جمالية الحياة القديمة والتأثير العولمي في العصر الحاضر
جريدة طنجة – زهراء بن سليمان ( بين الزمن اللجميل و زمن العولمة)
الجمعة 01 شتنبر 2017 – 11:34:55
كانت الحياة تتم بصورة نمطية، لأنها كانت تخلو من التعقيدات الكثيرة والاختراعات الموجودة في هذا الوقت، فظلت لفترة طويلة تتم بطريقة بسيطة جدا، حيث كان الناس يتراسلون عن طريق الحمام الزاجل، وكانت مجرد أمراض بسيطة قد تؤدي للموت في بعض الأحيان، ومع ذلك كان الإنسان يعيش حياة بسيطة، يتناول الأطعمة الطبيعية، ويشرب الماء الطبيعي العذب، وينام نوما طبيعيا، ويستنشق هواء نقيا، ويتمتع بالهدوء بعيدا عن حياة الصخب، مما جعله يتمتع بصحة جيدة وعلاقة اجتماعية سليمة. كما أنه كان يكدح ويعيش من عرق جبينه ، لم تكن توجد مكاتب ولا مكيفات في ذلك الزمان، وكانت المرأة تقوم بالأعمال المنزلية وتعد الخبز والأطباق الشهية لزوجها وأولادها، والأسرة تجتمع عندما يأتي الأب من العمل الشاق. وكان الإنسان سخيا وطيبا وكريما وعفيفا، يتفاخر بإكرام الجار والإحسان إليه، والقيام بواجبه نحوه خير قيام، ويشاركه أفراحه وأحزانه وحتى طعامه، فقد كانت أبواب المنازل مفتوحة طوال النهار، والأطفال يلعبون ويلهون مع بعضهم، ويدخلون إلى بيوت بعضهم للأكل و النوم أحيانا.
كان الناس يجدون مشقة كبيرة في التواصل بينهم، لكن رغم ذلك كانت صلة الرحم قوية لديهم، حيث المنازل تعمها السعادة والفرح والألفة باجتماع الأقارب والأحباب ويسرد الكبار الحكايات القديمة للأهل بتنهيدة عميقة، ويسود الضحك و المرح، والغناء، والرقص، وتبادل الحديث.
ولا شك أن الأمور اختلفت بشكل كبير بين حياة أسلافنا وحياتنا في جوانب كثيرة من جوانب الحياة، قد سبب هذا الاختلاف وتطور الحياة الإنسانية وتغيرت أشكال وأنماط معيشة الأسر. وقد أصبح الناس يتنافسون في عصرنا الحاضر على استخدام التكنولوجيا في جميع شؤون حياتهم، حيث تجد في بيوتهم جل الوسائل ومعظم الأدوات التي تسهل عليهم حياتهم العامة والخاصة ، فاتخذت الحياة المعاصرة أنماطا معيشية تختلف عن الحياة قديما، واختلفت أعراف الناس وتقاليدهم في عصرنا الحاضر، مما سبب في تأثر جل أفراد المجتمع بمعتقدات وأفكار الآخر، لأن القنوات التلفزية ووسائل الإعلام اقتحمت بيوت الناس وفرضت عليهم التشبث بمعتقدات المجتمعات الأخرى والاطلاع على ثقافاتها. مما أفرز مشاكل كبيرة مرتبطة بالقيم والأخلاق والسلوكات السائدة الذي أصابت شخصية الشباب و أدت إلى تعطيل دورهم الأصيل بجعلهم يقلدون الغربيين في تقاليدهم وعاداتهم وسلوكهم بدعوى التنوير والانفتاح.
إن تأثيرات العولمة كثيرة جدا، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية، فالعولمة تؤثر على المجتمعات والحضارات، لذلك على المؤسسات العلمية والثقافية ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، مواجهة أخطارهذه العولمة التي تأثر بها شبابنا بشكل مخيف، أن تعمل على نشر الثقافة الصالحة والفكر الصحيح، وأن تركز في ترسيخ المفاهيم والقيم الثقافية والإسلامية لمواجهة مفاهيم الإباحية والضياع، كما عليها أن تبذل المزيد من الجهد والعمل وتفعيل الخطط والبرامج و الاستراتيجيات المتعلقة بالشباب، وأن تتجه بكل إمكانياتها إلى معرفة ما يفكرون به، وما هي توجهاتهم، والاقتراب من همومهم، وما ينبغي توفيره من عناصر وأدوات عمل، ومهارات المعرفة، وأخلاقيات الحياة، وبما هو مطلوب ترسيخه فيهم من مفاهيم واتجاهات إيجابية يستطعون بها مواجهة تحديات العولمة، أيضا عليها أن تهتم بتربية وتثقيف الشباب وتوجيههم من خلال تنظيم دورات تربوية وفكرية وإقامة المخيمات، والمهرجانات العامة، والمؤتمرات التثقيفية الهادفة، زيادة على إعداد شخصيتهم إعدادا شاملا، من حيث القيم والأخلاق والفكر والثقافة، حتى تتكون أمة متحضرة، و تكون القيم في مأمن من خطر العولمة وتأثيرها داخل أوساط الشباب وتنتقل من جيل لآخر، وتشبع عقول الشباب بالحب والروح والسلام وفعل الخير.!!!