توشيح نقابة محامين مدريد للشريف الأستاذ عبد الهادي بركة
جريدة طنجة ( عبد الهادي بركة )
الـثلاثــاء 13 مــارس 2018 – 12:05:27
تَـزخـر الـذاكـرة المغربيـة بحَملها أسماء عديدة ظلت دائمة الحضور في تاريخ المملكة نظرا لما قدمته من خدمات إنسانية جليلة كل حسب موقعه ومهامه الفكريةوالاجتماعية والسياسية وهناك العديد من الأعلام الذين فاقت شهرتهم الموقع الجغرافي وامتد تمثيلهم إلى خارج البلاد ومن بين هاته الأسماء النقيب الشريف الأستاذ عبد الهادي بركة الذي وشحته مؤخرا مؤسسة قانونية مرموقة على الصعيد الدولي وهي نقابة المحامون بالعاصمة الإسبانية مدريد ويعد هذا التكريم والتوشيح هو الأول من نوعه في تاريخ المؤسسة لمحام مغربي. وقد لقي اهتماما كبيرا في الوسط الإسباني بمستوياته الثقافية والإعلامية والسياسية وذلك لما قدمه الأستاذ النقيب من خدمات جليلة للجسم القضائي داخل المغرب وخارجه حيث رافع عن قضايا مهمة استأثرت الرأي العام ليس في قطره فقط بل في باقي الأقطار المجاورة كالجزائر وإسبانيا وغيرها ولعل من أبرز القضايا التي رافع فيها الأستاذ ودافع عنها بحس إنساني ووطني قل نظيره قضية اغتيال المرحوم، الزعيم الوطني والمجاهد الشريف محمد خيضر وهو من الرواد الطلائع للثورة الجزائرية واقترن اسمه باسم الزعماء الخمسة لهذه الثورة ونعني هنا: بن بله، وآيت احمد، وبوضياف، وبيطاط، ومحمد خيضر دفين مدينة الدار البيضاء. وقد حفظ لهم التاريخ مواقفهم المشرفة في الدفاع عن قضيتهم الوطنية حتى نالوا استقلال بلادهم من بعد نكبات عديدة مرت بهم كان من أبرزها اختطافهم من متن الطائرة بعد اجتماع تطوان الذي انعقد بدار الشريف الحاج سيدي محمد بركة والد النقيب الشريف عبد الهادي بركة، هذا الجمع المبارك الذي ترأسه سمو الأمير ولي العهد الحسن الثاني قدس الله سره، وباقي الزعماء الوطنيين ، الدكتور عبد الكريم الخطيب، و الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، و الدكتور حافظ إبراهيم من تونس، وثمن هذا الاجتماع بجمع ثاني للزعماء الخمسة مع المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه في قصر دار السلام بالرباط، وكان من بين النقط التي اتفق عليها في هذا الإجتماع هو اللقاء الثاني مع المغفور له محرر البلاد الملك محمد الخامس طيب الله ثراه ثم قرر بعد ذلك عقد مؤثمر شمال المغرب العربي للزعماء الخمسة بتونس مع رئيس الجمهورية والزعيم الحبيب بورقيبة، ولم يكتب له النجاح لأن الزعماء الخمس اختطفوا على متن الطائرة من قبل الحكومة الفرنسية التي زجت بهم الى السجن ولم يطلق سراحهم إلا بعد التفاوض على استقلال الجزائر، ليتم بعدها مباشرة تعيين المرحوم المجاهد محمد خيضر كاتبا عاما لحزب الجبهة الجزائري، الشيء الذي نتج عنه خلاف بين المرحوم الحامل للواء الدفاع عن استقلال الوطن ووحدته وبين الهواري بومديان محدث الانقلاب العسكري بالجزائر، فكان أن اتجه الزعيم خيضر إلى إسبانيا طالبا للجوء السياسي بها ليتم اغتياله في ذلك العهد وينقل جثمانه الشريف إلى المغرب بإشراف وعناية مولوية وذلك لما كان يتمثل به المرحوم من محبة صادقة للمغرب وملكه ومن أخلاق وطنية عالية مشهود له بها بين أقرانه ومعاصريه وقد وري الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء مجاورا الزعيم الوطني الشهيد الزرقطوني وحضر جنازته تلة من خيرة رجال البلد من الحركة الوطنية ومقاومي وأعضاء جيش التحرير وعدة شخصيات أخرى من داخل المغرب وخارجه.
لتطلب بعدها السيدة زهراء خيضر أرملة المرحوم محمد خيضر من الأستاذ النقيب عبد الهادي بركة أن يترافع عن قضية اغتيال زوجها هو والأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الجنائي دروسال، في قضية شغلت الرأي الدولي وتبين أن من قام بها هي المخابرات الجزائرية انتقاما من وطنية الرجل التي لم تسمح له بانقلاب عسكري قاده بومديان وأعوانه. مم جعل الدولة الإسبانية تفتح تحقيقا في الذي حصل جريمة مما شغلت الصحافة الإسبانية ونشر قائمة بأسماء الشرطة والمهام التي قاموا بها وكان على رأس القائمة المكلف بالشؤون الثقافية الذي تبين أن مهمته الحقيقية ليست الثقافة وشؤونها وإنما التخابر. ونظرا لأن القانون الإسباني لا يمكنه أن يصدر حكما إلا بعد القبض على الجاني مرتكب الجريمة ظل الملف مفتوحا.
لتعد هذه القضية من المرافعات الكبرى التي قام بها الأستاذ النقيب والبرلماني السابق عبد الهادي بركة ولقيت اهتماما كبيرا في الوسط السياسي والإعلامي داخل التراب الإسباني وخارجه. وما التكريم والحفاوة التي وشح بها مؤخرا من طرف الهيأة النقابية للمحامين بالعاصمة الإسبانية مدريد إلا نموذج صادق للتضحيات الجليلة والمعارك الوطنية التي خاضها الأستاذ النقيب وجعلته سفير بلده وممثلها في القيام الوطنية الصادقة والحس الإنساني الرفيع. وكانت رسائل الشكر والتقدير الكبير للأستاذ تتوافد عليه من طرف أسرة الزعيم المرحوم محمد خيضر وبعض الأحزاب الوطنية الجزائرية. لتظل هذه المنقبة الحميدة شاهد إثبات على ما قدمه الرجل خدمة للوطن ورجاله.
وقد جـاءَ هذا التوشيح مكملا لما كرم بها الرجل في مسيرته المهنية من توسيمات جليلة وكبيرة تخلد مكانته الوطنية. وما الوسام الملكي للملك محمد السادس نصره الله، ووسام ملك إسبانيا خوان كارلوس إلا دليل صادق على نبل الرجل ووفائه في خدمة القضايا القانونية بحس إنساني وأخلاق نبيلة استمدها من مدرسة المقاومة وجيش التحرير رفقة والده المنعم الشريف سيدي الحاج محمد بركة.وللتذكير قام الشعب المغربي وراء المغفور له الملك محمد الخامس بمظاهرات كبيرة ضد فرنسا آنذاك ضد جريمتهم النكراء..