محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي (“نظام المجتمع بين الخوف و التسول و الحق”)
الخميـس 07 شتنبر 2017 – 11:52:50
الظواهر المقصودة بهذا “اللفظ” متعدّدة الأوجه و متنوعة الأساليب، لكنَّهـا، مع ذلك، تشتــركُ معاً في خــاصية أساسية هي الانتقال نحو مرحلة انتقـــالية جديدة قد تدشن لواقعٍ تأسيسيٍّ آخر، واقعٍ يتخلَّصُ تدريجيــًا من ثقافة “المحافظة”، بما تحمله الكلمة من مدلولات إيجــابية و أخرى سلبية، و يتجه نحو واقع آخر، لا تَدُلُّ تقاسيمُ وجهه، كما يبدو، على مستقبل واعد و مُبشر بخيْر.
بعد “الحَراك الريفي” المغربي، تخلص المغاربة من هاجس الخوف من تلك الآلة العجيبة المرعبة التي يُسميها الناس “المخزن”، و صار الجميع يمتلك الجرأة الكـــافية لمــمارسة الاحتجاج و الدعوة له، بل و الإبداع في أشكاله ضد كل إجراء يعتبره الناس، أو بعضهم ، غير عادلٍ و مُضرّاً بحقوقهم المكفولة بمقتضيات دستورية.
ربما كان التحَـرُر من الخـوف دليـلًا على اتّجــاه البلَد نحـوَ تحقيـقِ مستوَيــات متقدمة في احتـرام الحقــوق الآدمية التي نَصَّت عليهـا الأجيـــال المُعـاصرة لحقـــوق الإنسان، ما قد يُسجّل نقطة حسنةً في ميزان النظام و المجتمع على حد سواء، و هذا دون الاضطرار إلى إغفال ذِكْـر التصرفات الـــ “طائشة” للسلطة في مناسبات عديدة، أو تسجيل “نضالات عشوائية” في حالات معدودة، يلجأ لها أفرادٌ بدوافع قد تكون انتهازية سياسية، و لا تتأسس على منْطق حقوقي سليم أو دافع معقول و مقبول.
“الخطير” ،الذي يُهَدّد أركان و ضوابط المجتمع المتعارف عليها، و يستدعي دراسة مستعجلة، هو ذلك السلوك الآخذ في الانتشار و في الخروج عن “القواعد” العامة، و المقصود هنا هو عادة التسول و “التبَبَوْحُطْ”.
قد يقتنع الناس أن “المسْألة” مجـردُ سلوكٍ عادٍ في مجتمعات فقيرة بئيسة، و قد يدرك رجال القانون أن الأمر جنحةٌ فُرضت له عقوبةٌ حبْسية، لكن أن تـعُج شوارع المدن و أزقتها بـ”جيوش” المتسولين و المتسولات، من مختلف الأجناس و الجنسيات، فلربما كان الأمر دليلاً على خلل أصاب نظام المجتمع، خللٌ في جهة القواعد الواجب اتباعها لتقسيم الثروة، كما في جهة القواعد و الموازين اللازم الأخذُ بها و الالتزام بمبادئها حينما يتعلق الأمر بالمزاوجة بين السلطة و الثروة، أي ضرورة الفصل الحقيقي بين السلطة، كقوة جاذبة و “مُنتجة” للثروة، و بين الثروة كقوة ذات تأثير في السلطة .
إعادة النظر في قواعد التوزيع هاته، و اعتبار ذلك بمثابة مطلب في غاية الاستعجال، قد تمكِّنُ المجتمع من السير في مسيرة لا تعترضها حوادث صادمة، لكن التغاضي عنها قد يسبب عثرات، لكنها حتما ستكون عثرات عميقة، عُمقاً قد يتجاوز أعماق الدولة العميقة، ولاشك، إذا ما تحقق الأمر، أنها ستكون مُكلفة للغاية، نظاماً و جمهوراً. إنه تذكير مجرّد…