احتفالات عيد الشغل 2018 .. على خلفية الغضب الشعبي وفشل الحوار الاجتماعي
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( )
الثلاثــاء 08 مــاي 2018 – 16:04:11
وكانت مواكب استعراضات عيد الشغل تتميز بالنظام والانتظام، وهي تجوب شوارع المدينة، مرورا بساحة 9 أبريل وبساحة فرنسا قبل الوصول إلى مقراتها حيث تقام المهرجانات الخطابية، يرأسها نقابيون من الرعيل الأول ، نقابيون صناديد أفذاذ ، يصدحون بقضايا المواطن الكادح، بلغة الوضوح والالتزام ، من أمثال الراحل المختار أبرودي، حيث كانت كلماتهم تلهب مناضلي نقاباتهم في الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين، والكونفديرالية الديمقراطية للشغل ، قبل أن تظهر في الساحة نقابات نتج بعضها عن ظهور أحزاب جديدة أو نتجت عن الانقسامات التي شهدها المشهد الحزبي بالمغرب.
فاتح أبريل لم يكن ينظر إليه بنفس حدة التوجس والحذر، بالرغم من الوضع الشاذ الذي كان يعيشه المغرب، والمتمثل في المواجهات السياسية مع الحكومة وفي حملات القمع التي طبعت سنوات الحديد والنار التي انتهت، بعد المحاكمات الشهيرة إلى تازمامارت الرهيبة!……
فاتح أبريل 2018، “احتفل” به على خلفية فشل الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات التي رفضت مقترحات العثماني وما أضيف إليها من عروض آخر ساعة في ما يخص القطاع الخاص. وبينما اعتبر ميارة أن العرض الحكومي مهم ويستحق المتابعة، صرح موخاريق أن هذا العرض “شبه اقتراح” و”غير مقنع” و يتضح منه “انصياع الحكومة لضغط أرباب العمل” .
وأمام “البلوكاج” النقابي الذي ذكرنا بالبلوكاج السياسي الشهير، قررت الحكومة الإعلان من جانب واحد عن مقترحاتها بالرفع من الأجور ومن التعويضات العائلية ومن منحة الولادة والشروع في تفعيل التعويض عن العمل ، إلى جانب العرض الإضافي المتمثل في الرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص وفقا لنسبة ارتفاع التضخم وعبر مدى خمس سنوات، وهو ما سيكلف ميزانية الدولة حوالي ستة مليارات .
وزير الشغل، محمد يتيم ، أعلن بالمناسبة أنه تقرر الشروع في تفعيل الزيادة في التعويضات العائلية بالنسبة لموظفي الإدارة العمومية والجماعات المحلية ومستخدمين بالمؤسسات العمومية ، إلى جانب إجراءات تحفيزية أخرى من قبيل تحسين شروط الترقي في قطاعي التعليم والصحة . كما تم التوافق على المراجعة الشاملة لمنظومة الوظيفة العمومية. أما في القطاع الخاص فقد تم التوافق على “النهوض بآليات المفاوضة الجماعية، وتسوية النزاعات الاجتماعية والتحكيم، وتشجيع عقد الاتفاقيات الجماعية ، ومحاربة عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإطلاق التشاور مع الإطراف المعنية من أجل مراجعة مدونة الشغل ن وتعزيز مبدأ المرونة في ما يخص الشغل المحدد المدة، إلى غير ذلك من المبادرات التي تحقق، في نظر الحكومة، مصالح الطبقة العاملة في القطاعين وتعزيز الحريات النقابية وحماية الحقوق المكتسبة للموظفين والعمال .
فاتح ماي 2018 بطنجة، كان صورة مبتذلة لما كان عليه خلال سنوات المجد النقابي ، وطقسا بلا طعم من طقوس أفرغها من معناها ورمزيتها مناضلو العهد الجديد، ليتحول العيد إلى مواكب باهتة، أثثتها نقابات تابعة لمركزيات قديمة وأخرى حديثة، تجوب شوارع المدينة ، تردد أناشيد اعتادت عليها آذاننا ، وترفع شعارات حفظناها عن ظهر قلب، لكثرة ما شهدناها مرسومة، بالخط العريض، على لافتات المواكب،
لا شيء إذا تغير !…إلا ما كان من تدافع الإجيال، وتزاحم الولاءات، بيد أن الهموم هي هي، شيء واحد غاب عن هذه المواكب، جدية تعاطي العديد من المشاركين مع الشعارات والمطالب، وضعف الالتزام بما يفرضه هذا الحدث النقابي الهام الذي انخرطوا فيه إلى جانب الملايين من زملائهم في المغرب والعالم، من انضباط في السلوك ، واحترام للموقف، وتقدير للمسؤولية ! …إذ أن المشاركة في مسيرة نقابية، ليست “فسحة” أو “مسارية” في شوارع المدينة، بل هي مسؤولية فردية وجماعية تفرض الكثير من الهيبة والوقار بالنسبة للمشارك الذي هو وجه النقابة التي ينتمي إليها، وتعبير لجدية المطالب التي تتقدم بها !…
مواكب الاستعراضات المنظمة من الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، واالفيديرالية الديمقراطية للشغل ، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، رفعت فيها العديد من المطالب المهنية والاجتماعية ، من أبرزها حماية حقوق العمال، وتكريس حرية العمل النقابي، وتحسين ظروف العمل، وحماية العمال من الطرد التعسفي، وضمان الحق في الترسيم، والرفع من الأجور، وتعميم التغطية الصحية ومحاربة التهرب من تسجيل العمال لدى الضمان الاجتماعي ، وتسريع مخططات التشغيل لاستيعاب أفواج العاطلين، خاصة بين فئات الشباب المعطل.
كما ندد العمال بحالات التهميش والحيف والظلم والاقصاء التي تلحق بالعمال، مطالبين باحترام قانون الشغل , واحترام الحق في الاضراب. كما نددوا بسياسة “تفقير” الشعب وبالوضع السيئ الذي توجد عليه المؤسسات الصحية بطنجة، وصعوبة الولوج إلى العلاج بالمستشفى المركزي، إلى غير ذلك من المطالب التي تعود مع كل عيد، ما يترك الانطباع لدى الرأي العام أن دار لقمان تظل على حالها، بالرغم من الوعود التي تتضمنها، عادة، خطب وزراء الشغل، ليلة فاتح ماي من كل عام، والتي لا تعدو أن تكون “مسكنات” موضعية……إلى حين !!!….. …