الفقر والصقيع….
جريدة طنجة – إعداد : م.بديع السوسي ( “الفقر والبرد” )
الجمعة 19 ينــاير 2018 – 16:50:25
ـ قالت وزيرة الأسرة والتضامن: إن من يربح 20 درهما في اليوم ليس فقيرًا ..
ـ لا تنمية إلا أن تكون تنمية مداخيل وموارد السادة المتخمين …
بالأمس القريب كانت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية تنكر وجود فقراء في المغرب، وكتبت في العدد الماضي من الجريدة (العدد 3986 الصادر بتاريخ 27 يناير 3018) لأن السيدة الوزيرة لا تكاد تنظر إلى حالة من لا يعرفون يسرا ولا ترفا، وسقت نماذج وأمثلة عن الفقر المدقع المنتشر بيننا، والساكن جبالنا ووهادنا… وعن ضحايا الخبز في معبر طراخال بالحدود الوهمية لسبتة السليبة، والجياع في جبال الثلج والصقيع… وأخيرا خرجت بتعريف أشد غرابة للفقير ولخارج خط الفقر، قالت : “إن من يربح 20 درهما في اليوم ليس فقيرا…” ، وسجلت قطاعات حكومية حسب معطيات إحصائية أوردتها جريدة “الأخبار” ارتفاع نسبة الفقر بالمغرب بوجود ما يزيد عن 4 ملايين فقير وحوالي مليون مغربي تحت عتبة الفقر، وأعتقد جازما أن العدد أكبر من هذا بكثير، فكثير من الحالات تظل بعيدة من الإحصاءات والأرقام الرسمية وشبه الرسمية، وهكذا وبالتواتر والواقع الذي لا يرتفع يتبين أن الأسرة والتضامن والمساواة، والتنمية الاجتماعية وهي الأوصاف الملتصقة للوزارة الاجتماعية إياها أوصاف بعيدة عن واقع الناس، وأنها ما نشيت يزين الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة العدالة والتنمية الاجتماعية، فالأسرة المغربية مفككة الأوصال، أجيال تسير في الاتجاه المعاكس، فلا تربية ولا أخلاق إلا من رحم ربك، والآباء والأمهات منشغلون بإكراهات الزمن الرديئ، التضامن مفقود والكل يغني على ليلاه، والكل يقول : نفسي نفسي أنا ومن بعدي، الطوفان تبددت لغة التكافل، والتضامن أصبح في خبر كان، ونأتي إلى المساواة وهي قمة العبث والاستهتار، فأين المساواة؟ إذا قصدنا الناحية الاقتصادية فالبون شاسع بين من يملكون ولا يملكون، خزائن عامرة وأموال منهوبة ومهربة، وجيوب مثقوبة لا يستقر فيها درهم ولا سنتيم، أما إذا قصدوا به المساواة بين الرجل والمرأة فقد تفشى المفهوم الخطأ وكأنها حرب بين الصنفين، وقد فهمت الكثيرات بأن المساواة تعني فعل كل شيء وهو ما أسقط الأخلاق في هذه الأغلال، وعندما نتحدث عن التنمية الاجتماعية فلا نجد أثرا لتنمية على الإطلاق إلا أن تكون تنمية مداخيل وموارد السادة المتخمين من علية القوم وهم في كل واد يهيمون، فأين نحن من أسماء وأوصاف لا وجود لها، وبقدر ما نسمع أصبنا بتخمة الدعايات المغلوطة، أما وسائل الإعلام فهي تشنف آذاننا يوميا بأرقام الملايير، والمشاريع، ثم نرى إلا السراب فعلى من يضحكون؟ في طنجة بقايا نافورات أضحت مزابل لا أعرف إن كان يمر منها مسؤولو الجماعة والمقاطعات وهو يرفلون ويتبخترون بسياراتهم الجديدة، أم يتجنبون رؤية ما يؤذي العين ويصيبها بالقذى أم على عيونهم غشاوة؟ وفي الكثير من المناطق والأحياء والزوايا آفات وتجاوزات ويبحث الناس عمن يخاطبون فلا يجدون، وفي كل آخر من هذا العدد لقطات سوداء من أحياء بمنطفتي السواني 2 والسواني 3 ورغم وجود إدارة ترابية وقائد وأعوان وقوات مساعدة فإن ما تشهده المنطقتين يؤشر لعدم وجود سلطة.
ولحد الآن ورغم كل النداءات والتجاوزات لا زال الملك العمومي في زنقة محمد كنون المجاورة لمسجد طارق بن زياد محتل بالكامل، ولا زالت متاجر ودكاكين هذا الممر تعرض بضائعها على الرصيف وتحتل بالإضافة إلى الرصيف جزءا من الشارع العمومي فلا يمكن مرور سيارة إسعاف أو وقاية مدنية. ويجد تلاميذ مدرسة رابعة العدوية صعوبة للمرور إلى مساكنهم مع ما يتلفظ به الباعة من كلمات وسباب وأوصاف تخدش الحياء. وتحرج النساء المارات. ويقع هذا تحت أنظار السيد القائد والسلطات الأخرى بدون أن يحرك أحد ساكنا لتغيير هذا المنكر فإلى من يلجأ السكان. طبعا فهم يتوسمون الخير في السيد الوالي ما دام أن الآخرين ومنهم الجماعة يحجمون عن القيام بمسؤولياتهم، وقد عرف عن السيد الوالي الحزم والعزم. ..