اللغة العربية … الهوية والانتماء والأصل
جريدة طنجة – إعداد : م.بديع السوسي ( اللغة العربية )
الإثنين 09 أبريــل 2018 – 15:59:55
ـ كانـوا يفتــون و يـؤلفـــون بعـربية فصيحة كذلك كان الأدبي المختار السوسي، والثائر القاضي محمد بن عبد الكريم الخطابي.
ـ أغلب بـرامـج التلفـزيــون تُـؤكّــد أن هذا الجهــاز تـابـــع…
لذلك نرى ونلمس مسخا يسري بيننا فلا نستطيع له صدا إلا بأضعف الإيمان، فدواليب الإدارة من بقايا هذه الحثالة، وأغلب برامج التلفزيون تؤكد أن هذا الجهاز مجرد تابع، فحتى بعض ضيوفه يستعينون باللغة الإنجليزية لتبليغ رسالة ما، وحتى بعض فناني الموجة الجديدة لقد أرادوها معاصرة وحداثة فاستبدلوا “إذن” ب “” أرادوها معاصرة فتعصروا وتعسروا وأرادوها أصالة فلم يتأصلوا وظلوا في درجة ثالثة بين اثنين (ضارباهم تالفة) لن نمضي حقبا فنشير إلى الأمجاد التاريخية، والبحوث العلمية، والتصانيف، والمؤلفات في مجالات العلم والمعرفة فلسنا ممن يقول، كان أبي، ولكنها للذكرى، وبالذكرتنفع المؤمنين. فقد ألفوا وأبدعوا بلغة عربية سليمة، وأحيانا بإعجاز لغوي وتعبيري ينم عن كعبهم العالي، ومقدرتهم الفائقة، طبعا لقد نقلوا الكثير من العلوم والنظريات والحقائق والتخريجات العلمية عن الفرس واليونان، وعن بعض الشعوب والحضارات التي احتكوا بها كالصين بلد الحكيم كونفوسيوش والهند، ومن أجل العلم جابوا الأصقاع، وخاضوا أغمار البحار ونقلوا كنوز المعرفة ولكنهم حولوها إلى علوم عربية، وترجموها إلى اللغة العربية. كانوا على إطلاع على الحضارات الأخرى، وعلى إلمام ومعرفة بلغاتها ومع ذك اجتهدوا وسهروا الليالي، وتكبدوا المشاق ليضعوا رهن إشارة الأمة العربية علوما وأبحاثا تناولت الأرض والسماء، والطب والفلسفة والإنسان والكواكب والنجوم والرياح والمجرات بعربية فصحى حتى تخال أن واضعي ومبدعي تلك المعرفة عرب وما هم بعرب ولكنهم من حكام وعلماء ومتشددين جزوا رؤوس بعض كبار العلماء، والأئمة، والفلاسفة بدعوى الزندقة، ونشر الضلال وهذا حديث آخر له مقام آخر.
ما يهمنا اليوم ولا نقولها دفاعا عن العربية “فالله متم نوره ولوكره الكافرون” ولكن لنؤكد مدى ما وصل إليه الاستيلاب والاغتراب اللذان هويا بنا إلى الحضيض وإلى التبعية المقيتة المذلة حتى أصبحنا من ركائز الفرنكوفونية. وتصل الوقاحة بإحداهن من رموز الاقتصاد الوطني والتي يسرها كثيرا أن تخطب وتتحدث في الاجتماعات بلغة موليير حتى وهي في بلد عربي، أن يصل بها الأمر إلى نهر أحد المتدخلين في تجمع، وأن تأمره بالصمت أو الانسحاب بعد ما سأل الحاضرين، هل فهموا أشياء من خطاب السيدة التي كانت تتحدث بلغة أجنبية، هكذا يقوم دعاة التغريب بصد كل محاولات الرجوع إلى الأصل، ومخاطبة الناس بلغتهم بدل لغة النخبة الغارقة في الاستيلاب والبعيدة عن الجذور والأصل، ويكفي أن نجد أسماء جل المقاهي والمؤسسات والأسواق والمحلات العامة أجنبية فكأتنا لا نملك حتى اسما لمقهى تافه. وهنا أشد على يدي كل المدافعين عن أصالة اللغة العربية وضرورة اعتبارها وفق ما ينص عليه دستور البلاد وتاريخ المغاربة، وأخص بالذكر أستاذنا الكبير مصطفى الطاهري البقالي من هيئة المحامين بطنجة، لمواضيعه الشجاعة ودفاعه المستميت عن لغة الضاد قولا وفعلا، وإسهاماته الكتابية كثيرة في هذا المجال ولا غرو ولا عجب. فأستاذنا جال أطراف الدنيا شمالا وجنوبا وغربا وشرقا، واحتك بحضارات أخرى في ماليزيا واليونان وغيرها وفي كل مرة يعود إلى عشه وسربه آمنا يتحفنا ويزيده الأمر رسوخا في الدفاع عن اللغة العربية وهو الذي خبر لغات وحضارات شافاه الله.
وأخيرا وللقضاء المغربي رأي حاسم في الموضوع، حيث أدت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في شهر يونيو 2017 ويقضي بعدم مشروعية استعمال اللغة الفرنسية من قبل الإدارة المغربية .
والجدير بالذكر أن اللغة العربية هنا تستمد قوة ضرورة ووجوب استعمالها كلغة رسمية من قبل الإدارات والمؤسسات العمومية والخصوصية من مقتضيات الفصل الخامس من الدستور، وكذلك الحكم القضائي الجديد الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بموجب القرار رقم : 256 المؤرخ في 31 يناير 2018. لذا أصبحت الإدارات والمؤسسات العمومية والخصوصية ملزمة بتحرير جميع أنواع المراسلات باللغة العربية، أمام هذا أصبح من واجب الحكومة والأجهزة التنفيذية الحرص على تنفيذ قرار محكمة الاستئناف الإدارية وهو في الحقيقة تفعيل للفصل الخامس من الدستور، لا عذر اليوم للحكومة والمسؤولين، ولا عذر للمؤسسات والإدارات العمومية والخصوصية وبالأخص الأبناك والمؤسسات المصرفية، والجمارك وإدارة الضرائب. ومن حق المواطن الدستوري والقانوني أن يرفض تسلم كل مطبوع أو مذكرة أو رسالة محررة بغير العربية، من حقه أن يعيد كل ما يتوصل به مكتوبا بلغة فرنسية إلى الجهة المرسلة، وإذا اتخذت ضده إجراء انتقاميا بدعوى عدم الأداء أو التماطل، أو … أو … من الحجج التي يتقنون اختراعها عليه اللجوء إلى القضاء لإنصافه أو لا، ولتعويضه عن الإزعاج والتشويش والادعاء الكاذب ثانيا.
لو قام كل مواطن بما يلزمه به ضميره وكرامته وتشبثه بقيمه وأصالته لعادت الأمور إلى نصابها، ولعاد الجميع إلى الجادة ولتقهقر دعاة التغريب والاستيلاب واللا كرامة. ..