التعليم الخصوصي… استنزاف وإشكالات
جريدة طنجة – إعداد : م.بديع السوسي ( التعليم )
الأربعــاء 25 أبريــل 2018 – 12:04:49
ـ هذا النوع من التعليم يطرح نفسه كبديل للتعليم العمومي الذي فقد مصداقيته.
ـ هذه المؤسسات تفرض ما تشاء من أثمان وأسعار في التسجيل والتعليم والنقل. .
وككل شيء فوضوي، لا يخضع لأي مراقبة قبلية أو بعدية، أو خلال الممارسة، فالمؤسسات إياها تعمل في حرية تامة فتفرض ما تشاء من أثمان للتسجيل والنقل والتأمين وزد على ذلك، تفرض ما تشاء من مناهج متأثرة غالبا بالتيارات الهابة من فرنسا حتى وإن كانت ثقافة ولغة هذا البلد الاستعماري. قد انحسرت عن كثير من بلدان العالم، وتراجعت لفائدة اللغة الإنجليزية التي بدأ الفرنسيون يقبلون على تعلمها باعتبارها لغة العصر. لغة العلوم والثقافة، وبدأ انتشار هذه المؤسسات بشكل مريع وكثيف وكم من مهاجر استثمر أمواله في هذا المجال حتى وهو بعيد كل البعد عن المجال التعليمي والتربوي، ولكنه استثمار مبرح وكفى.
وأعرف من يسيرونه بعقلية تجارية، فتحوا مخابز ثم لجؤوا إلى التعليم الخصوصي يسيرونه بعقلية تجارية محضة لا أثر فيها للتربية أو التكوين أو التعليم، في حين لجأ تجار ورأسماليون آخرون إلى تكليف رجال تعليم متقاعدين بالإشراف على مشاريعهم التعليمية، ولكن يظل التسيير بيدهم، وتظل العقلية التجارية هي المهيمنة.
يطرح هذا النوع من التعليم نفسه كبديل للتعليم العمومي الذي فقد مصداقيته ووهجه، وتراجع دوره، وأصبح ساحة مشرعة على موبقات الزمن الرديء من تحرش جنسي، واغتصاب، واعتداء على الأطر التعليمية، وعمليات غش وتدليس مما أفضى إلى وضعية كارثية يعاني منها هذا التعليم الذي أصبح في خبر كان والذي نعمنا بثماره اليانعة في الستينات حيث كاد المعلم أن يكون رسولا.
وحيث كنا نحترمه ونجله ونقدره ونقلد كل حركاته وسكناته، لأنه كان القدوة، وكانت الفضيلة والأخلاق مجسدة. فإذا به يتحول في عصرنا الحاضر إلى وحش كاسر متعطش لافتراس اللحم البض الطري. طبعا نقصد البعض وليس الكل، فالخير باق ما بقيت الحياة، وتحول التلميذ والتلميذة في بعض المؤسسات والمدن إلى مدمنين ومتسلحين بشفرات حلاقة، وقطع حشيش..
انظروا إلى أبواب الإعداديات عند انطلاق جحافل الخروج وما يحدث، لذا أصبحت الأسر المغربية رغم محدودية دخلها تلجأ إلى المؤسسات الخصوصية رغم علاتها، فهي على كل حال أفضل من ساحات داخل المؤسسات العمومية. إشكاليات المؤسسات الخصوصية كثيرة، أطرح إحداها، فهناك أستاذة مثلا قضت سنوات طوال تدرس في مؤسسة خصوصية ما، ولكن المشرف أو المسير للمؤسسة أو المستثمر لها، يجدد معها عقد العمل كل سنة، فإذا استغنى عن خدماتها لا يدفع لها إلا مستحقات السنة المتعاقد عليها ضاربا بالسنوات الطوال عرض الحائط، لأنه كان يجدد عقدها كل سنة.
الخلاصة أن المشرف كان يؤدي كل مستلزمات التقاعد والمرض وغيره، ولكنه عند الاستغناء عن خدمات الأستاذ أو الأستاذة لا يدفع سوى مستحقات السنة.
السؤال : لماذا لم يكتف المسير بالعقد الأول عند بداية العمل، ولجأ إلى تجديد العقد كل سنة؟
بعض الأساتذة محرومين من التغطية الصحية، لأن المسير يصرح للضمان الاجتماعي متى شاء، وينقطع عن ذلك متى شاء,
أستاذة أصيبت بمرض خبيث في إحدى ثدييها، كانت توجه ملف مصاريف أدويتها لمصحة الضمان الاجتماعي وتتوصل تباعا بتعويضاتها إلى أن أعيد إليها الملف في إحدى المرات بدعوى أن إدارة المؤسسة التي تشتغل بها لم تعد تؤدي لمركز الضمان الاجتماعي اشتراكها هذا، لأن المستثمر كان بحاجة إلى السيولة فتصرف هذا التصرف.
هذه إشكالات يعرفها الراسخون في أمور المؤسسات الخصوصية واستثماراتها.
بقي أن نشير تجنبا للإطالة أن هذه المؤسسات المنتشرة في الزوايا والأركان، تفرض ما تشاء من أثمان وأسعار في التسجيل والتعليم والنقل، فهي لا ترتكز على سند ولا مقياس ولا ضابط من طرف الأوصياء، كما لا تخضع لأية مراقبة للأسعار والمناهج وطرق التدريس. هي في الحقيقة جبل جليد يخفي غابة كثيفة من الأشجار و الأحراش والمطلبات.
هي كحالنا في كثير من المجالات فوضى في فوضى ورغم المجالس واللجان والتعويضات الخرافية الممنوحة لهياكل محنطة، فإن التعليم في بلادنا بنوعيه العمومي والخاص سيظل كارثة ووصمة عار..