قرار تاريخي و بصيص أمل نحو مغرب عادل و ديمقراطي
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( ” مهنة “عدل” إمرأة ” )
الثلاثـاء 30 ينــاير 2018 – 11:17:03
و كان الملك محمد السادس، قد كلف وزير العدل محمد أوجار، بفتح خطة العدول أمام المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف منذ بضعة أشهر، حيث همّ الوزير مباشرة بإنجاز دراسة بالتعاون مع المؤسسات الدينية للإجابة فقهيا عن جواز توثيق النساء لهذه العقود.
وجاء القرار الملكي الذي تم الاعلان عنه في المجلس الوزاري، جاء ليضع حدا للجدل الذي رافقه منذ مدة، بسبب الخلاف الفقهي بين علماء الدين ومهنيي القطاع، حيث أن عددا من المعنيين رحبوا به خصوصا وأن القانون الجديد المنظم للمهنة أسقط شرط الذكورة في ممارستها، غير أن هناك من اشترط استثناءهن من إبرام العقود المتعلقة بالزواج والطلاق التزاما بالمذهب المالكي.
وكان قرار فتح الباب أمام المغربيات لممارسة مهنة العدول مثيرا للجدل قانونيا وفقهيا بين الممارسين لمهنة ظلت حكرا على الرجال لعقود، واعتبر مراقبون أنها خطوة جديدة على مسار الإعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل في جميع المستويات والإعتراف بأهمية المكانة العلمية للمرأة، وما برهنت عليه من كفاءة عند توليها مختلف المناصب الرفعية والحساسة.
وناصرت نساء هذا القرار التاريخي، واعتبرن أنه ليس هناك مبرر علمي للمواقف المتحفظة على هذه الخطوة، في حين أن المغربية أصبحت قاضية وتترأس أقسام قضاء الأسرة، كما يزاول العدول مهنتهم تحت وصاية القضاة وضمنهم نساء، و يرى عدد من الباحثين والممارسين لمهنة العدول أن اجتهادات العلماء وخبراء المجال القانوني كفيلة بخلق صيغ مناسبة لاشتغال النساء في مهنة العدل، دون تعارض مع تعليمات الدين الإسلامي.
وبرأي آيت سعيد وهو باحث بالمحكمة التوثيقية والمقاصد الشرعية ومؤلف كتاب “المرأة ومهنة العدول.. إشكالية الولوج بين الفقه والقانون والعرف” فإنه “لا بد من خلخلة البنية التشريعية والقانونية المنظمة لمهنة التوثيق الشرعي”.
وأضاف أن المشرع المغربي انفتح على حقول فقهية أخرى، حين خرجت مدونة الأسرة عن منظومة الفقه المالكي في موضوع تزويج الفتاة الراشدة لنفسها دون إذن وليها، وقال متسائلا “ألا يمكن القياس على هذا الإجتهاد على مستوى ولوج المرأة لمهنة العدول”.
وكشف رئيس الهيئة الوطنية لموثقي الزواج في المغرب، الدكتور مولاي بوشعيب الفضلاوي، أن لجنة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة أوصت بالسماح للمرأة بممارسة مهنة التوثيق التقليدي، موضحًا الفصل الـ19 من الدستور المغربي الذي يؤكّد على أن تعطى إلى المرأة إمكانية أن تكون عدلا، تماشيًا مع روح الفصل الـ19 من الدستور الذي ينص على أنه “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذلك في الإتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء”.
وأفاد الفضلاوي بأن الهيئة بصدد البحث عن مخرج لمعالجة الإشكالية، عن الغاية التي يراد منها أن تكون المرأة نصف عدل أو أقل من نصف عدل إذا أقصيت من توثيق الزواج والطلاق، وما هو الإشكال الدستوري أو القانوني أو الشرعي الذي يمكن اعتباره عائقا لممارسة المرأة لمهنة العدالة كاملة، مؤكّدًا على أنّ “المرأة المغربية شغلت منصب مستشارة للملك ووزيرة وسفيرة وعميدة الكلية وأستاذة جــامعية و ربـان وغيرها من المِهَن، كما أنَّهـا أضحـَـت مـوثقــة تبــرم جميـع العقـود المُسَمّــاة، ومنهـا البيــــع و الشــراء و الـرهن والهبة وغيرها من العقود.
فكيف لها كعدل أن لا تبرم عقود الزواج والطلاق؟، كما أن القاضية المغربية تقضي في الجنايات وفي الجنحي والتلبسي والإداري والتجاري والمدني والشرعي، حينما نتحدث عن الشرعي، فإننا لا نقصد هنا دعاوى الكفالة أو النفقة أو غيرها، بل نقصد دعاوى التطليق، التي تبت فيها المرأة منذ سنين، فكيف للمرأة أن تكون قاضية تبت في دعاوى التطليق، ولا يسمح لها أن تكون عدلا يوثق عقود الزواج والطلاق يؤذن بها ويخاطب عليها قاضي التوثيق في جميع الأحوال”، مختتمًا أنه “بدلًا من الكلام عن تحصيل الحاصل باعتبار أن المغرب سائر في طريق المناصفة، فإنه كان بودنا أن نعرف هل ستشهد المرأة بجانب المرأة أم بجانب الرجل أم بجانب أي منهما أم سنتجه إلى العدل الفرد كما هو الحال في التوثيق العصري؟”..