تحية لرفيقي “مهنة المتاعب” المسفيوي وأشرقي
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( تكريم.. )
الأربعاء 04 أكتوبر 2017 – 14:51:44
وإليه يعود الفضل ، هذه السنة أيضا، في تكريم كوكبة من “متقاعدي” طنجة، خلال حفل أقيم أخيرا بقصر البلدية، كان من بينهم رفيقي في مهنة المتاعب، الصديقان العزيزان مصطفى أشرقي وعبد القادر المسفيوي، اللذان يعتبران اليوم قمة بين الخبراء المغاربة، على المستوى الوطني، في فنون الطباعة، خاصة الصحافية، حيث لا زالا يؤطران بمهنيتهما العالية وخبرتهماالواسعة، وفنهما الأصيل، إنتاج جريدتي طنجة والشمال، مثبتين بذلك أن الحياة لا تتوقف عند “التقاعد”، وأن “المتقاعدين” يعتبرون ذخيرة عالية القيمة والفعالية في شبكات الإنتاج الوطنية، على مختلف المستويات وفي شتى المجالات ، بالرغم من الشعور بالخيبة و الإحباط الذي يوحي به لفظ “التقاعد” الذي يطلق على هذه الفئة من الشغيلين المغاربة، إن في القطاع العام أو الخاص، حين بلوغهم سنا تختاره الدولة لوضع حد لعملهم، ودفعهم إلى ” التخلف عن الصف” و “رجوعهم إلى الوراء” وانسحابهم، من الحياة العملية، ليتشكل لديهم الإنطباع أنهم لم يعودوا مفيدين للمجتمع، بل وأنهم أصبحوا “عالة” على أنفسهم وعلى ذويهم وعلى المجتمع ككل.
هذا الشعور يكرسه المفهوم العام لمدلول التقاعد بالمغرب، عبر تعامل المجتمع والدولة مع “المتقاعدين” المحالين على “المعاش” هذاالمعاش، هلى ضعفه وتفاهته يعتبر “احسانا” عاما أو حتى كرما، في المفهوم الشعبي.
فبينما تقابل كلمة “التقاعد” بلغة العرب في بعض اللغات اللاتينية كلمة La retraite التي تعني الانصراف أو الانسحاب الإرادي، ولا تعني “القعود” والتقهقر، و كلمةLa réforme التي تفيد إعادة صياغة الحياة بالنسبة للعامل أو الموظف “المسرح”، بعد فترة العمل المضبوط، المربوط على دورة محددة في الزمان والمكان،
ومما ساءني في حفل تكريم جمعية المتقاعدين بطنجة، انصراف جل المتدخلين إلى التماس “العون والمساعدة” لهذه الفئة المكافحة الرائدة، النشيطة من المجتمع، حماية لصحتهم وضمانا لكرامتهم. والحال أنهم ليسوا بحاجة إلى المساعدة، بل إلى الاستفادة من حق يتوجب على الدولة الوفاء به لهم/ بعد أن وهبوا خير سنوات عمرهم إما للخدمة العامة أو في خدمة القطاع الخاص، مساهمة منهم في تحقيق نمو وازدهار البلاد. ثم إن ما يسمى بـ “المعاش” ليس صدقة من أحد، بل هو من مدخراتهم في إطار تعاقد مع الدولة، وبالتالي فلا فضل لأحد عليهم في مخصصاتهم التي تصل أحيانا درجة التفاهة والخيبة !.
وأعود لرفيقي على درب مهنة المتاعب، الصديقين عبد القادر المسفيوي مصطفى أشرقي لأعبر لهما عن إعجابي الكبير بالدرجة العالية من الخبرات والمهارات التي اكتسباها خلال مسيرتهما المهنية والتقنية في مجال الطباعة، وطباعة الصحف بوجه خاص، التي انخرطا فيها ، يوم كانت لطباعة الصحف شأن وكان لأهل الصحف شأو وجاه ومنزلة.
العزيزان عبد القادر المسفيوي ومصطفى أشرقي، يشكلان اليوم نموذجا فريدا في عالم الطباعة وطباعة الصحف بوجه خاص، إذ كل واحد منهما يمكن أن يطلق عليه مقولة “الرجل الأوركسترا” الشهيرة، بحيث أن عبد القادر المسفيوي فني بارع في التوضيب المعلوماتي للصفحات والإخراج الفني للجريدة بوصف عام، مع مراعاة تدبير العناوين والأعمدة القارة والأخبار المحلية والجهوية والعامة، والتنسيق في الألوان، بحيث كثيرا ما يضفي على “جريدة طنجة” و”الشمال” حلة المجلة الفنية الراقية، بلمسات فنية رفيعة.
أما مصطفي أشرقي فإنه يختزل في مداركه المهنية كل مهن الطباعة من توضيب الورق وشحنها إلى الطباعة الحديثة المتعددة الألوان، إلى نهاية سلسلة الإنتاج، وذلك بدقة متناهية، كما أن عمله يتميز بالفراهة والحدق واللباقة، وسلوكه بالخلق الحسن، من تواضع وتفهم وتعاون وصدق وإخلاص في العمل ووفاء.
تحية من صحافي خبر العمل الصحافي على امتداد عشرات السنين ، وأيقن أن رفقاء الدرب من طينة العزيزين مصطفى أشرقي وعبد القادر المسفيوي يحولون “مهنة المتاعب” إلى “المهنة المتعة”
بارك الله فيهما ! …