء الخيرية، على قاعدة الإدماج و ليس التشريد و الرمي للشارع و الدفع بالنزلاء لمواجهة المصير المجهول و الإستمرار في سياسة الحصار و التجويع الممنهجة.