عن الصحة مرة أخرى
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( الصحة )
الجمعة 08 شتنبر 2017 – 11:54:10
• التغطية الصحية التي طبلوا لها وزمروا عبارة عن خرافة
لم يصدقها أحد…
• أفراد المجتمع المخملي يعالجون خارج الوطن…
فإذا كانت المدينة تفتقر إلى أبسط الخدمات الصحية، والمرافق، والتجهيزات، فكيف سيكون حال البادية؟ كذبوا علينا في شأن تخفيض أثمنة الدواء في حين أن الصيدليات تفتقد إلى بعض أنواع الدواء، وأقاموا بنايات ومستشفيات ومراكز صحية ولكنها هياكل جوفاء، وتحدثوا عن أجهزة الكشف فإذا بالمريض يفاجأ بأنها معطوبة باستمرار ويتم توجيهه إلى مصحات بعينها لإجراء الفحوص والتحاليل وهنا تبدأ عملية المساومة. فكيف وأين يعالج المريض. وحتى إن وجد جهاز الفحص (الراديو) صالحا فإنه يواجه بطلب دفع الأتاوة ،فالإدارة والمرافق الصحية يملؤها مرتشون، بل حتى المولدات في المستشفى العمومي عليك (أن تدفع لهن لتتم الولادة والاستقبال في أحسن الظروف) ، والكل يتحدث عن هذا وعن المولدة (القابلة) فلانة وفلانة. فالأمر ليس سرا، ورغم ما كتب في الموضوع ورغم الزيارات التفتيشية لا زالت الأمور على حالها إن لم تزد سوءا، وأخيرا ابتلى الجميع بهذه الشركات الخاصة التي تملك أسطولا من سيارات الإسعاف وتتحرك دائما وهي تطلق العنان للمنبه الخاص، هذه السيارات تفرض أداء رسم لا ينقص عن 400 درهم، ولو كانت ستنقل المريض لمسافة قصيرة، مثلا من حي السواني إلى مستشفى محمد الخامس ليلا، فهو ثمن مرتفع بالنظر إلى قصر المسافة. وفي المستشفى لا يمكن فعل أي شيء للمريض أو إدخاله إذا لم يؤد ذووه مسبقا مبلغ 700 درهم، قالوا أنه لإجراء تحليل وأخذ صورة للرأس، هكذا فعلوا مع مريض في الثانية بعد منتصف ليلة من شهر رمضان لسنة 2016 وهو يحتضر، بينما قال الطبيب المداوم أنه في حالة جيدة. وأن صورة الرأس عادية، وبعدها بعشر دقائق توفي المريض، فكذب المستشفى وسرق ثمن تحليل لم يتم، هذه حالة عاينتها من حالات شتى غائبة، وكما قيل، فما خفي أعظم،ـ وإذا كان أفراد المجتمع المخملي يعالجون خارج الوطن كلما أحسوا بمغص أو وهن أو ارتعاشة يد أو غياب للذاكرة، فماذا يفعل من لا يجد ثمن الأسبرين ورسوم ولوج المستشفيات العمومية، أو إجراء التحاليل؟
أما التغطية الصحية التي طبلوا لها وزمروا، فهي عبارة عن خرافة لم يصدقها أحد، فإذا كانت هذه التغطية تشمل فئة الموظفين وأشباههم فماذا عن عموم الشعب؟ وعن المواطنين الذين لا عمل لهم أو أن عملهم موسمي؟ وليس خاف أن كل الحكومات المتوالية لم تنجح في تعميم التغطية الصحية ومجانية العلاج، وتوفير الدواء لمن لا دخل له أو دخله ضعيف، ورغم كل أحاديث أجهزة الإعلام ومداخلات البرلمان بغرفتيه، فإن الواقع يدحض هذه الأكاذيب، الواقع الذي ينساه الوزراء أو يتناسوه وبعضهم عاش حالة العوز ثم استبدل جلده، كما استبدل زوجته وبيته ورقم هاتفه.
وكثيرا ما استسلم أشخاص أصيبوا في أجسادهم أو عقولهم لمصيرهم المحترم دون أن يسعفهم أحد. وكثيرا ما سمعنا عن فنانين ورجال فكر طوتهم الأيام ولفهم النسيان وآووا إلى جحر كجحر الفئران ثم إذا بنا نستيقظ يوما على خبر رحيلهم الصامت. فلا هم تأوهوا ولا هم صرخوا، ولكنهم ذهبوا حسرة وكمدا على وطن جاحد ورجال جاحدين لاهم لهم إلا ما يجمعون ويكنزون ويملؤون به البطون ويلبون غرائز حيوانية، وكأنهم فيها خالدون. حتى جاءتهم بغتة قالوا : ” ليتنا نبعث ثانية فنعمل صالحا ” ، ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء آجالها. .