الحب عاطفة متغيرة و ليست ثابتة، و يبقى الإحترام و التفاهم سيّد العشرة الطيبة و الزَواج السعيد
جريدة طنجة – لميـاء السلاوي ( الزواج والحب )
الأربعاء 08 نوفمبر 2017 – 13:34:33
وبيّن أن شعور الطرفين بالأمان في العلاقة عن حب يأتي من إحساس الطرفين بقدرة كل منهما على حماية الآخر ورعايته، وعلى النقيض يشعر الطرفان في الزواج التقليدي بعدم الأمان والقلق والتوتر في العلاقة، مما يجعل مستقبل الحياة الزوجية مبهما ومهددا بالإنهيار.
وأكد “توني ليك” في دراسته، أن الزواج عن حب يجعل الشخص يشعر بأنه محبوب ومقبول لشخصه بكل ما يحمله من صفات حسنة وسيئة، لأن الطرف الآخر يتقبله كما هو ولا يوجّه له الإنتقادات، على عكس الزواج التقليدي بدون حب والذي تشوبه انتقادات من كل طرف للآخر.
فهذا الزواج قد يكون لأهداف أخرى كالحصول على منصب مرموق أو بهدف المال، وهو ما يجعل العلاقة غير سوية وتتحول إلى علاقة مصلحة، وهو ما يؤدي إلى فشل العلاقة وعدم تقبل كل طرف للآخر.
وأشار إلى أن الزواج يعد تجربة إجتماعية إنسانية معرّضة للنجاح أو الفشل، بغض النظر إذا كانت العلاقة مبنية على الحب أم لا، لأنه لا توجد قاعدة ثابتة، فإذا كان الفرد يتمتع بشخصية خيالية حالمة ورومانسية فهو حتما يبحث عن علاقة يتخلّلها الحب والمشاعر، أما إذا كان الشخص عمليا وواقعيا بصورة أكبر فهو يتزوج بعقله ولا يبحث عن الحب لأنه لا يُعتبر من ضمن أولوياته في الحياة.
في المقابل، وجدت دراسة أعدها الدكتور إسماعيل عبدالباري، أستاذ علم الإجتماع،أن ثلاثة أرباع حالات الزواج عن حب فشلت بشكل تام وانتهت بالإنفصال بين الطرفين. أما حالات الزواج التقليدي أو عن طريق وسيط فتعدت نسبة نجاحها 95 بالمئة.
وأكد أن الحب وحده لا يكفي لإقامة علاقة زوجية سليمة، لذلك كان الفشل نتيجة حتمية لأغلب حالات الزواج بعد قصة حب ملتهبة بالمشاعر والأحاسيس، فيما كان النجاح أمرا طبيعيا بالنسبة إلى الزواج التقليدي الذي يتم عن طريق الأهل والأقارب.
وأجريت دراسة مؤخرا على 1500 زوج وزوجة من الدول العربية، أوضحت أن الزواج عن حب لا يزال محدودا ولا يتجاوز 15 بالمئة فقط من إجمالي حالات الزواج التي تحدث سنويا، وعلى الرغم من قلة هذه الحالات إلا أنها لم تكلل بالنجاح والإستقرار، بينما وُجد أن أكثر من 75 بالمئة منها يفشل، أما الزواج التقليدي فتصل نسبة نجاحه إلى 96 بالمئة.
وأوضح مختصون أن هناك مجموعة من الأسباب قد تؤدي إلى فشل الزيجات التي قامت على الحب، من بينها أن الحب عاطفة متغيرة وليست ثابتة، وأنه لا يؤسس قاعدة صلبة لإقامة مؤسسة، إضافة إلى أن الحب هو أبعد ما يكون عمّا يوصف عاطفيا على لسان الشعراء والمغنين.
وقال آرون بن زائيف في بحث نشره بموقع “سايكولوجي تودي” إن الزواج القائم على الهيام والغرام والمشاعر الملتهبة يتجاهل في الغالب عناصر الشراكة المهمة بين الزوجين من قبيل التقارب الفكري والذكاء المطلوب والتقارب الإجتماعي، وهو في النهاية اختيار رومانسي قد يزول بزوال أسبابه.
وأكد علماء اجتماع أنّ الودّ قد يبني أسرة، أما الحب بين المرأة والرجل فيمكن أن يبني علاقة عاطفية قد تستمر ما عاش العاشقان، ولكنه ليس شرطا في بناء الأسرة والحفاظ عليها.
وعن أسباب فشل الزواج عن حب، يرى أحمد بتطالب، أستاذ علم الاجتماع، أن عدم رضا الأهل عن الزواج عن حب يعد أحد الأسباب التي تؤدي إلى فشله، فالأهل عادة لا يوافقون على زواج ابنتهم من شاب أحبته وأقامت معه علاقة عاطفية لأنهم يرون أن الزواج مؤسسة كبيرة، الهدف الأساسي منها تكوين أسرة، فهم يرون أن المحبة لا تصلح لإقامة منزل.
وعلى الرغم من ذلك يصرّ العاشقان على العلاقة فيوافق الأهل على الزواج، ومع أول خطوة يصطدم الطرفان بمسؤوليات الحياة ومصاعبها والأزمات المالية، وهنا لا يستطيع الحب أن يحلّ المشاكل التي تواجههما في حياتهما لذلك تفشل العلاقة، لأنهما يشعران بالخطأ وبأنهما خدعا في عواطفهما، ومن هنا تتحول الصورة المثالية التي رسمها كل طرف للآخر إلى صورة باهتة مشوّهة، ويتحول الحبيب العاشق إلى شخص لا ترغب بالنظر إليه بسبب صعوبة الحياة معه نتيجة الأعباء التي ألقيت على عاتقهما.
فيما يرى آخرون، أن الحب من الأشياء الضرورية لإقامة علاقة زوجية سليمة وناجحة، كون أن تجربة الزواج لا تقوم إلا على التفاهم والودّ والتقارب النفسي بين الطرفين، وهو ما ينعكس بشكل طبيعي على الأطفال ونشأتهم.
ويضيفون أن الحب بين الزوجين من شأنه أن ينشئ أطفالا أسوياء في المجتمع قادرين على حب بعضهم البعض، ولا يكنون الكره والضغينة في أنفسهم، لأن الأطفال يتعلمون فنون الحب من خلال سلوك الوالدين مع بعضهما، فهو المدخل الطبيعي لبناء تجربة الزواج، والذي بدونه تختل العلاقة وتفقد توازنها.
وحذروا من فهم البعض للحب بما هو خروج عن الشرع أو العُرف السائد والعادات والتقاليد، لأن ذلك يفشل الزواج الذي يقوم على الحب الرخيص، مشيرا إلى أن الزواج التقليدي قد ينجح في بعض الأحيان لكن الطرفين يأخذان الكثير من الوقت لكي يفهم كل منهما الآخر، وقد ينعكس الزواج التقليدي على الأطفال من خلال عدم شعورهم بالحب والألفة بين الوالدين، فالحب من شأنه أن يذلل جميع الصعاب والمشاكل التي قد يواجهها الزوجان في حياتهما.
أحاسيس متضاربة، فرحة وترقب وأمل قبل المقابلة، وإحباط في نهايتها، قد يكون هذا هو الوصف الدقيق، للمشاعر السلبية مع تجارب 4 فتيات فتحن صندوق خبرتهن مع الزواج التقليدي واللاتي لجأن له خوفًا من لقب “عانس”، ليتحول الأمر لخبرة دفعتهن لتغيير مبادئهن مع مواجهة الحياة.
استمعنا لقصص بعض الفتيات اللاتي مررن بتجربة الزواج التقليدي “زواج الصالونات”، وعن إحساسهن وقتها، ورد فعلهن، وما رأيهن فيه؟ وأجمعت أغلبهن على أنه “شكل روتيني”، من أشكال العلاقة التي لا تُبنى على دافع باستثناء “الرغبة المشتركة في تكوين أسرة”، انتظارا لمشاعر حب قد تحملها “العشرة” وقد لا تأتي.
عن أول سؤال وجهه العريس لها، تقول سارة البالغة من العمر 30 عامًا: “قالي إذا قلت لك داك الزيف لي عاملة على راسك ما عجبنيش، شنو غتقولي؟؟؟” ردت سارة بمنتهى الهدوء قائلة: “غنقولك أنك قليل الذوق”.
وكان رأي سارة في العريس أنه: “شخص سطحي ومستفز، معندوش ثقة في نفسه”، وروت سارة جزء من حديثهما وقتها قائلة: “قالي إحنا معندناش الفلوس و كنجلسو على الحصيرة”، مع العلم أن حالتهم المادية جيدة جدا، وتقول سارة وهي متحفزة: “قال لصاحبو ميقولوليش بلي عندو دار مجهزة باش منطمعش فيه!”
“كان شخص تقليدي جدا”، بهذه الجملة بدأت مريم حديثها، عن أول عريس تقدم بطريقة “زواج الصالونات”، التي توصفها من وجهة نظرها أنها: “طريقة تقليدية وسخيفة جدا”.
تقول مريم البالغة من العمر 26 عامًا: “أحسست أنني في امتحان، و أنه جاء ليختبرني، مضيفة :”سألني إذا كنت أصلي؟ وعندما أجبته بـ “نعم”، كان رده: “إذن متى صلاة الفجر؟”. ووصفت مريم هذا العريس بأنه: “شخص معندوش أي طموح، حياته روتينية إلى أبعد الحدود، ومملة إلى درجة كبيرة”.
وعن إحساسها تقول مريم: “كنت طايرة من الفرحة قبل مايجي، كان عندي 19 سنة و باقي صغيرة، وكانت كل أحلامي إني نلقى شخص يبغيني و نبغيه، ولكن كل هذا تغير بمجرد لقائه، و اكتشفت أن الحياة ليست فقط زواجا، و أني لن أتزوج بهذه الطريقة”..
فيما روت أمينة نظرتها لـ “زواج الصالونات” قائلة: “أنا عامة أكره الزواج بهذه الطريقة، لا أتقبل فكرة أن يتفرج علي شخص كي أعجبه و يقرر أن يتزوجني، مضيفة: “الزواج بالنسبة لي حب و لهفة عشق تتطور لمرحلة الإحساس بعدم الرغبة في العيش بعيدا عن ذلك الشخص، و بالتالي الزواج يكون ثمرة هذا الحب”.
وتقول سعاد البالغة من العمر 24 عاما: “رغم إني لا أؤيد هذه الطريقة في الزواج، إلا أني اضطررت أن أواجه هذا الموقف بضغط من أهلي، مع نصائح مثل:”خليك بشوشة و لا تبدي الكثير من الرأي”، ” إذا قالك شي كلمة معجباتكش خليها دوز و ما تعملشي من الحبة قبة الله يرضى عليك”… هكذا..
وتصف سعاد إحساسها قائلة: “أحسست باختناق رهيب وكآبة وخوف، و أنا في طريقي للمقابلة، إحساس أنك ذاهبة لشخص ليتفرج عليك، وفي آخر المقابلة يعطي رأيه فيك، عجبتيه و لا لا “….
ختاما فالزواج حياة مشتركة بين الرجل و المرأة، لكل منها دوره نحو الآخر، من تعاون و حقوق و واجبات، لذلك وجب قيام الزواج على العشرة الطيبة، و هي عبارة عن حب قلبي و تفاهم عقلي و تناغم جسدي لتكوين حياة زوجية سعيدة. !!!



















