الوطنية إخلاص ووفاء وتضحية وفداء
جريدة طنجة – زهراء بن سليمان ( الوطنية )
الخميس 30 نوفمبر 2017 – 12:15:41
فالوطن هو الأم والحضن الكبير الذي يحوي كل أفراد الشعب، والمكان الذي يعيش الإنسان في كنفه ويتنفس من هوائه ويحتمي في أحضانه، وهو الانتماء والوفاء والتضحية والفداء. ومن هنا تأتي المحبة والمودة بين أبنائه، والتعاون فيما بينهم لعيش حياة كريمة من خلال معرفتهم لحقوقهم وقيامهم بواجباتهم .
لقد تربى أجدادنا على حب الوطن أن الوطن هو الكرامة والعدل والحب والولاء، وهو دافعهم للدفاع عنه والإخلاص له. كما أنهم كانوا شعبا وفيا ومرتبطا بوطنه وملكه، وضحوا بالغالي والنفيس من أجل حماية الوطن. ففي فترة الاستعمار كانت النساء يحملن الأسلحة تحت اللحاف والجلباب فيقدمنها إلى المقاومين مع المؤونة والأدوية. وعند نفي الملك محمد الخامس استاء المواطنون من إبعاد المغفور له عن البلاد، إذ قاموا بعرقلة قيام عيد الأضحى ضدا على إمامة السلطان الدمية لصلاة العيد ونحر الأضحية، وقاموا بانتفاضات قوية بتنظيم من مناضلي حزب الاستقلال حيث تشبثت كل القبائل المغربية بالعرش العلوي وملك المغرب، إذ كانت التضحية رغم كل صعوبات الحياة من أجل إعلاء راية الوطن ونيل الاستقلال، حيث استطاع الشعب المغربي أن يقف وقفة رجل واحد في وجه الاستعمار الغاشم معلنا التحدي بقيادة المغفور له محمد الخامس.
أما ظروف العيش الحالية أفضل بكثير من ظروف حياة الأجداد والأمهات والآباء، فقد كانوا يفتقدون تقريبا إلى كل شيء وبالرغم من ذلك أفدوا بحياتهم من أجل الوطن. لكن شباب اليوم أمس منبهرا أمام التطورات التي تطرأ على البلدان الأوروبية وتقدمها الملحوظ في شتى المجالات، فجل مواضيعهم تدور حول جمالية أوطان غيرهم ، فيبدؤون بالتفكير في الهجرة إليها، ولو ماتوا في أعالي البحار، أفضل لهم من المكوث في أرض الوطن. فبدل التفكير في الهجرة من الوطن صوب الخارج وتحمل معاناة الغربة والحياة الصعبة في أرض ليست لهم، كان أولى بهم أن يحبوا وطنهم رغم عدم توفر الخدمات ووجود العديد من المعيقات.
وكما يمنح لنا الوطن المساواة في الحقوق ويحقق الوطنية، نحن أيضا لنا واجبنا تجاهه علينا الالتزام بها، نخص منها، الوفاء والإخلاص للوطن والعمل على بنائه ورفعته والمساهمة في خدمة المجتمع المحلي، وحماية ممتلكات الدولة ومرافقها، وكذا الاهتمام بالاطلاع على القضايا المؤثرة في المجتمع والمشاركة فيها والدفاع عنها… ويتوجب على الآباء والأمهات أن يعلموا أبناءهم حب الوطن وأن يغرسوا فيهم القيم والمبادئ والواجبات التي عليهم اتباعها، و أن يحرصوا على بناء أولاد أقوياء جاهزين للدفاع عن وطنهم .
ومن واجب الدولة أيضا أن تحافظ على الوطن وتحميه عن طريق بناء جيل واع وقوي، بتعليم الشباب وتوفير الخدمات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصحية التي ستمكنهم من تحقيق مطالبهم وبناء مستقبل راق بعيدا عن البطالة والتطرف والانحراف.
ولو نظرنا إلى التاريخ لوجدنا الكثير من الأبطال والشهداء الذين قدموا حَياتهم فداء للوطن وسقوا الأرض بدمائهم من أجل الـدّفــاع عنها و تحريرها من ربقة الاستعمار، وإعلاء راية الوطن ونيل الاستقلال، فكل هذا نابع من حب الوطن والتضحية من أجله بالدماء والأرواح، نذكر منهم الشهيد ” محمد الزرقطوني ” الذي استطاع تكوين خلية صغيرة من الفدائيين وقام بتدريبهم على السلاح، وقاد المقاومة ضد المستعمر. و” علال بن عبد الله ” و” عبد الكريم الخطابي ” قائد المقاومة الريفية ضد الاستعمارين الفرنسي والإسباني، ويعتبر من أهم قادة الحركات التحررية في النصف الأول من القرن العشرين.
يعتبر حب الوطن فخرا واعتزازا، فحَريّ بنا أن نحبه وندافع عنه ونحميه بكل قوة، وأن نحفظه كما يحمينا ويحفظ لنا حياة آمنة، وللوطن حقوق على كل فرد يعيش فيه أن يلتزم بها ويرفع من قيمتها بالعمل على ارتقائه، وذلك بالرقي والأخلاق الحميدة والمعاملة والعادات الحسنة، ومن أهم مقومات ارتقاء الشعب طلب العلم، فبالعلم يستطيع أن تنهض بالأوطان من القاع لتصل إلى أعلى المستويات…