بين سنة وسنة
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي (تعويضات برلمانيينا (ممثلي الشعب) )
الجمعة 05 ينــاير 2018 – 16:45:00
ـ أما الشارع فينزل إليه المغاربة بكثافة لا للاحتفال ولكن للعربدة
ـ “من ابتلى منكم بهذه القاذورات فليستتر”
ـ استمر التشرذم العربي وهوان المسلمين، والمصيبة الأكبر ما مس القدس الشريف..
نحن كمسلمين أمرنا باحترام كافة الأديان السماوية وتقدير وإجلال واحترام الأنبياء المرسلين لأنهم كلهم حاملين لرسالة الهداية، ومبشرين بالواحد الأحد الذي كنت أذكر وأنا صغير بعض المشاهدات في ليلة يوم الميلاد، لا زلت أذكر بعض الإسبان من الشباب وهم يجولون أنحاء المدينة بأدوات تصدر أصواتا لم نعد نراها اليوم… وكان حفل التجوال ينتهي في البيت حيث الديك الرومي يتوسط المائدة وشجرة الميلاد المزينة بالأوراق الملونة والورود تنتصب عن كثب … وكان هذا يشكل دخلا لبائعي هذه الأشجار فضلا عن الورود. ورحل الإسبان بقضهم وقضيضهم وبقية الجاليات الأجنبية لا زالت تحتفل داخل بيوتها بتحضير أكلة الديك الرومي وشراء الورود وشجرة الميلاد إن أمكن، وتبادل الهدايا… كل هذا داخل البيوت والشقق… أما الشارع فينزل إليه المغاربة بكثافة للاحتفال ولكن للعربدة والشكر العلني.
ثم الحانات والفنادق حيث يختلط الحابل بالنابل، وتستيقظ الشهوات البهيمية، وينطلق الحيوان بقي من عقاله مستبيحا كل مكروه، ومقترفا كل حرام، ومتجاوزا كل الحدود. لقد رأينا في سنوات مضت كيف يعكف عمال النظافة على إزالة بقايا الجنون المعربد صبيحة يوم الميلاد من زجاجات ونفايات، وما لفظته أحشاء المخمورين في الليل السحيق، انعكف المعنيون بالأمر داخل بيوتهم في حفل أسري منضبط، وخرج من لا يهمهم الأمر ولا يعنيهم كالمجانين يمارسون ساديتهم على أنفسهم وعلى غيرهم فتتجند قوى الأمن لحماية المنشآت من هذه الغوغائية، وحماية أفواج السياح الذين يزورون البلد للاطلاع والاحتفال الهادئ في بلاد الشرق العربية.
قديما، منذ سنوات، يوم كان الطرب الجميل يصدح ويتهادى في الربوع والآفاق، يوم كان لا وجود للقفز والهز و”الشطيح” وتقليد القرود، والتنافس في تسريحة الشعر، يوم كان الرجال رجلا والفن كلمة ولحنا وصوتا شجيا سئل الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب رحمه الله ضمن حوار صحافي عن احتفاله بالسنة الجديدة. وهل يحتفل بحلولها أم لا؟ فأجاب: لما سئل مرة أخرى لماذا؟ أجاب هل تريدني أن أحتفل بسنة ضاعت من عمري أم أحتفل بسنة جديدة تقربني من القبر؟…
وللمحتفلين أطرح نفس السؤال : هل تحتفلون بعام مر ومضى وضاع من حياتكم. أم تحتفلون بعام يقربكم إلى مصيركم؟ طبعا لن أجد عندكم جوابا فأنتم لم تسألوا أنفسكم مرة هذا السؤال وأنتم لا تعرفون، بل ولا تحتفلون ولكنكم تقلدون، ولكن غيركم لا يفعل مثلكم. فمن تقلدون إذن؟
هي عادة يتفجر فيها المكبوت، فالذين كانوا يعانقون الخمر في بيوتهم أو في الملاهي يجدونها كل سنة فرصة للخروج إلى الشارع وكأنهم يحتفلون بانتصار. والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم حث على الستر والاستتار، لأن الجهر بالمعصية بعد تحديا لله، قال الرسول (ص): “من ابتلى منكم بهذه القاذورات فليستتر ” ويختصر البعض ” من ابتلى منكم فليستتر” وهكذا يكون الإثم والفعل بين المرء وخالقه خلافا للعلانية والجهر فإنه كبر وتعال وتحد لأمر الله.
يكذب من يدعي العصمة فكلنا خطاءون ولكن المعصية إذا استترت هانت.
وبما أننا نتبع ونسجل أحداثنا ويومياتنا وتفاصيل حياتنا بالتاريخ الميلادي وهو من بقايا الاستعمار وإرضاء العاملين والساكنين بيننا فإنني أتماناها سنة جديدة خالية من منغصات السنة الراحلة التي ابتلي العرب فيها بما لا طاقة لهم به، والتي استمر فيها التشرذم الغربي وهوان المسلمين وكانت آخر الأثافي المصيبة الأكبر ما مس القدس الشريف من إهانة ومذلة وسط مليار و200 مليون مسلم اكتفوا بالفرجة والصراخ والعويل.
سنة أتمناها لبلادي ووطني مكللة بالعز، طاوية المسافات لغد أفضل يحقق التقدم والرفاه وينقذنا من أخطبوطات الانتهازية ويندرج بنا في مدارج الرقي مع تشبثنا بقيم الأخلاق والدين والكرامة في عهد رائد البلاد وضامن وحدتها الملك محمد السادس حفظه الله. .