المغامرون الجدد..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( )
الـثلاثــاء 06 فبراير 2018 – 11:21:06
فعندما يُبادر، على سبيل المثال، كاتب فرع حزب العدالة والتنمية بجماعة المنزلة، بالتهجم على نائب وكيل الملك لدى ابتدائية أصيلة، ويتهمه بشكل صريح بكونه متورط في تحريف التحقيق الجاري حول نـازلــة الاعتــداء الذي تعرض له قائد دار الشاوي، قبل أيام، فهذا معناه أن البعض أصبح يتخذ من الانتماء لحزب المصبـاح وسيـلة للاستقـــواء على مـــؤسسات البلد، مما يؤشر على تحول خطير في سلوكيات أمثال هذا المسؤول الحزبي، خاصة عندما يصل الأمر حد كيل الاتهامات إلى مؤسسة القضاء، التي يجب إبقــاؤُهـا بعيــدًا عن التجـاذُبــــات و الصـراعــات السياسية، فالقضاء يجب أن يحضى باحترام الجميع، أفرادا ومؤسسات أكانت سياسية أو إدارية.
الأخطر من ذلك هو هذا الصمت الذي لزمه الجهاز الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بطنجة، تجاه هاته الاتّهـامــات الخطيــرة، وفي غياب أي موقف من تصريحات المدعو يونس بوعصاب، فها ليس له إلا تفسير واحد، هو تزكية الاتهامات الموجهة للنيابة العامة، في رسالة واضحة على أن الحزب القائد للحكومة يُشَرعـنُ لمنـاضليـه استهداف المؤسسات الدستورية التي يجب أن تحضى بتقدير واحترام المواطنين العــاديين، فما بالك بالسياسيين.
يمكن أن نتفهم التجاذبـــات التي تقع بين الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين من جهة وبين السلطات العمومية والإدارة الترابية من جهة ثـــانية، لأن ذلك يدخل في صميم الحراك والنضال من أجل استكمال بناء دولة الحق والقانون، لكن أن يصل الأمر حد كيل الاتهامات الخطيرة لجهاز القضاء، فهذا يعني أن هناك من يسعى إلى شرعنة الفوضى، والتمكين لعقلية التحكم، وهذا سيؤدي حتما إلى نسف كل الجهود التي بذلها المغاربة طيلة عقود في سبيل ترسيخ دولة المؤسسات…
ما صدر عن هذا المسؤول الحزبي من اتهـامـــات، يكشف بكل وضوح عن رغبة دفينة لدى عدد غير قليل من المنتسبين لهذا الحزب في بسط سيطرتهم على المجتمع، وفـرض وصـــايتهم على مؤسسات الدولة، ضدا على القانــون…
وللإنصاف، فإن واقعة نائب وكيل الملك لدى ابتدائية أصيلة ليست تصَرُفــًا معــزولا، فقد تابَعنا كيف أن بنكيران، من مـوقعه كرئيس حكومة، لم يكن يتـردد في تـوجيه رسـائـل تهديد، مُبطنـة أحيـانــًا وواضحة تـــارة أخرى، لمن يهمُه الأمر، حينَمــا كـان يُلَـوّح بعـــــودة حراك 20 فبراير إن لم يتم الاستسلام لمطالبه، والتمكين لحـزبــه من أجـلِ التّحكُـم في مَفـاصــل الـدّولـــة و المجتمــع..
أمام هاته الانـزلاقــات الخطيرة، فإن الكرة الآن في مرمى الأجهزة التنفيذية لحـــزب العدالة والتنمية (إقليما، جهويا، ومركزيا)، التي يجب عليها أن تحدد موقفها من من هاته الاتهامات بشكل واضح لا لبس فيه، وأن ترتب القرار الملائم في حق مناضلي الحزب المتورطين في استهداف مؤسسات وإدارات الدولة.
لكن ما يدفع للخوف حقا، هو أن العديد من قيادات هذا الحزب، في مختلف المستويات، لازالت وفية لنهج التقية في ممارستها للعمل السياسي، حيث يصرون على إظهار عكس ما يبطنون..
وعندما يصر الفاعل السياسي اللعب على الحبلين، وانتظار الفرصة الملائمة للكشف عن وجهه الحقيقي، وانتهاز التوقيت المناسب لابتزاز الدولة، فاعلم أن هناك أمور لا تبشر بالخير، وأن هناك من يتربص الدوائر بهذا الوطن الآمن، ويدفع به نحو مغامرة غير مأمونة العواقب……