فرنسا 1998 جمعت بين العمل والفرح والانتصار
جريدة طنجة – حوار مع : لورون بلان ( “حوار السبت” )
الجمعة 23 فبرايــر 2018 – 11:02:24
تحلم فرنسا برؤية كيليان مبابي، واحد من النجوم الواعدة في عالم المستديرة الساحرة، يساعدها على الفوز بكأس العالم روسيا 2018 FIFA بعد 20 عاماً على تتويج كتيبة الديكة على أراضها. لم يكن هذا المهاجم الشاب قد وُلد بعد، عندما قام لوران بلان في يوم 12 يوليو 1998 برفع الكأس العالمية الأول والوحيدة لمنتخب فرنسا حتى الآن. ولكن مثله مثل كل عشاق كرة القدم في فرنسا، يحفظ عن ظهر قلب جميع القصص المرتبطة بهذا التتويج الأسطوري، خاصة تلك المتعلقة بـ”الرئيس”، مثل هدفه الذهبي في الدور ثمن النهائي ضد باراجواي أو البطاقة الحمراء التي تلقاها في الدور نصف النهائي ضد كرواتيا، مما حرمه من خوض المباراة النهائية. مر عقدان من الزمن، وأصبح المدافع الأوسط السابق مدربا ناجحا، وقام مؤخراً بدور المساعد في سحب القرعة النهائية لكأس العالم روسيا 201. وهكذا اقترب لوران بلان مرة أخرى من الكأس التي أهدته الكثير من الفرح والذكريات، مثل تلك التي يحكي عنها اليوم لموقع “فيفا .كوم” بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لتتويج الديكة…
بعد عشرين عاماً من نسخة فرنسا 1998، كيف تلخص هذه التجربة في ثلاث كلمات؟
العمل، الكثير من العمل، خاصة قبل نهائيات كأس العالم. ويعود الفضل في نجاحنا أيضاً إلى الإعداد الذي كان شبه مثالي. لقد أتاح لنا المدربون إعداداً صعباً، وهذا ما جعلنا نكون في أفضل أحوالنا. وخير دليل على ذلك تلك المباراة الأخيرة ضد البرازيل حيث كانت سيطرتنا البدنية واضحة جداً. كلما تقدمنا المنافسة، كلما تحسّنت أكثر إمكانات الفريق. هذا إلى جانب الأجواء المرحة. فقد عشنا أشياء كثيرة، ولفترة طويلة معاً، وهذه أمور لا يعيشها أي فريق. تم إنشاء علاقات وطيدة، وبالتالي مجموعة قوية. ودون أن ننسى روح الفوز التي كانت حاضرة في نهاية المطاف، وهذا هو أهم شيء في الرياضة. إذ يُبذل الكثير من الجهد، ولا يفوز سوى فريق واحد في النهاية. وقد حصلنا على شرف تحقيق الغاية المنشودة، وعلى أرضنا. الفوز بكأس العالم شيء رائع. أما الفوز بها على أرضك فهو أمر أكثر من رائع: المزيد من الفرح، المزيد من المشاعر، والمزيد من كل شيء.
لعبت دوراً حاسماً في الدور ثمن النهائي 16 ضد باراجواي بتسجيلك الهدف الذهبي. ما هي الذكريات التي تحتفظ بها عن هذه المباراة؟
قبل تذكر الهدف، أتذكر أن المهمة كانت صعبة جداً. فقد كانت المباراة الأصعب لنا من حيث هزّ شباك الخصم. ولعلها المواجهة الوحيدة في البطولة التي لم نتمكن خلالها من السيطرة على أطوار المباراة. ولهذا كانت الفرحة بالهدف كبيرة بمقدار ما كانت المباراة صعبة. وفي تلك اللحظة بالذات شعرنا بأنه بإمكاننا الذهاب حتى النهاية. لقد أدركنا أن الحظ يقف إلى جانبنا.
ماذا كنت تفعل في مركز قلب الهجوم في تلك اللحظة من المباراة؟
لم يكن لدي أي شيء أفعله هناك! ولكن في مرحلة ما، يجب عليك محاولة تحمل المسؤوليات. عندما تنجح في المهمة يكون الأمر رائعاً. ولكن لو سجلوا هدفاً في مرمانا، أعتقد أنه كانت ستنهال علي الانتقادات! لكننا كنا نريد الفوز بهذه المباراة، لأنها فتحت لنا أبواب الدور ربع النهائي، وأعتقد أن البلاد أدركت أن منتخب فرنسا، بعد كل الانتقادات التي تعرض لها قبل المنافسة، بإمكانه الفوز بكأس العالم في نهاية المطاف.
في تلك الهجمة، نجح دافيد تريزيجيت في تمرير الكرة لك. ما هي حصته في هذا الهدف؟
عندما يكون الفريق الخصم منهكاً، يمكن للاعبين الجدد الذين يدخلون بروح متفائلة إحداث الفارق. في هذه المباراة، روبير بيريس ودافيد تريزيجيت، الذي كان حاضراً منذ بداية المواجهة، في قاعدة لعبا دوراً مهماً في تحقيق هذا النجاح. راوغ روبير لاعباً أو اثنين ومرر الكرة لدافيد، الذي كان ظهره إلى المرمى، ولم يكن بإمكانه فعله الكثير، ولكن كان ذكياً لأنه رآني متموقعاً أمام المرمى، ليمرر لي الكرة باتجاه رأسي. إن اللاعبين الكبار يفهمون الكثير من الأشياء في منطقة الجزاء، وبالطبع كان دافيد، داخل مربع العمليات، لاعباً كبيراً جداً…
في الدور نصف النهائي ضد كرواتيا، أفسدت حلاوة الانتصار بحصولك على البطاقة الحمراء. هل إدراكك أنك لن تلعب النهائي أفسد عليك فرحة التأهل؟
قلت هذا قبل 20 عاماً، وسأعيد قوله مرة أخرى بعد 20 عاماً، إنه خطأ ارتكبته. كان لدينا ركلة حرة، وبالتالي لم يكن يجب علي اتخاذ خطوة من ذلك القبيل (ضربة إلى وجه سلافين بيليتش)، على الرغم من أن اللاعب الكرواتي كان قد استفزني قليلاً… ولكن هذا الأمر يشكل جزءً من مشاركتي في كأس العالم ومن قصتي مع أم البطولات.
هكذا هي كرة القدم: عندما يتم طردك، لا يمكنك أن تلعب المباراة التالية. وعندما يحصل ذلك في الدور نصف النهائي، فإن المواجهة المقبلة هي المباراة النهائية… لقد ارتكبت خطأ، ولكن كان سيكون أسوأ لو خسرنا المباراة. لا يجب أن ننسى أنه في تلك المباراة، كنا منهزمين 1-0، وكانت هذه هي المرة الأولى التي نتأخر فيها في النتيجة. لكننا عرفنا كيف نستعيد توازننا ونعود في النتيجة، ثم نسجل الهدف الثاني وننهي المباراة –بسبب خطأ ارتكبته- بعشرة لاعبين ضد أحد عشر. ولكن مرة أخرى، كان النجاح حليفنا….
بعد عشرين سنة، شاركت بطريقة أخرى في كأس العالم، كمساعد في السحب النهائي. ما العلاقة التي تربطك بهذه المسابقة؟
عندما تفوز بكأس العالم، تتغير الكثير من الأشياء. تتغير حياتك كلاعب كرة قدم، كما تتغير نظرة الآخرين. فأنت لا تشكل جزءً فقط من عائلة كرة القدم الكبيرة، ولكن أيضا من العائلة الصغيرة التي تضم أولئك الذين فازوا بكأس العالم.
بعد عشرين عاما من نسخة فرنسا 1998، تبهر فرنسا الآن العالم أجمع بمواهبها الهجومية. هل القدرة الهجومية للفريق الحالي هي نقطة قوة يمكن مقارنتها بمثيلتها الدفاعية لفريق 1998؟ 1998؟
نعم، ولكن من الأفضل أن يكون لديك قوة هجومية، لأنه من الصعب الحصول عليها. العثور على لاعبين يدافعون بشكل جيد، ليس بالأمر السهل، ولكنهم أكثر عدداً من اللاعبين الموهوبين الذين يسجلون الأهداف. كما أن تجنب استقبال الأهداف يبقى أسهل من تسجيلها.
هل يملك الجيل الحالي الموهبة الكافية للفوز بكأس العالم؟
نعم، لديه الموهبة. من الناحية الهجومية، هناك عدد قليل من الفرق التي تملك مثل هذه الإمكانات. ولكنهم يفتقرون إلى النضج والخبرة، لأنهم لاعبون شباب، لذلك لا يمكننا أن نطلب منهم أن تكون لديهم الموهبة وروح الشباب، والخبرة أيضاً. فهذا أمر غير ممكن. إذا حصلنا على مزيج جيد بين اللاعبين من ذوي الخبرة، وهؤلاء الشباب الذين هم موهوبون جداً، سيكون لدينا فريق مثير للاهتمام. ولكن إذا تحدثنا بكل موضوعية، فإن هناك فرقاً مرشحة أكثر من فرنسا. لكن فرنسا لديها القدرة على القتال بشراسة، وأعتقد أن الخصوم يدركون ذلك الآن، وهو أمر جيد كخطوة أولى.