خارج سياق التاريخ
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( المؤسسات التعليمية )
الإثنين 11 شتنبر 2017 – 11:21:15
• قد يحن قلب رئيس الفاتيكان فيضمّد جراح المنكوبين وتقسو قلوب كبراء قومنا فهي كالحجارة أو أشد..!
• الغريب أن تتصل وتتكاثف عوامل الشر في العالم الإسلامي فيزحف الفقر ومعه تدور آلة الدمار..!
وننطلق عند ضوئها الأخضر.. تمطرنا بالسلاح، وتغترف الملايير توسع بها على أهلها وبنيها ثم لا يكون همنا إلا أن نستعد لبعضنا.. ونعبئ السلاح والرجال ضد بعضنا.. ونفقر بعضنا فتنتشر المجاعة والأوبئة في ربوعنا، مع أننا ندخر في أراضينا أكثر من نصف ثروات الأرض.. وننطوي على خزائن أين منها خزائن قارون.. ويبني قومنا صروح هامان ويتطاولون في البنيان مع أن فئات قليلة من مسلمي الأراضي المحروقة تتضور جوعا ويكفيها الفتات.. وفي الوقت الذي ترمى فيه أكباش مشوية لجوارح الطيور لا يجد المسلمون في ربوع أخرى ما يسكتون به صراخ البطون الفارغة، والأمعاء الملتصقة، ولا يجدون الدواء ضد لاجئي بنغلاديش مثلا.. قد يحن قلب رئيس الفاتيكان فيضمد جراح المنكوبين، وتقسو قلوب كبراء قومنا، فهي كالحجارة أو أشد.. إنه زمن الطوفان.. وقد يأتي الطوفان فعلا بعد أن انتهكت بيوت الله وأصبحت الدماء تجري فيها سيلانا وجريانا.. والمسلمون الأبرياء العزل يتساقطون كأوراق الخريف وهم يعتكفون في المساجد، الملاذ الآمن.. فأين الأمان..؟ وأين الملاذ..؟ وأين الملجأ بعد بيت الله..؟ قالوا إنهم متطرفين.. والإسلام دين الوسطية والاعتدال، فلا تطرف ولا غلو ولكنه كفر وجريمة.. يقطعون الرؤوس باسم الإسلام..
ويبيحون الفحش والمنكر فيبتكرون نظرية جهاد النكاح باسم الإسلام.. ويغتالون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وهو بلا حق باسم الإسلام.. وتقوم قوة مدسوسة بدعم الإرهاب المتلفع برداء الدين.. الغريب أن تتصل وتتكاثف عوامل الشر في العالم الإسلامي.. فيزحف الفقر، وتنتشر المجاعة.. ومعه تدور آلة الدمار، وتقذف الحمم فتحيل حياة الناس إلى جحيم.. فحين يجتمع الفقر والقتل فلا مفر إلا إلى الموت.. وكثيرا من الأوبئة فتكت بالإنسان والتهمت جسده كما فعلت وتفعل النار ذات الوقود..
في ربوعنا لاشيء يوحي بالاطمئنان.. فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وهي الآن تطل بوجهها البشع في أكثر من ربع وأكثر من جهة وأكثر من صقع.. حتى في مغربنا الآمن حفظه الله وأحاطه بالرعاية الربانية حط الفقر بكلكله وداس على أجساد، وسلب أرواحا جاءت تبحث عن لقمة خبز في فيضان موج زاخر من بشر وصبية تزاحموا وتطاولوا وتدافعوا بالمناكب لحيازة حفنة دقيق وعلبة زيت فسحقتهم الأقدام، وتقاذفتهم الأرجل، وعبثت بهم الأهواء.. حفنة طحين ساقت أرواحا إلى مقاتلها وأجسادا إلى مذابحها.. ليست منطقة سيدي بولعلام في الصويرة هي المنكوبة وحدها.. فالمناطق
المجاورة.. مداشر ودواوير وخيام وبيوت واهنة كلها تشكو العوز.. وكلها معدومة الموارد.. وكلها تبيع وتشتري في الفراغ.. وقد تودع بناتها بيوت أكابر للعمل بشروي نقير مقابل ما يسد غيلة الجوع، ومع ذلك فوزارة التضامن والأسرة وما يليها من أسماء وأوصاف تتفرج وكأن الأمر يقع في جزر البليار أو الباهاماس أو جزر القمر.. ومندوبية التعاون الوطني خارج مسار الأحداث، وجمعيات المجتمع المدني تترقب هبات الداخل والخارج.. والكل في سلة الاتهام واحد.. الكل غير بريء مما حدث إلا أن تكون روح المواطن أرخص من حفنة طحين.. وأرخص من التراب الذي تعفرت به جباه الضحايا…


















