أحلام مؤجلة !..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( زلازل سياسية )
الجمعة 12 ينايـر 2018 – 09:51:15
لاشك أن خطاب العرش الذي ألقاه ملك البلاد يوم 30 يوليوز من السنة الفارطة، شكل تحولا جذريا في أسلوب تعاطيه مع الاختلالات التي تعانيها الإدارة المغربية، ومع الإفلاس الذي وصلته الطبقة السياسية…
وبعد التشخيص القاسي والصادم الذي قدمه الملك، فهم الجميع أن هذا الخطاب سيكون له ما بعده..
وذلك ما كان..
الزلزال الأول عصف بالعديد من الوزراء، منهم أعضاء في حكومة العثماني، ومنهم المنتهية مهامهم، على خلفيات نتائج التحقيقات حول مشروع تأهيل إقليم الحسيمة…
وقبل نهاية السنة ببضع أسابيع، ضرب زلزال ثان وزارة الداخلية، أو ما كان يطلق عليها بأم الوزارات، حصد وراءه وال وست عمال والعشرات من رجال السلطة بمختلف رتبهم(كتاب عامون، باشوات، قياد، وخلفان)، بناء على نتائج التحقيقات الميدانية التي أنجزتها الهيئات المختصة، حيث تبث لها ارتكاب المشمولين بقرارات التوقيف أخطاء جسيمة خلال ممارستهم لمهامهم…
لقد بدا جليا، أن بلادنا، بهذين الزلزالين، شرعت بصفة عملية في تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و “للي فرط يكرط”، ولذلك لقيت القرارات الملكية ارتياحا كبيرا في صفوف الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي..
المغاربة عندما صفقوا كثيرا للعقوبات الصادرة في حق كل من تبث تورطه في ارتكاب أي تقصير أو اختلالات خلال ممارسته لمهامه، فلأنهم متعطشون لإحداث القطيعة مع سياسة الإفلات من العقاب، و “عفا الله عما سلف”..
لن نكون بالقطع مبالغين، إذا ما جزمنا بالقول أن الزلزال الذي عصف بوزراء ورؤساء مؤسسات عمومية ورجال سلطة، أحيى آمالا عريضة في نفوس المواطنين..
ولذلك يمكن القول بغير قليل من الوثوقية، أن المغاربة يأملون في أن تتواصل الزلازل حتى تدك مختلف قلاع الفساد المعشش بمختلف الإدارات المغربية..
ما حدث في وزارة الداخلية، وما أدراك ما وزارة الداخلية، يدفعنا لطرح السؤال التالي:
هل الأمر يندرج في إطار التفعيل الرسمي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل لا رجعة فيه، أم أن الأمر مجرد ذر الرماد في العيون، وحبة أسبرين لتسكين الأوجاع، وأن حليمة سرعان ما ستعود إلى عادتها القديمة؟..
ما من شك في أن بلادنا تعيش ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة جدا، بل شائكة وشديدة التعقيد…
أزمة اقتصادية خانقة،
ارتفاع مهول للبطالة،
خصاص فظيع على مستوى الحاجيات الأساسية للمواطنين (انهيار منظومة الصحة العمومية، إفلاس التعليم العمومي..)..
فساد مستشر في مختلف مفاصل الإدارة العمومية،
والأخطر من ذلك أن المغاربة صارت لهم حساسية مفرطة مع مظاهر الاغتناء الغير مشروع للعديد من المسؤولين، مستغلين مواقعهم و المسؤوليات الموكولة إليهم..
كل هاته المؤشرات المزعجة التي تزرع في نفوس المواطنين المخلصين القلق على مستقبل البلد، من شأنها أن تجعل من إعمال المحاسبة ومن إنفاذ سلطة القانون قرارا لا رجعة فيه…
بالأمس القريب تحركت الحسيمة وزاكورة، واليوم جرادة…
وفي ظل استمرار أسباب الاحتقان، وأمام تفاقم العجز الاجتماعي ، فإن العديد من المناطق مرشحة لتعرف احتقانا اجتماعيا في أي لحظة…
لقد فتحت سنة 2017 أبواب الحلم مشرعة ببداية مرحلة الحساب، فهل ستكون 2018 سنة تحقيق هذا الحلم؟…
أم سيدرج ضمن قائمة الأحلام المؤجلة؟!…