جريدة طنجة ـ لمياء السلاوي
بعد أن سبق للرأي العام المحلي بطنجة التفاعل الإيجابي مع القرارالشجاع الذي اتخذه والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، المتعلق بتحرير الملك العام بشوارع المدينة الذي أعطيت انطلاقته بشهر مارس 2018 ابتداء من شارع إيطاليا وباب الفحص وطريق الصياغين، ثم انتقلت إلى منطقة السواني، و بعد أن تساءل الكل عن مدى قدرة هذه العملية على الصمود والمقاومة وعدم الرضوخ للضغوط، مثل ما وقع في تجارب سابقة، حيث يتذكر الكل فترة محمد حصاد حينما حاول ممارسة سلطته في تحرير الملك العام انطلاقا من شارع محمد ابن عبد الله ومولاي يوسف وطارق بن زياد. لكنه أخفق في المهمة وتوقف عند منتصف الطريق، ولم يطبق القرار إلا على الفئات المستضعفة من المواطنين، اليوم توقف هذا التحرير للملك العام و عاد إلى ما كان عليه من قبل للأسف….
عودة إلى ذات القرار، فقد ثمّن المواطن الطنجي هذه الخطوة التي كان عليها أن تكتسب طابعا شموليا و متواصلا، وأن تتسم بالعدل والمساواة، واليوم ساكنة طنجة تدعو إلى استمرارها وتعميمها على كل المناطق بالمدينة من أجل فرض النظام ووضع حد للتسيب، وتعويد المواطنين على احترام الملك العمومي وكل ما يتعلق بالحق العام. خاصة بعد المجهود الكبير الذي بذل من أجل تهيئة المدينة من جهة، وكذلك إنجازالعشرات من الأسواق من أجل امتصاص ظاهرة الباعة المتجولين من مختلف الشرائح من جهة أخرى.
ومن أجل ألا تتحول هذه المبادرة إلى مجرد سحابة صيف، يجب التعامل بصرامة وجدية مع هذه الظاهرة وعدم التساهل مع أصحابها في حالة العود، كذلك التحقيق مع الجهات المسؤولة عن تشجيع هذه الظاهرة واستثمارها خدمة للمصالح الخاص، توفير دوريات للحراسة الدائمة ، ونصب كاميرات المراقبة تحت الإشراف المباشر للولاية على صعيد كل المناطق المستهدفة من طرف التجار المتجولين، وكذلك أصحاب المحلات التجارية الذين يتوسعون خارج محلاتهم.
كذلك وجب إخبار المعنيين بالأمر وإلزامهم بتوقيع التزام بالتنحي عن الطريق العمومي قبل تنفيذ التدخل النهائي لمنع وقوع التجاوزات، مع ضرورة احترام الممتلكات الخاصة بالمواطنين وعدم إتلافها، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الوضعية الشاذة التي تمر بها المدينة على صعيد كل الأحياء نتيجة استشراء هذه الظاهرة، يعد سببها الرئيسي هو تهاون المسؤولين وعدم تقيدهم بالضوابط القانونية في التعامل مع هذا المشكل، حيث يتم التستر على المخالفين للتعليمات، كما يتم التواطؤ مع الجهات المستفيدة من هذه العملية، وإلا بماذا يمكن تفسير احتلال شوارع بكاملها منذ عدة سنوات أمام مرأى ومسمع من رجال السلطة دون أن يحرك أحد ساكنا؟. وبماذا يمكن تفسيرعودة الباعة المتجولين إلى طرقات حي بنكيران وساحة تافيلالت وشارع مولاي سليمان بعد أن تم تزويد كل منطقة بسوق مخصص لإيواء التجار والباعة المتجولين .؟ فما أن يحل المساء حتى يقوم بعض التجار بنقل ما تبقى من البضائع داخل السوق من أجل عرضها على قارعة الطريق…
إن الأمر يتجاوز حدود الحاجة، لأنه قد تحول إلى احتراف، فكثير ممن غادر مكانه في الشارع واستفاد من محل بالسوق، يريد أن يحافظ على موقعه السابق في الشارع العام من خلال تنصيب من ينوب عنه في انتظار إعادة إحصاء التجار وطرح مشروع للإيواء ..
والجدير بالملاحظة كذلك، هو أن ظاهرة احتلال الملك العام لا تقتصرعلى الباعة المتجولين، بل تمتد إلى أصحاب المحلات التجارية الذين يمدون أجنحتهم خارج محلاتهم الخاصة. وكذلك أصحاب المقاهي الذين يتجاوزون حدود المساحة المستعملة في إطار الفصل الخاص بالإستغلال المؤقت، حيث يلجأ البعض منهم إلى تغيير معالم الطريق العمومي وإغلاق الممرات والأرصفة والطرقات في وجه المواطنين ..بل يقومون بسد المنافذ وإقامة المباني المفككة التي تساهم في تشويه الفضاء العام .. ونفس الأمر ينطبق على أصحاب الحرف والمهن الصناعية الملوثة الذين يحتلون الممرات والطرقات في مختلف الأحياء والمناطق السكنية.
ومهما تكن النتائج المحققة، فإن قلوبنا ستظل معلقة بالأمل في التغلب على هذه الظاهرة التي تطرح أكثر من تساؤل عن طبيعة تكونها وتوالدها وانتشارها كالنار في الهشيم .. وعن الجهة التي تغذيها وتحرص على استمرارها، لأن كل المؤشرات تدل على ولادتها غير الطبيعية .. بحكم تواجد جهات في أوساط التجار الكبار تحرص على استغلال حاجة العاطلين إلى العمل، فتقوم بجلب جيوش العاطلين من مناطق أخرى. ثم العمل على توزيعها على مختلف المناطق من أجل ممارسة هواية احتلال الطرقات وتجريب حظها في ممارسة التجارة العشوائية..