من المسؤول عن تفاقم الجرائم في طنجة؟
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( الجريمة بطنجة )
الأربعــاء 07 مـارس 2018 – 10:15:28
تصاعد أعداد جرائم القتل في طنجة أصبح لافتا، و لو عصرنا بعض الجرائد لسال الدم منها، من كثرة صور القتلى.
تتشابك الكثير من العوامل في ارتفاع معدلات الجرائم في طنجة، ترتبط بما هو نفسي واجتماعي وبتغيرات بنية المجتمع الطنجي في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل الإقدام على الأفعال الإجرامية أكثر «بساطة» بالنسبة إلى مقترفيها، هذا و إن أسندنا كل الجرائم لأبناء طنجة، لأن الهجرة نحو هذه المدينة أثرت بشكل كبير على ثقافتها و نمط عيشها و أسلوب حياة أبنائها.
إرتفاع معدلات الجريمة في السنوات الأخيرة بطنجة، يرجع بالأساس إلى النمو الديموغرافي والإقتصادي الذي شهدته طنجة، والذي أدى إلى تغيرات في البنية الإجتماعية، أدّت إلى «خلخلة» التوازن الذي كانت تعرفه المدينة وأصبحت العلاقات الإجتماعية أقل عاطفة و أكثر مصلحة، وتراجع ما يسميه علماء الإجتماع «الضبط الإجتماعي غير الرسمي»، وبالتالي تزايد السلوك الإنحرافي والإجرامي في المجتمع.
ما تشهده مدينة طنجة حاليا من جرائم هو نتيجة لانهيار الوسائل التقليدية للضبط الإجتماعي، فضلا على تزايد حركية السكان وطغيان قيم الفردية والتركيز على الماديات والتنافس في هذا المجال، فسكان المدن، لاسيما الكبيرة منها، يُقيـّمون بعضهم بناء على هذه المعايير، وهذا التركيز على الأموال والممتلكات يؤدي بالبعض إلى سلوك طرق غير شرعية، من بينها القتل بدافع السرقة أو بدافع الحسد.
واعتبر باحثون في علم الإجتماع المهتمين بقضايا الجريمة والإنحراف، أن وسائل الإعلام تلعب دورا مُهمّاً في ارتفاع معدلات جرائم القتل في مدينة طنجة، فجرائد الأرصفة لا تخلو في أي يوم، من أخبار حول الجرائم، يتم تقديمها واستعراضها بطريقة فجـّة دون تحليل عميق، من أجل الوقاية والحيلولة دون مرور المتلقي إلى السلوك الإنحرافي.
أما دَور الأسرة، فقد تخلـّت عن أدوارها في الحفاظ على الثقافة الإجتماعية وتحيينها بما يخدم السلوك السليم في المستقبل، كما أن المدرسة فشلت، هي الأخرى، في المساهمة في التربية والتنشئة الإجتماعية، وهو ما أدى إلى تشظـّي المجتمع.
و نستغرب في الوقت نفسه، الطريقة التي «تـُسوَّق» بها المؤسسات السجنية في وسائل الإعلام، عبر «إظهار سجناء يتمتعون بمميزات كثيرة، من تعليم وتكوين مهني وزيارة بعض الفنانين والشخصيات الإعتبارية في المجتمع، وهي أمور قد لا تتوفر للفرد خارج السجن، كما أن حصول السجين على التغذية والرعاية المجانية داخل السجن يدفع البعض إلى تفضيل «الإقامة» داخله، فيعود لارتكاب جرائم في كل مرة.
وليست الجرائم ضد الغير وحدها التي تزايدت في طنجة في الآونة الأخيرة، فمحاولات الإنتحار، الناجحة والفاشلة، تزايدت بدورها، وهو ما رد فعل تجاه الإحباط وعدم تحقق الأهداف الفردية أو الأسرية، إلى جانب تعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة، و عوامل نفسية التي تعطي المشاكلَ حجما أكبر من حجمها الطبيعي وتدفع صاحبها إلى التفكير في وضع حد لحياته.
و هنا ندعو إلى إعمال الشفافية في تناول المشاكل الإجتماعية وإحلال العدالة داخل المجتمع من أجل الحد من انتشار الجريمة. كما نطالب بإعادة النظر في المؤسسات العقابية وبالإهتمام بالمواطن على كل المستويات، المادية والمعنوية، وبإعادة الإعتبار إلى مؤسسات المجتمع والدولة، بما فيها المدرسة والإعلام، وإعطاء عناية خاصة لمشاكل الشباب وإعمال تنمية حقيقية تنطلق من الإنسان وتعود إليه.
جرائم هذا الأسبوع تفرقت بين مقتل تلميذ أمام مؤسسته التعليمية بمسنانة إثر طعنة مميتة، شاب آخر يقتل بواسطة السلاح الأبيض بحي المصلى، و شاب تعرض للإعتداء بواسطة آلة حادة من طرف امرأة تبين فيما بعد أنها حماته، فضلا عن جرائم العنف و التحرش و السرقة تحت تهديد السلاح الأبيض، فيا ترى متى سننقذ أبناء هذه المدينة و ننقذ أنفسنا؟؟؟؟…..