أين نساء المغرب العميق من عيد المرأة ؟؟؟
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( عيد المرأة )
الخميــس 08 مـارس 2018 – 11:00:26
في عيد النساء هذا كم من امرأة قبلت وردتها الحمراء وتسلت بها طوال اليوم بعدما أهداها إياها أخ أو زوج أو قريب، وكم من امرأة بالمقابل فرض عليها واقع المغرب العميق أن تقبل دموعها، دون أن تجد من يكفكفها، وتجد فقط من وما يزيدها غزارة وانهمارا.

في هذا العيد كم من امرأة ضمت إلى صدرها بانتشاء رسالة خطت كلماتها من ذهب بيد زوج حريص على دغدغة مشاعرها وتذكيرها برابطة الحب المقدس الذي يجمعهما، وكم من امرأة إنزوت ككومة من القش في ركن البيت باكية منتحبة بعدما احتضن جسمها الذابل الركلات والصفعات، وشنفت آذانها بكلمات الويل والثبور، لا لشيء إلا لأنها كسرت كأسا أو صحنا أو أحرقت طعاما، أو رفعت ـ ناسية ـ صوتها فوق صوت سي السيد.
في هذا العيد كم من امرأة حملت صورتها الكاميرات والهواتف النقالة، وهي تحتفل بهذه الطريقة أو تلك بما تراه عرسها، رافلة في زينتها، تتلألأ حليها التي تطوق معصميها وجيدها تحت الأضواء الكاشفة، وكم من امرأة حملت حزمة الحطب على ظهرها وطوقت عنقها بحبل من مسد الفقر المدقع والتهميش والهشاشة، وناءت بحملها الثقيل بين الفجاج والشعاب، لتصلى نارا ذات لهب في عتمتها، تلهب قلبها المكلوم قبل أن تلهب الحطب، وتهزها هزا، وتحفر في نفسها أخاديد عميقة، وهي الوحيدة في عذابها، لا تجد من يعينها أو يشاركها في النوء بحملها الثقيل.
في هذا العيد كم من امرأة رفعت عقيرتها عاليا مطالبة المساواة مع الرجل، منددة بكل جرأة بالعقلية الذكورية والمجتمع الأبيسي، وسط تصفيق جمع المذكر ومباركته للشجاعة الأدبية، قبل جمع المؤنث، وكم من امرأة رميت بعبارات الكفر والردة لمراجعتها أمر زوج خدعوها حينما قالوا لها إن طاعته مقدمة على طاعة الله، وإن التردد والتلكؤ في الإستجابة الفورية لإيماءاته يوجب صقرا في الدرك الأسفل من النار.
قانون محاربة العنف ضد النساء
قبل أيام تمت المصادقة على قانون محاربة العنف ضد النساء، هذا القانون الذي قالت عنه المنظمة الدولية “هيومن رايتس ووتش” أنه رغم إيجابيته، إلا أن فيه “ثغرات” لا تحمي المرأة من ناحية أمنية ومن ناحية إجتماعية، مما يضطر بعض الناجيات من العنف “للعودة إلى المسيء لهن”.
و أصدرت المنظمة الدولية “هيومن رايتش ووتش”، بلاغا تحدثت فيه عن وضعية المرأة بالمغرب، وجاء فيه أن القانون الذي صادقت عليه الحكومة مؤخرا (14 فبراير)، حول محاربة العنف ضد النساء، “يعترف ببعض أشكال الإساءة التي تواجهها نساء كثيرات من قبل أزواجهن وأسرهن”، منبهة إلى وجود بعض “الثغرات القانونية”، التي “يجب أن يعالجها المغرب، لضمان حماية جميع الناجيات من الإساءة، ولقيام الشرطة والنيابة العامة بعملها”.
وفي ظل القانون الجديد الذي “يجرم بعض أشكال العنف الأسري، وينشئ تدابير وقائية، ويُوفر حماية جديدة للناجيات”، ترى المنظمة أن “القليل من الناجيات يستطعن رفع دعوى قضائية للحصول على الحماية”، مضيفة أن القانون “لا يُحدد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء”.
المنظمة الدولية التي أشارت في بيانها، أنها قابلت 45 شخصا في المغرب، من بينهم 20 امرأة وفتاة عانين من العنف الأسري، في شتنبر 2015، “وصفن تعرضهن لللكم، الركل، الحرق، الطعن، الإغتصاب، أو لشكل آخر من المُعاملة السيئة من قبل أزواجهن أو أفراد أسرهن”، نوهت بإيجابية القانون الجديد من حيث تعريف العنف ضد المرأة، لكنها تعتبره “لا يُقدم تعريفا للعنف المنزلي ولا يُجرم صراحة الإغتصاب الزوجي”.
-حماية السلطات الأمنية لا تكفي !
بحسب المنظمة، فإن القانون ألزم السلطات العمومية باتخاذ تدابير وقائية لمعالجة قضايا المرأة والطفل، غير أنه “لا يتضمن آليات لمراقبة الوحدات أو اللجان، أو مساءلة السلطات إذا لم تقُم بواجباتها”، وفق البيان ذاته.
“هومن رايتش عووتش”، تشير أن معظم النساء بالمغرب، “يتنازلن عن الدعاوى القضائية القليلة التي رفعنها نتيجة ضغوط من أسرهن، أو أسر المعتدي عليهن، أو لأنهن يعتمدن ماليا على من يسيئون معاملتهن”، من جهة أخرى، أضافت المنظمة أن القانون “لا يوفر أيضا المساعدة المالية للناجيات”، كما أن دور الحكومة “غير محدد بوضوح”، فيما يتعلق “بتوفير الدعم والخدمات للناجيات من العنف الأسري، بما في ذلك المأوى، الخدمات الصحية، الرعاية الصحية النفسية، المشورة القانونية، والخطوط الهاتفية لحالة الطوارئ”.
وتقدر “هيومن رايتس ووتش” وجود أقل من 10 مراكز إيواء في المغرب، تقبل الناجيات من العنف الأسري، “وهي محدودة القدرات”، مضيفة أن هذه المراكز تديرها منظمات غير حكومية، “لكن عددا قليلا فقط منها يتلقى تمويلا حكوميا”. مما يضطر العديد من الناجيات من العنف الأسري إلى “العودة إلى شركائهن المُسيئين لأنهن لا يملكن أي وسيلة أخرى”، تؤكد المنظمة.
المنظمة في بيانها شددت على أن حماية الفتيات من العنف الأسري “لا تتطلب تغييرات قانونية فقط، بل التمويل والدعم السياسي للإنفاذ والخدمات”. وبهذا الصدد تشير المنظمة أن الحكومة المغربية رغم اعتمادها هذا القانون، إلا أنها “مطالبة الآن بتنفيذه وتوسيع نطاق الحماية”.
نساء المغرب المحنطات في ثوب الإقصاء، من أجلهن نتوجه، دوما وأبدا وليس في هذه المناسبة فقط، بكل عبارات الإحترام والإجلال والتقدير لهؤلاء اللواتي كتب عليهن الشقاء وهو كره لهن، وكتب عليهن أن ينتقلن بين الخطوب والمآسي في غسق الظلام، دون أن يجدن من يسلط عليهن الأضواء الكاشفة لينقل إلى الآخرين صورة مأساة تأكل الطعام وتمشي في الأسواق…

















