محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي (“تنظيم النسل”)
الثلاثاء 13 مــارس 2018 – 12:00:06
وحتى لا تُظن بي الظنون، وأحسب على الداعين إلى تحديد النسل، الذي يقف منه قطاع عريض من المسلمين موقف المعارض، فإني أرجع إلى بعض ما كتبه العلامة الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب: “المُغني عن حمْل الأسْفار في الأسفار، في تخريج ما في الإحياء من الأخبار”، في باب تفسير آية (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) إذ قال : وهذا منع من العضل ونهي عنه، وفي تفسير قوله تعالى (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) قال أبو حامد : ذكر ذلك في معرض الامتنان وإظهار الفضل ومدح أولياءه بسؤال ذلك في الدعاء، ويضيف الإمام قائلا : إن الله تعالى لم يذكر في كتابه من الأنبياء إلا المتأهلين، فقالوا إن يحيى عليه السلام قد تزوج ولم يجامع، قيل إنما فعل ذلك لنيل الفضل وإقامة السنة، وأما عيسى عليه السلام فإنه سينكح إذا نزل الأرض، ويولد له .
و يرجع الإمام الغزالي إلى الأخبار ذاكرا منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم (النِكــاح سُنتي فمن رغب عن سُنتي فليس منّي وإن من سنتي النكاح فمن أحبني فليستَنَ بسُنّتي)، ولم يسْهُ الغزالي عن ذكر الآثار، إذ استشهد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لا يمنع من النكاح إلا عجز أو فجور) وقول ابن عباس (لا يتم نُسك الناسك حتَّى يَتَـزوج) مُعتبرا أنه جعل النكاح من النسك و تتمة له، ويقول الإمام الغزالي، في سياق الحديث عن المتأهل، إن فضله على العازب كفضل المجاهد على القاعد، وركعة منه خير من سبعين ركعة من عازب !
غير أن الإمام أبا حامد سرعان ما يأتي على حديث يقول (يأتي على الناس زمان يكون هلاك الرجل على يد زوجته وأبويه وولده يعيرونه بالفقر ويكلفونه ما لا يطيق فيدخل المداخل التي يذهب فيها دينه فيهلك) مضيفا أنه جاء في الخبر: قلة العيال أحد اليسارين، وكثرتهم أحد الفقرين.
إذا كان الموروث الديني المرتبط بعقيدة الإسلام يحث على الزواج، بل يعتبره من مكملات الدين، وإذا كان نفس الموروث يحذر من تداعيات الأولاد الناتج حتما عن النكاح، فأي موقع يجب أن نتخذه في الوقت الراهن، هل نستمر في التناكح و التناسل ليباهي بنا الرسول الأمم يوم القيامة؟ أم أن علينا أن نحذر من الزمان الذي فيه هلاك الرجل على يد زوجته وولده؟
اللهم اغفر لي ولكم..