محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( الحرية)
الأربعاء 09 مــاي 2018 – 12:32:51
و بحسب “حيثيـات” هذا اليوم، فقد خُصص للاحتفاء بمبادئ حرية الصحافة و تقييم أحوالها في أنحاء العالم، كما الدفاع عن وسائط الإعلام ضد ما سُمي “هجمات تُشن على حريتها”.
احتفال “الصُّحفجية” هـذا العام تزامن مع تذيـُّل العرب، كَعـادتهم، قـوائم التصنيفـات المُتعلقة برصد حدود احترام هذه الحرية في بقاع العـالـم.
الواقع أن هذه التصنيفات عادة ما يجري إعدادها بحسب هوى القائمين عليها و اعتمادا على معطيات تتدافع فيها الإحصاءات و الاستنتاجات مع المغالطات و المبالغات. لكنّي لست هنا بصدد محاكمة نوايا مُعِدِّي هذه الترتيبات “السلبية” تجاه المغرب، بل بصدد “تنبيه الغافلين” إلى أن “حرية الصحافة” قد تحـرّرت عمليــًا من أوزار الرقابة و المنع و لم تَعُدْ، في حالة المغرب، بحاجة إلى من يدافع عنها، بل هي، على الأرجح، في حاجة إلى من “يُقوِّمُ” اعوجاج سلوكها و يوجه انحـرافـاتها الأدبية نحو الصِّراط القويم.
“عقول متبصرة في أوقات حرجة” واحد من الشعارات التي سبق لليونسكو رفعها ، مع ما يرتبط بهذا الشعار من أحاديث نمطية تناقش دور الإعلام في بناء المجتمعات السلمية و تشييد الأسس العادلة للجميع. وبالطبع، مع ما يضاف إلى ذلك من بهارات تُتَبَّلُ بها المقالات الصحفية و التحليلات الإخبارية.
الحقيقة أن إعلان “ويندهوك” نص على أنّ حرية الصحافة لا تتحقق إلا بتحقيق بيئة حرّة و قائمة على التعدّدية، وهو شرط “مِسْطري” تحقق في “نازلة المغرب” منذ واقعة تحرير السمعي البصري، ولم يعد “التحرير” بذلك غائبا، مع انتشار أحواض الترددات على امتداد جغرافيا الوطن.
إن تقويم “الاعوجاج السمعي” الذي لحق إعلام المغرب في عصر “التحرير الراديوي”، يستدعي “هجمة إعلامية شرسة” لحماية هيبة و وظائف الإعلام التي انحدرت إلى الدرك الأسفل؛ و بدل حماية وسائط الإعلام، التي يدخل الراديو في جنسها، يجب “قمع” تردداتها و تجفيف أحواضها، اعتبارا لجسامة المغالطات التي أصبحت الإذاعات الخصوصية بوقاً لها.
استمعت بالصدفة لبرنامج تُذيعه محطّةٌ خاصّة، يدعى مُقدمه الطيب، وحدث أن اتصل به أحدهم عارضا أنه عامل بضيعة زيتون وأنه تعرض لاعتداء و أن العدالة لم تُنْصفه و لم ينْسَ التذكير، على الهواء، أنه استضيف بالسجن في أكثر من مناسبة، و استمر في سرد ادعاءاته؛ فيما انطلق كُريبان، كما يُلقب، في الهلهلة و البسملة، قبل أن يذكِّر بحديث يقول معناه إنه من الأفضل للمؤمن أن يكون في “موقع المظلوم” بدل أن يكون في موقع “الظالم”، و أن يثق في القانون “السماوي” بدل القانون الوضعي، و رغم أن هذه “الفتوى الدينية” مبرِّرَةٌ للاستكانة و التخاذل عن نصرة الحق، قد يجوز التغاضي عنها، لكن المذيع “طيب كريبان” لم يكتف بذلك و انتقل للإفتاء في العلوم الطبية فقد زعم هذا الدكتور، الذي لا يُعلم موضوع “أطروحته”، أن العلم أثبت أن الإصابة بأمراض معينة لا يمكن تفسير سبب الإصابة بها عبر الوسائل و البحوث المخبرية، قبل أن ينتهي بالقول إن الإصابة قد تحدث بسبب ما سماه “مساًّ شيطانياً”.
لست أدري من أي جامعة تخرج هذا البهلول، لكني أعلم أن القناة الإذاعية التي تفتح منبرها، في غفلة دائمة من الهاكا، لمثل هؤلاء المعتوهين تستحق أقصى عقوبة تأديبية، لأنها أنتجت جيلا من الطلاب “الباحثين” في اسلاك الجامعة المغربية، يعولون في نجاح اختباراتهم بالدرجة الأولى على الدعاء المستجاب للمشعوذين و الدجالين، فلا عجب أن يقول الفيلسوف الدنماركي كيركغور “إن الناس يطالبون بحرية التعبير كتعويض عن حرية الفكر التي نادراً ما يستخدمونها”..