عزيز كنوني
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( التعليم والاعتداءات على المُلقنين.. )
الخميس 16 نوفمبر 2017 – 09:50:40
وليس من مثل أسوأ على حاضرنا ومستقبلنا من حالات الاعتداءات المتكررة على المعلمين والأساتذة والمربين، من طرف تلامذتهم، داخل أقسام الدراسة، وأمام باقي المتلقنين، في تحد سافر للمجتمع، بنظامه وأخلاقه وقوانينه، وهو ما حدث، الأسبوع الماضي في ورزازات وفي الرباط، ويتكرر في جهات أخرى من البلاد، ليتم “طمسه” بعد أن تتحرك “الهواتف” وتحصل التدخلات “المعلومة” وينتهي كل شيء، إما عن طريق “الترضيات” أو تحت ضغط التهديدات…
إلا أن “تفجر” وسائط الإعلام الحديثة، داخل المجتمعات، واختراقها أسرار البيئات “المخملية”، كشف الكثير من المستور في علاقات أهل السطوة والنفوذ، مما طفح على السطح وصار “علم كشوف” كما يقول إخواننا المصريون !
ولعل الذين شاهدوا، مثلي، شريط أستاذ ورزازات وهو يعيش لحظات مرعبة، من التعنيف اللفظي والجسدى، ، ويتلقى الضربات المؤلمة على وجهه وكافة أطراف جسده، من طرف تلميذ هائج، يتبختر بين رفاقه، ويظهر عضلاته على أستاذه، بعد أن طرحه أرضا وأشبعه رفسا وركلا،… لابد وأن يشعروا، مثلي، بالقرف والتقزز والغثيان، وربما انتابهم، شعور بالحزن الكثير واستبد بهم القنوط واليأس الشديد، من جيل “الخلافة”، جيل الانحراف بامتياز، لأن حالة أستاذ ورزازات ليست “شاذة” ولا “معزولة” كما تحاول أكاديميات ما يسمى بالتربية (ياحسرة) والتعليم، أن توهمنا به، بل هو سلوك “سيستيماتيك” حتى أنه لم يعد يفاجئنا حين نعلم بوقوعه في “طرّة” من “طيرات” المغرب، شاهدا على وجود “قطيعة” أخلاقية كارثية، تامة، بين جيل الاستقلال وأجيال بعد الاستقلال التي تتعاطى مع أخلاق وتقاليد وأصول مجتمعاتهم بنوع من التحدي والاستفزاز والمازوخية المقيتة.
وفي أقل من أسبوع على حادثة ورزازات المشينة، طلعت على الرأي العام أخبار اعتداء جديد على أستاذ الرياضيات بثانوية ابن بطوطة بالرباط، تعرض، هو أيضا، للضرب والتعنيف والإهانة، من طرف تلميذ كثير التغيب، يدرس بالثانية باكلوريا، بسبب منعه، عن حق، من الالتحاق بالفصل لوصوله متأخرا بما يزيد عن نصف ساعة…
وبالرغم من فظاعة سلوك تلميذي ورزازات والرباط، حتى لا نذكر إلا هذين الحادثين المؤلمين، فإن بعض الأصوات حاولت إيجاد بعض التبرير الغير مقنع، بل والمتسم بنوع من “المحاباة” الظالمة، لهذا السلوك الشائن، المحزن ، المخزي، البديء، والمهين… بينما الواجب أن تتخذ الإجراءات الواجبة ضد المعتديين، بصرف النظر عن سنهما، ووضعيتهما الاجتماعية، والمخاطر التي قد يتعرضان لها، حتى يكونا، وأمثالهما عبرة لكل من يحاول الإساءة إلى المعلم والأستاذ، والنيل من كرامتهما، لأن كرامة الاستاذ من كرامة الأمة، وكرامة الأمة فوق كل اعتبار.
حقيقة إن التلميذين تم توقيفهما، إلا أن الإجراءات يجب أن لا تتوقف بسبب ما قالت مصادر قضائية رفيعة، من أن تلميذ ورزازات قد لا يبقى رهن الاعتقال، لأنه “طائش”، والطيش، لغة، نزق وانحراف وخفة عقل، وبالتالي، فإن كل محاولة للتحايل على قضية أستاذي ورزازات والرباط، بغرض الالتفاف حولها واحتوائها، بالطرق “المعلومة”، إساءة فادحة لفضيلة المعلم والتعليم، وضرب فاضح للقيم والمكرمات الأخلاقية المجتمعية، وللنبوغ المغربي.
وصدق من قال في فضل المعلم:
يـــا كاشـفًا بالعلمِ كُـلَّ غَمَـامَــــةٍ ….. يـــا هـادي الــرُبـَّــانِ والـمـــــَّلاح
يـــا بـاعِـثًـا رُوحَ الضَّـمـيـرِ وعدْلَـهُ ….. يـــا قـائـمــًا برسـالـةِ الإصـــــلاح
لو كُـنْـتُ أمْـلِـكُ أمْـرَ أزْهَـارِ الـدُنَا ….. لــجـمــعْــتـها فـورًا مــن الأدْواح
ونـَظـمْـتُـها في بَاقَةٍ وجعـلتها …. لـمـعــلـمـي ، كــقِـلادةٍ ووشــاحِ ..