*من أجل مغرب جديد ومواطنة ملتزمة بالصالح العام
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( زلزال سياسي)
الجمعة 03 نوفمبر 2017 – 16:28:33
وهو ما حدث فعلا، الثلاثاء الماضي، بعد أن تلقى جلالة الملك، تقرير الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، حول الاختلالات التي شهدتها مختلف مشاريع “الحسيمة، منارة المتوسط”، التي أطلقها جلالته من تطوان في 15 اكتوبر 201.
غضبة جلالة الملك على أداء السياسيين والبرلمانيين بوجه خاص، ظهرت بكامل الوضوح في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد العرش الأخير، حيث ندد جلالة الملك بالطبقة السياسية التي لم يعد يثق بها، ولام الأحزاب السياسية بسبب ما شهده المواطنون بالحسيمة، من تدمر واحتقان، وكرر دعوته للمسؤولين إلى العمل والاستقامة والجدية .
أما خطاب عيد العرش فقد تميز بلغته القوية، الصارمة، حيث فضح تخاذل عدد من الفاعلين السياسيين وعرى واقع المؤسسات الحكومية والسياسية والحزبية وتصدى لعقلية بعض المسؤولين على تدبير الشأن العام في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية ووضع الأصبع على العديد من القضايا التي تشغل بال الشعب وعبر عن عدم رضاه على ما آلت إليه الأحوال بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وعجز “الوسائط” من حكومة وبرلمان ومؤسسات، على مواجهتها والاصغاء إليها، والاستجابة لمطالبها، وأكد عزم جلالته على ممارسة حقه الدستوري من أجل إعادة التوازن للمؤسسات ، “حتى ولو اقتضى الأمر حدوث زلزال سياسي” .
لقد أحدث هذا المنطوق الملكي رجة قوية في نفوس كافة المستهدفين، من وزراء وكبار المسؤولين، ومجالس منتخبة، محلية وجهوية، الذين وجدوا أنفسهم، جزءا من المشكل بدل أن يكونوا جزءا من الحل.
المضمون السياسي لخطاب العرش، زعزع أركان القائمين على “أركان” الدولة ممن ترسخ في عقول بعضهم أنهم الدولة وأن الدولة هم، ولا شيء يمكن أن “يقلق” “خدام الدولة” !…
إلى أن رفع جلالة الملك في وجههم ورقة “كفى واتقوا الله في وطنكم”، ووضعهم أمام خيارين واضحين، أحلاهما علقم : “إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، أو أن تنسحبوا” !..
ولكنهم “سُحبوا” سحبا خارج “الحلبة” يشيعهم غضب الملك والناس أجمعين…بعد الإعلان عن تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي حدد مكامن الاختلالات، والجهات المسؤولة عن التأخير الحاصل في تنفيذ مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، ليصدر القرار الزلزال الذي أبعد ثلاثة وزراء، في حكومة العثماني بصفتهم أعضاء في الحكومة السابقة، محمد حصاد، ونبيل بن عبد الله، زعيم حزب التقدم والاشتراكية، (المتآلف)، والحسن الوردي وكاتل الدولة العربي بن الشيخ، ومدير مكتب الماء والكهرباء علي الفاسي الفهري، الذي تصر عائلته “النافذة” على الانتساب إلى “فهر” في العربية السعودية بعد الانتساب إلى فاس المغربية ، وفهر من “أفخاذ” بطون قريش تنسب إلى فهر بن مالك من قبيلة النضر الذي انحصر عقبهم فيه، كما جاء ذكر ذلك في شرح ابن خلدون.
ولم تتوقف حركة الإعفاء عند الوزراء الثلاثة، وكاتب الدولة حاليا العربي بن الشيخ، بصفتهم في الحكومة السابقة، بل تعدتها إلى أربعة عشر مسؤولا إداريا وتقنيا أظهرت التقارير تقصيرهم في القيام بواجبهم وبمهامهم الإدارية فيما يخص مشاريع الحسيمة، وتكلف رئيس الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة في حقهم وتقديم تقرير في موضوعهم إلى جلالة الملك.
وإلى جانب الإعفاءات والعقوبات الإدارية، أعرب جلالة الملك عن عدم رضاه عن أداء عدد من وزراء حكومة بنكيران، رشيد بلمختار، وزير التربية والتعليم السابق، ولحسن حداد وزير السياحة، ولحسن السكوري وزير الشباب ومحمد أمين الصبيحي وزير الثقافة، والست حكيمة الحيطي، مكلفة بالبيئة.
القرارات الملكية تندرج في إطار سياسة جديدة لا تقتصر على منطقة من مناطق المغرب بل إنها ستشمل سائر التراب الوطني وتنسحب على جميع المسؤولين، أيما كانت حيثياتهم وذلك في نطاق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة “وتحفيز المبادرات البناءة ، وإشاعة قيم المواطنة الحقة، الملتزمة بخدمة الوطن”
بعض الأصوات ارتفعت لتطالب بمحاسبة المعفيين والموقوفين و “المنتهية صلاحيتهم”، إلى الأبد…… وتقديمهم للمحاكمة، ولعل أقسى حكم يمكن أن يصدر ضد مواطن مغربي هو أن تنزع منه ثقة جلالة الملك وثقة الشعب، ويخرج من دائرة “الضوء” مذموما مدحورا.
والويلُ لمن أشارت إليه الأصـابـع ولـو بـالخير.. !!!