بين حراك وحراك حــــراك ! شيء ما لا يسير على ما يرام !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( الحراك الشعبي )
السبت 11 نوفمبر 2017 – 13:34:15
الخطابات الملكية الأخيرة نبهت، وبحكمة، إلى هذا الموضوع، وحذرت من مغبة استمرار الحكومة والمجالس الدستورية على هذا النهج، وحثت الجميع على الالتزام بالمواطنة الحقة، وبالوفاء لـ “القسم” والتفاني في أداء “المهمة”، “بصدق وأمانة”، ومن لم يستطع الوفاء بذلك، فلينسحب !
ولو أن القائمين على شؤون اللبلاد والعباد التزموا بما كلفوا به وحافظوا على ما ائتمنوا عليه ، لما شهد المغرب سلسلة “الحراكات” الشعبية، التي أصابت المغرب في صميم استقراره، وهو كنزه الثمين في هذا العالم المضطرب، وفي صيته العالمي الذي استطاع به كسب احترام شعوب العالم، كبلد رائد في مجال التعاون الدولي من أجل تحقيق الأمن والسلم بالعالم.
وهكذا شهد المغرب “حراك” الريف “الثاني” في عهد الاستقلال، للمطالبة بتنفيذ المخطط الملكي “الحسيمة منارة المتوسط” بسبب التهاون الحاصل في تفعيل الأوامر الملكية، لتتطور الأمور إلى ما آلت إليه، ولتفتح في وجه العشرات من شباب الريف، فوهات السجون حيث يتابعون بتهم ثقيلة، فيما صدرت احكام ثقيلة في حق عدد منهم من محكمة الحسيمة.
كما شهد المغرب “حراك العطش” الذي انطلق من وزان، المدينة الشمالية الجميلة ، الهادئة، الورعة، لينسحب على مختلف مناطق المغرب، شماله وجنوبه، ما حدا بجلالة الملك أن نبه الحكومة ، خلال مجلس وزاري، إلى إثارة الانتباه لمشكل خصاص الماء الصالح للشرب ولمياه الرعي في المناطق القروية والجبلية. وإلى تكليف رئيس الحكومة بإنشاء خلية يرأسها، لتنكب على دراسة هذا الموضوع قصد إيجاد الحلول الملائمة خلال الأشهر القادمة، بينما كاتبة الدولة في الماء، تحاول التقليل من حدة الأزمة بتصريحات اعتبرت غير “مسؤولة” حيث أنها أعلنت رفضها لما “تروجه بعض المنابر الإعلامية” من وجود “ثورة عطش” بالمغرب، في حين أن الوضعية “طبيعية” ونمط التزويد “عاد” في المغرب.
وأمام حدة “حراك” العطش بوزان، ووعود المسؤولين المتمططة، تدخل رئيس الجهة، ليحدث صهاريج متنقلة من أجل تزويد السكان المتضررين ، وكانت بادرة حسنة، وعملية، انطلقت من مجلس منتخب لفائدة سكان الجهة !
“حراك العطش” سرعان ما تفجر في مناطق عدة، لينتقل من وزان إلى جرسيف، وبن جرير، والجديدة، وواد زم، والمحمدية، والفقيه بن صالح، وسيدي بنور، وتاونات، وخنيفرة، ومكناس، وتازة، ومحاميد الغزلان، والريش، وتمنصورت، واملشيل، وأزيلاي، وقصبة تادلة، وسطات، وتطوان، وطنجة، وزاكورة التي تحول حراكها إلى مواجهات عنيفة بين القوات العمومية والمحتجين المطالبين بحقهم في الماء ، محملين المسؤولية كاملة للمسؤولين المحليين . المواجهات العنيفة بين المحتجين والأمن، أدت إلى إصابات في كلا الطرفين، وتمخضت عن اعتقالات في صفوف المتظاهرين، قيل إن عددهم جاور 30 موقوفا، بينما التزمت الحكومة الصمت إلى أن اعترف العثماني خلال اجتماع حكومي نهاية شتنبر الماضي بوجود “حالات عطش” بجهات مختلفة ووعد بإصدار قوانين واتخاذ تدابير منها تحلية مياه البحر وبناء سدود جديدة.
وخلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة الشهرية بالبرلمان، اعتذر سعد الدين العثماني وبشكل رسمي لسكان اقليم زاكورة، عن ما يعانوه من جراء نذرة المياه بالمنطقة، مقرا بمسؤولية الحكومية وتقصيرها في الموضوع. وقال رئيس الحكومة: “نعم أعتذر للاخوان علنا، لان هذه مسؤولية الدولة، ولكن تقع اشكالات، ونحن الآن بصدد معالجتها”
ومع ذلك، فقد أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة “زاكورة” أحكاما اعتبرت قاسية في حق مجموعة من معتقلي ما يُعرف بـ “حراك العطش”، تضم 8 متابعين ما بين 19 و 24 سنة، من شهرين إلى أربعة أشهر بتهم تتعلق بـ “إهانة موظف أثناء مزاولته لعمله”، و”تعييب أشياء ذات منفعة عمومية”، و”المشاركة في مظاهرة غير مرخصة.
هذا ولا تزال محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تواصل النظر في ملف مجموعتي “نبيل أحمجيق” و “ناصر الزفزافي” المتابعين في قضية “حراك الريف”، وبتهم ثقيلة !.
“حراك الغبار الأسود” بمدينة القنيطرة
بين “حراك الريف” و “حراك العطش”، “حراك الغبار الأسود” الذي أخرج العشرات من المواطنين والفاعلين الجمعويين والحقوقيين، للاحتجاج بمدينة القنيطرة، بدعوة من الهيئة المدنية لمتابعة الشأن المحلي بالقنيطرة، اعتبارا لأن الوضع البيئي بالمدينة أصبح مقلقا للغاية، بسبب الغبار الأسود الذي يعتقد أن مصدره المركب الحراري لتوليد الكهرباء”. ويبدو أن المشاكل الصحية المرتبطة بالتنفس منتشرة بشكل كبيرة بين الأطفال، حيث إن عددا تلاميذ المدارس أصبحوا يستعملون “بخاخ الربو” وبشكل كبير. وسبق لسكان القنيطرة أن نظموا في السنوات الماضية وقفات احتجاجية متعددة وحملات “فيسبوكية” ضد ظاهرة الغبار الأسود، الذي أصبح يهدد السلامة الصحية لسكان المدينة.
حراك “اخنقتونا” بمدينة آسفي
فللمرة الثانية خلال شهر اكتوبر “يتحرك” سكان مدينة آسفي للتنديد بحالات “الاختناق” التي يعيشونها بسبب ما يعتقدون أنه تسرب غاز الكبريت المنبعث من المركب الكيماوي للفوسفاط ومن احتراق نفايات المطرح البلدي حيث يغشو الجو ضباب كثيف يحمل، كما يقولون، غازات سامة، كثيرا ما يتسبب استنشاقها في حالات أغماء تدخل أصحابها، وهم غالبا من الأطفال وكبار السن، إلى المستعجلات.
نزول المواطنين إلى الشارع في “حراك” ضد الإساءة إلى البيئة، يحدث في البلد الذي يرعى حماية بيئة العالم، ولا يلتفت إلى بيئة مدينة مغربية بأكملها، حيث إن الاحتجاجات مستمرة منذ 2011، دون أن يقع ا الإصغاء إلى “صراخ” المواطنين وهم يضعون كمامات على أنوفهم ويرفعون شعار “اخنقتونا” !!! . !!!