الصحافة والماء العكر
جريدة طنجة – هناء مهدي ( الصحافة)
السبت 28 أكتوبر 2017 – 13:55:25
الصحافة الوطنية ببَثِهــا المتـواتر لما يـَـروج في الساحة من فضائح غَدَت أقرب لمنابر الفرجة أو الحلقة منها إلى منابر إعلامية تنويرية تثقيفية للمواطن، لاهَمَّ لها اليوم سِوى الوصول إلى المكنون خلف أبـــواب البيوت وإفشاء أسرارها .. بـأبخَـس الـوسـائـل.. بـأبشـع الحيــل..يحلـــو لها اللعب في الماء العكر .. تحقيق سَبق فضائحي يرفع ذكرها لدى العامة .. تشرب كأس نخبها احتفاء بقدرتها على استغلال سذاجة البسطاء من الناس الذي يتجرعون الكأس سما .. وتحفل بقدرتها على استدراجهم للبوح بما ينتابهم من نقمة وسخط.
يستغل الصحفيون حالة هؤلاء النفسية الآنية، ويستعملون كلمات ذكية لـزرع ثقة كاذبـة، تفشي خُبثــًا ولا إنسانية تحكم رغبــاتهم الشــاذة ..
“انت كتعرف بينك وبين الله”. “نت راجل كبير و مـومـن”. “وقلي لي كاين بصدق أسيدي ….” فينفس المكلوم كُربته سهوا ويشفي نقمته وهو لا يدري أن نقمة أخرى ومحنة ستحل وتشمله وأهله وستشوب أيامه البيض سوادا.
عندما تسأل أهل الصحافة والإعلام عن دور الصحافي يسردون عليك جملة مما حفظته قريحتهم: ..له رسالة سامية .. تنوير الرأي العام .. تثقيف المجتمع ..تطوير القدرات الفكرية للمواطن .. خلق تعَدُدية فكرية مجتمعية.. إنّها السلطة الرابعة التي تردع المسؤولين وتتحكم في القرار .. الصحافة مهمتها الدفاع عن الفقراء عن البسطاء عن المحرومين ….وهلم جرا .
لا شك أن للصحافة المغربية باع واسع في النضال ويشهد تاريخها استماتة رجالاتها بحريتي التعبير والرأي. ودأبهم على تطوير الفكر وتوعية المجتمع .. ناضلوا بجرأة متناهية مجازفين بحريتهم وحياتهم من أجل خلق مناخ فكري حر والقطيعة مع الإقطاع السياسي و الظلامية الفكرية التي حكمت تحت قناع القدسية و الإخلال بالاحترام…
مالم يحسب له أسلافنا حسابا أنه سيخلفهم خلف أضاعوا البوصلة وخلطوا بين الإعلامي والحلايقي ..أنه سيخرج من أصلابهم صحافيو الفضيحة والبوز .. أن الجيل بعدهم سيشهد مخاض إعلام فاسد. وأن ساحة الصحافة ستضحى ضربا من ضروب ساحة الحلايقية ليس إلا…