المختلون عقليا… عالم مغلق (الجزء الثاني)
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( المختلون عقليا.2. )
الخميس 26 أكتوبر 2017 – 15:01:53
ـ يتحركون بكيفية هستيرية، يرتدون ملابس متسخة وبأرجل حافية.
ـ مسؤولية وزارات العدل والداخلية والصحة…
تبدأ مهام ضابط الشرطة القضائية باستدعاء عائلة المريض أو المعارف أو الجيران من أجل جمع كل المعطيات حول حالته الصحية.
أما مُعيقات عمل وزارة الصّحة فتنحَصرُ في تعقيد المساطر القـانـــونية تبدأ مهام ضابط الشرطة القضائية باستدعاء عائلة المريض أو المعارف أو الجران من أجل جمع كل المعطيات حول حالته الصحية السيد مدير مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض يؤكد أن وزارة الصحة تقوم بالعديد من الأدوار فيما يخص الصحة النفسية. ويتجلى ذلك من خلال استراتيجية الوزارة 2012/2008 التي تضع ضمن أولوياتها الصحية النفسية عبر تحسين الخدمات بالمستشفيات سواء الجهوية أو الجامعية، أو المصالح المدمجة بالمستشفيات…وأضاف: “إن التفكير كان بداية يتجه نحو أحداث مستشفيات خاصة بالمرضى العقليين وإبعادهم عن المرضى الآخرين، لكن تبينت بعدها ضرورة أن تنشأ مصالح مدمجة بالمستشفيات تستفيد من جميع الخدمات التي يوفرها المستشفى للمرضى والزوار، كما نهج المنطمة العالمية للصحة. وأحدثت وزارة الصحة أربع مصالح مختصة بالطفل واليافعين، كما تحدث مراكز لعلاج الإدمان بكل من الناظور والحسيمة نظرا لكثرة ترويج المخدرات بمناطق الشمال….
وأشار إلى التدابير المواكبة للاستراتيجية ومنها القيام بأبحاث علمية سواء في مجال الصحة النفسية أو الإدمان أو البرنامج المتكامل للطفل والمراهق، مبرزا أن المرضى يعالجون مجاناً، إضافة إلى برنامج التكفل بالمدمنين الذي يضم الوقاية الأولية من الأضرار خاصة أن مدمني المخدرات معرضون للإصابة بالسيد. ويتضمن مخطط الوزارة التكوين المستمر لفائدة مهنيي الصحة النفسية، وإحداث تخصص الطب النفسي للطفل إلى جانب مروضين للطب النفسي. غير أن كل هذه المنجزات لا تستجيب للطلب الكثير بسبب تفكير المغاربة دائما في وضع المريض بالمستشفى من أجل أن يضمنوا له الراحة، مع أن الاستراتيجية هدفها هو مساعدة المريض مادامت حالته تتطلب ولوجه المستشفى، وعندما يقرر الطبيب المعالج مغادرة الشخص المريض فإن القرار ينبغي أن ينفذ لأن بقاءه يؤثر على حالته الصحية، وبخصوص أهم الإكراهات التي تهم القطاع فإن جمعيات المجتمع المدني ينبغي أن تقوم بدورها، وأن تتكفل بهؤلاء المرضى، وتخلق لهم فضاءات أخرى من أجل مساعدتهم على الاندماج، خاصة مع وجود محسنين يرغبون في تقديم المساعدة المادية لهذه الفئة…ومن المعيقات تعقيد المساطر القانونية كما أشرت سابقاً ففي حالة ارتكاب مريض عقليا لجريمة وتقرر عرضه على طبيب نفساني وقرر هذا الأخير مغادرة المريض للمستشفى لأن حالته تتطلب اندماجه في المجتمع فإن هناك اجراءات معقدة وطويلة من أجل تنفيذ القرار وهو ما يساهم في الاكتظاظ، وبعض مصالح وزارة الداخلية حسب مسؤول مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة تخلط ما بين المشردين والمرضى العقليين والنفسانيين، فالأشخاص الذين بدون مأوى ليسوا كلهم مرضى عقليين أو نفسيين، وإذا كان هناك تنسيق بين القطاعات المعنية فيمكن أن نرقى بالصحة النفسية والعقلية على أساس أن تتكفل وزارة الصحة بالمرضى، بينما تتكفل الوزارة المعنية وباقي المصالح المختصة بالمشردين.
ياسمينة بادو وزيرة الصحة السابقة كانت قد صرحت في مجلس النواب بأن الوزارة ستخلق بنيات متخصصة للإستقبال وكذا علاج الأطفال واليافعين مع تسهيل التكفل بهم، وخلق مراكز مجهزة للطب النفسي الخاص بالمدمنين على المخدرات، وخلق مراكز للتكفل بالمرضى بدون مأوى، وتحدثت عن برمجة إنشاء 4 مستشفيات جهوية متخصصة في الأمراض النفسية، وفتح 3 مصالح جديدة كل سنة في المستشفيات العامة التي لا تتوفر على تخصص في هذا الميدان.
تقادم القوانين
يخضع رجال الشرطة لأسس قانونية في موضع المختلين عقليا، والمرضى النفسانيين تتجلى في ظهير 30 أبريل لسنة 1959 المتعلق بالوقاية من الأمراض النفسية، وحماية المرضى العقليين أو النفسيين.
والفصول من 75 إلى 82، ومن 134 إلى 137 من القانون الجنائي الذي يحدد المسؤؤلية الجنائية لكل من يوكل إليهم مراقبة أو حراسة المرضى النفسيين في حالة المتابعة، إلى جانب الفصل 29 الفقرة 10 و11 من الظهير المحدث والمنظم لمحاكم الجماعات والمقاطعات (ألغيت هذه المحاكم) وهو يعاقب كل من يترك مجنونا يهيم أو كلت له حراسته…
الجدير بالذكر أن بعض النصوص القانونية غير واضحة وتحتاج إلى قوانين تطبيقية تواكب ظهور سيناريوهات جديدة لم يتطرق لها ظهير 1959، وإلى جانب الأسس القانونية هناك دوريات وتنظيمات داخلية ومذكرات تقدم تعليمات في مجال الوقاية من الأمراض العقلية وهي تشرح القوانين ولا تتناقص معها، وتقسم الأدوار بين رجال الشرطة في الموضوع حيث توكل احتصاصات معنية للشرطة الإدارية ومهام أخرى لضابط شرطة القضائية، إذ يتجلى دور الشرطة الإدارية أو الشرطة الشارع العام والتي تتكون من دوائر الشرطة وشرطة الزي التابعة للهيئة الحضارية، في التدخل القبلي من أجل الوقاية، وللشرطي الإداري ـ يقول مسؤول بالإدارة العامة للأمن الوطني: أربعة مبادئ، هي:
أولا: تسهيل عملية الإيداع بالمراكز النفسية أو العقلية المخصصة للعلاج على قدر إمكانياته،
ثانيا: تأمين حماية المجتمع من طرف المرضى العقليين،
ثالثا: ضمان احترام الحرية الشخصية بتلاقي أي حجز تعسفي أو تحكمي،
رابعا: ضمان المصالح المادية للمرضى العقليين، وعلى المستوى العملي فإن الشرطة الإدارية ملزمة بإيقاف أي مختل عقليا دون استعمال العنف أو استعمال الأصفاد إلا في حدود القوة القاهرة، ويباشر الشرطي الإداري أو رجل شرطة الشارع العام تفتيشه من أجل حجز أي أداة خطيرة يحتمل أنه يحملها ثم التعرف على هويته.
وفي حالة ارتكاب المختل أي اعتداء ضد مواطنين، فإن الشرطة الإدارية مطالبة بإتخاد التدابير السابقة مع إشعار قاعة المواصلات الخاصة بالأمن من أجل ربط الاتصال مع المصالح الأخرى تقديم المساعدة اللازمة، ويتم نقل المريض العقلي إلى أقرب مصلحة للشرطة ليوضع في عزلة داخل المصلحة، ويمنع القانون وضع المختل عقليا داخل الزنزانة المخصصة للحراسة النظرية، لأنه ليس مجرما أو مشتبه به ولوا اقتضى الأمر وضعه داخل مكتب من المكاتب، وإذا ما قام أي شرطي بوضعه داخل الزنزانة فإنه يعرض نفسه لعقوبة تأديبية وتنتهي مهمة رجل شرطة الشارع العام بتحرير تقرير إخباري في الموضوع، ليبدأ عمل ضابط الشرطة القضائية أو مساعده الذي يحرر محضراً في الموضوع عبر أخذ أقوال عائلته والمقربين منه، في هذه الحالات تكون هناك ثلاثة خيارات ويعود القرار إلى الطبيب.
الخيار الأول: وضع المريض العقلي تحت الملاحظة بالمستشفى (لا تتجاوز المدة 15 يوما) ليقرر بعدها الطبيب في مصيره.
الخيار الثاني: يتم إيداعه في مستشفى عمومي للأمراض النفسية والعقلية لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
الخيار الثالث: يقرر الطبيب المعالج وضعه تحت الحراسة خارج المؤسسة الصحية سواء عند أسرته أو في ملجأ إذا كان بدون مأوى لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد،
وبخصوص مهام ضابط الشرطة القضائية فهي تبدأ باستدعاء عائلة المريض أو معارفه أو الجيران من أجل جمع كل المعطيات التي استقاها من الأسرة أو جيران العائلة، وفي حالة إذا كان المختل متشردا فيملأ الطلب أيضا، وفي حالة وجود طلب للعائلة من أجل التكفل ترسل النسخة الأصلية مع طلب الإيداع إلى الطبيب الرئيسي بالولاية أو العمالة أو الإقليم المختص في الأمراض العقلية والنفسية، وفي حالة عدم وجوده يوجه الطلب إلى الطبيب الرئيسي، مع نسخة توجه إلى مسؤول السلطات المحلية سواء كان واليا أو عاملا أو باشا، والنسخة الثالثة يتم الاحتفاظ بها بمقر الشرطة، يرافق قريب المختل الذي تقدم بطلب التكفل به ضابط الشرطة القضائية أو مساعده إلى المستشفى من أجل أن يجيب على أي استفسار يوجهه إليه الطبيب وبعد فحصه يقرر الطبيب، في مصير المريض فيتم إخبار الشرطة بالقرار، ومن بين التعليمات الموجهة إلى رجال الشرطة أن “يظلوا إشارة الطبيب في حالة حاجته لأي معلومات على ألاتتجاوز مدة جمع المعلومات 48 ساعة”.
(يتبع )