دروس من وحي “المقاطعة”
جريدة طنجة – محمد العمراني ( )
الثلاثاء 15 مــاي 2018 – 11:28:57
أولا: الحملة عرفت انخراطا وتجاوبا شعبيا واسعا، عكس حجم الغضب الذي يتملك المواطنين من غلاء المعيشة بصفة عامة، والمواد المستهدفة بالمقاطعة على وجه التحديد، مثلما كشفت الصورة السلبية التي استقرت في عقول فئات واسعة من الشعب المغربي عن بعض المستثمرين في قطاعات حيوية..
ثانيا: المقاطعة انتقت بعناية فائقة ثلاث شركات، تستثمر في مواد استهلاكية أساسية، لكن يبدو أن المستهدف الحقيقي هو عزيز أخنوش، القائد الجيد لحزب الحمامة، والذي لعب دورا محوريا في المفاوضات التي أجراها بنكيران المكلف بتشكل الحكومة عقب انتخابات 7 أكتوبر2016، والتي انتهت بفشل هذا الإخير وإعفائه من مهمامه، وتكليف العثماني بدله، وباقي القصة معروفة..
أكثر من ذلك، أن أخنوش ومنذ إمساكه بقيادة حزب عصمان، شرع في تنزيل مخطط متكامل لإعادة هيكلة الحزب، وتاهيله للعب دور ريادي في المرحلة المقبلة، حيث بات يضع عينه على تصدر نتائج الانتخابات.
هذا الطموح يبدو أنه أزعج أكثر من جهة شعرت أن مواقعها باتت مهددة، ما دفع كل المتوجسين من الرجل إلى التحالف ضده، ولهذا أصبح رأسه مطلوبا بقوة، وبات جليا أن دمه سيتفرق بين القبائل!..
ومن يقول عكس ذلك، عليه أن يعطي تفسيرا مقنعا للسبب الذي دفع الواقفون وراء المقاطعة إلى استهداف ثلاث شركات بعينها، علما أن جميع الشركات المنافسة تبيع بنفس السعر، أكثر من ذلك أن أرباح شركة أفريقيا تأتي وراء الأرباح التي تحققها شركتي طوطال وشال بالمغرب!…
ثالثا: كشفت المقاطعة جهلا مركبا يعشش في أدمغة المسؤولين الحكوميين فتصريح الوزير بوسعيد الاستفزازي والمهين، عندما نعث المقاطعين بالمداويخ، كان له ثأثير مباشر على نجاح حملة المقاطعة..
نفس الخطأ القاتل ارتكبه مسؤول شركة حليب سنطرال، الذي اتهم المقاطعين بالخيانة، لينطبق عليه المثل القائل: “جا يكحل ليها عماها”..
رابعا: أكدت حملة المقاطعة بشكل جلي ضعف الحكومة في التعاطي مع حملة المقاطعة، وبدا واضحا أنها فوجئت بحجم الانخراط لفئات واسعة من الشعب المغربي، ولذلك جاء تفاعلها متأخرا، بل شاردا، وأظهرها في موقف العاجز عن استعياب رسائلها، وتفكيك شيفراتها، والمتوجس من مصارحة الشعب بحقيقة تركيبة الأسعار، وهوامش الربح، وتبيان مسؤولية الحكومة في التصدي لمظاهر الاحتكار والسيطرة على السوق، والتواطؤ على تحديد الأسعار!..
الموقف المرتبك للحكومة، يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كان الأمر مرتبط بضعف الحكومة، أو بالتناقض الذي يخترق مكوناتها، وحسابات الربح والخسارة بالنسبة لكل حزب مشارك في الحكومة؟!..
خامسا: عرت المقاطعة عورة معظم الأحزاب السياسية، وأظهرتها في حالة شرود واضحة، حيث بدت وكأن علاقتها بالمجتمع قد انقطعت أوصالها، وباتت عاجزة عن التفاعل الإيجابي مع تظلعات المواطنين، وفاقدة للقدرة على التأثير من المباردات المجتمعية، والتصدي لأي دعوات مغامرة قد تكلف استقرار البلد غاليا..
سادسا: يبدو أن الواقفين وراء المقاطعة لا يمتلكون أي برنامج محدد الأهداف، وبسقف واضح، إذ لا يعقل أن تستمر المقاطعة إلى ما لا نهاية، مع ما سيترتب عنها من تداعيات اجتماعية غير محسوبة العواقب، فالشركات المستهدفة بالمقاطعة تضمن قوت مئات الآلاف من الأسر، وسيكون التهور بعينه إن أسفرت المقاطعة عن قطع أرزاق العباد..
سابعا: على الحكومة أن تمتلك الجرأة لقول الحقيقة إلى الشعب، وأن تكشف عن هوامش ربح الشركات المستهدفة بالمقاطعة، وعن تركيبة الأسعار، وعن نسبة الضرائب المقتطعة، حتى يتبين ما إذا كانت الشركات تجني أرباحا طائلة مستغلة نفوذها وقربها من موقع القرار، مثلما يتم الترويج له، خاصة ظل الحديث مثلا عن كون الضريبة على المحروقات محددة بالنسبة للمحروقات في 40 في المائة، أي أن الدولة تأخذ 4 دراهم عن كل لتر بنزين يباع ب ى10 دراهم!..
كما يتوجب على الحكومة تحديد المسؤوليات بدقة حول مدى إقرارها لآليات رقابة السوق عنما رفعت الدعم الكامل عن المحروقات، تفاديا لأي احتكار أو تلاعب في الأسعار…
خلاصة القول، أن من يهمهم الأمر عليهم استخلاص ما ينبغي استخلاصة من رسائل وعبر، وتحديد المسؤوليات، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب باستقرار البلد أيا كان موقعه أو دوره، وإلا فإن البلد تتجه نحو المجهول، وحينها لن ينفع الندم..
كلمات مفتاحية :
#كلنا_مقاطعون #مقاطعون #الغلاء #خليه_يريب #نحن_مقاطعون #المقاطعة .