محكمةٌ تنصف وأخرى تدين… والقضية واحدة: ثبوت البنوة
جريدة طنجة – سمية أمغار ( ثبوت البنوة .. )
الأربعاء 29 نوفمبر 2017 – 14:35:25
تَفاءَل دُعـاة اصـلاح المجتمع خيــرًا بحُكمِ المحكمة الابتدائية بطنجة، الصادر قي 30 يناير الماضي والقاضي بثبوت نسب طفلة “طبيعية” لوالدها البيولوجي، وحكمت بتعويض للمشتكية من جراء إنجاب نتج عن هذه علاقة غير “شرعية”....
ثم إن اجتهاد محكمة طنجة في التمييز بين البنوة والنسب “الشرعي”، أمر هام جدا بالنسبة لـ “جيش” الأطفال الطبيعيين، الذين يتكاثر عددهم يوما عن يوم، دون أن تهتم الدولة بخطورة ذلك على المجتمع الذي يرفضهم باسم الشرع والتقاليد والعادات المتحجرة
وبالرغم من أن حكم ابتدائية طنجة، لفائدة ثبوت أبوة طفلة طنجة، قوبل بالكثير من التفاؤل والأمل، من طرف العديدين من المهتمين بإصلاح المجتمع، فإن استئنافية طنجة قضت بإلغاء هذا الحكم “التاريخي”، الأمر الذي اعتبر دعاة إصلاح “المدونة” أنه وضع حدا لمسيرتهم الإصلاحية، ذات البعد الإنساني.
إلا أن ابتدائية زاكورة المحافظة، ، طلعت مؤخرا على المغرب بحكم انتصر لطفل ولد من علاقة غير مضبوطة شرعا، حيث أقر بحق الطفل في الانتساب لأبيه البيولوجي.
.
القضية انطلقت من شكاية تقدمت بها سيدة ضد مغتصبها الذي أنجبت منه سنة 2005، طفلا رفض المشتكى به الاعتراف ببنوته له، بل وأنكر معرفته بوالدة الطفل إطلاقا.
وبعد 12 سنة من البحث والتحقيق في هذه القضية، أصدرت ابتدائية زاكورة حكما يقضي بثبوت بنوة الطفل لآبيه المغتصب لأمه، استنادا على الخبرة الجينية التي أجريت على الطفل والمشتكى به ، الذي أثبتت تحاليل الحمض النووي أنه الأب البيولوجي للطفل.، بعد أن تراجع هذا الأخير عن إنكار معرفته للمدعية و لأبوة الطفل.
حكم ابتدائية زاكورة فتح باب الأمل من جديد في إمكانية تنزيل مضامين الاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الأطفال الطبيعيين ومقتضيات الدستور المغربي فيما يخص حماية حق الطفل في معرقة والديه والتوفر على هوية ، لما في ذلك من تأثير إيجابي على تكوين الطفل وتجنيبه الوصم الاجتماعي.
منظمات حقوقية اكدت من جديد مطالبها بضرورة العناية بالأطفال المولودين خارج الزواج الشرعي، وتمتيعهم بكافة الحقوق المنصوص عليها في العديد من المواثيق الدولية التي أصبح المغرب طرفا فيها.
وبينما انشغل المهتمون بالانفراج الحاصل في قضية الأطفال المولودين خارج الإطار “الشرعي” طلع علينا خبر مؤلم من بني ملال مفاده أن تلميذة لم تتخط بعدُ ربيعها الـ 13 وضعت مولودا من اغتصاب تعرضت له، كما تدعي، على يد تلميذ أنكر، هو الآخر، كل علاقة بالمغتصبة، التي كانت تجهل أنها حامل، لصغر سنها.
الملف اليوم في يد الدرك الملكي الذي يباشر تحرياته في الموضوع قبل أن تدخل القضية إلى القضاء ليقول كلمة الفصل.
وإذا كان الاغتصاب في حد ذاته جريمة نكراء، فإن ولادة طفل نتيجة الاغتصاب يضع على المجتمع سؤال عشرات الآلاف من الأطفال الطبيعيين الذين يشكلون قنابل موقوتة تهدد استقرار المجتمع إذا لم يجعل المجتمع لهم سببا للرقي الاجتماعي عبر الكفالة والرعاية والتعليم والتكوين، وقبل كل هذا وذاك، إذا استمر المجتمع في تجاهل قضية هؤلاء الأطفال وأمهاتهم العازبات……