إحتفاء باليوم العالمي للمسنين….. جمعية المتقاعدين بطنجة تكرم بعضا من أبناء المدينة و تدعو إلى النهوض بهذه الشريحة العريضة من المجتمع المغربي
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( إحتفاء باليوم العالمي للمسنين )
الخميس 12 أكتوبر 2017 – 12:19:03
الأستاذ محمد الوسيني اعتبر في تصريح له لجريدة طنجة، أن مثل هذه المناسبات سمة تربوية تغرس في نفوس العاملين العطاء المتبادل بهدف منح كل مجتهد لمسة وفاء لما قدمه من الجهد طيلة سنوات عمله، و بخصوص وضع المتقاعدين اليوم بالمغرب، يقول رئيس الجمعية، أن على الجميع مد يد العون لهذه الشريحة المهمة من المجتمع المغربي، حماية صحتهم وضمان كرامتهم، بمساعدتهم على مجابهة الصعوبات التي تعترضهم في حياتهم اليومية بحكم تقدمهم في السن، مقاومة جميع أشكال التمييز والإقصاء من الوسط العائلي والإجتماعي، تحقيق اندماجهم بواسطة تحسيس الرأي العام حول الصعوبات الخاصة بهم وتشجيع البحوث والدراسات حول المظاهر الفرديّة والجماعيّة للتشيّخ والوسائل الكفيلة بتحقيق حماية المسنين ورفاهتهم.
الدكتورة زبيدة الورياغلي، بدورها استعرضت أهمية شريحة المسنين بالمغرب، و دعت إلى مساعدتهم على المشاركة بصفة فعليّة في جميع مجالات الحياة الإجتماعية والثقافيّة والرياضيّة والترفيهيّة، و أكدت الدكتورة، أن هناك مسؤولية عامّة للإهتمام بكبار السن وأخرى فردية، والفردية تتعلق بما يتعيّن على كل فرد أو قريب نحو كبير السن الذي يتولى أمره ورعايته، القيام به، و يتجلى ذلك في حسن معاملته وخدمته والقيام بأمره، واستيعاب تصرفاته الفعلية أو القولية، وإن خالفت أحياناً المنطق الفعلي والتفكير السليم، وأما المسؤولية العامة فتتمثل في ما تقوم به المؤسسات المختصة من أنشطة تتعلق بكبار السن، وتشمل أنشطة ترفيهيّة، وثقافية، واجتماعيّة، ورياضيّة أحياناً، فهذه الأنشطة تخفف من الشعور بالعزلة التي يشعر به الكبير في السن، وتدمجه مع المجتمع بشكل إيجابي، ف”إن عنايتنا بكبار السن هي عناية بأنفسنا وذواتنا”، و كل واحد منا معرض لدخول هذه المرحلة، والأعمار بيد الله -سبحانه- ولا أحد يعرف كم سيبلغ من العمر، ولا الوضع الذي سيؤول إليه في كبره، هذا من جانب، ومن جانب آخر فهو واجب أخلاقي ونوع برّ بمن كان له دور مهم في حياتنا، ورعايتنا وتربيتنا، وتبقى العناية بكبير السن واجباً دينياً، ومصلحة وطنية، وضرورة إنسانية، وكلها حلقات تتشابك وتتكامل، وعنوانها الوحيد كبير السن، فحقه أن يجد الرعاية المناسبة، والحضن الدافئ، والتصرف الحكيم.
الحاج أحمد المباركي رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المسنين بالمغرب،أكد بدوره على القيمة الحقيقية للمسنين و المتقاعدين، الذين أفنوا حياتهم خدمة للآخرين من أبناء بلدهم و الذين هم اليوم رائدون في شتى مجالات الحياة، داعيا الجهات المسؤولة لتفعيل بعض الإجراءات المستعجلة، الخاصة بالنهوض بهذه الشريحة من المجتمع، العمل على خلق مراكز للرعاية الإجتماعية للمسنين وأندية للترفيه ومزاولة الأنشطة، و ا لعمل يدا بيد مع جمعيات المتقاعدين الساعية إلى الإسهام الحقيقي و الفعال في تحقيق تطلعات المجتمع في النهوض بالبلاد و تنميته على كل الأصعدة، وذلك وفقا لأهدافها النبيلة التي سطرتها، وكونها حلقة ذات أهمية في تقوية نسيج فضاء المتقاعدين بالمغرب باعتباره لبنة أساسية في بناء مشروع المجتمع المدني المتكامل.
و في صلب هذا الإحتفاء، تقدمت الجمعية بتكريم عدد من المتقاعدين من أبناء مدينة طنجة، و يتعلق الأمر بالأستاذ مصطفى أشرقي، المختص في تسفير الكتب و ترتيب صفحات الجرائد، مصطفى أشرقي الذي كانت إنطلاقة تجربته المهنية، بمؤسسات المطابع المغربية و الدولية منذ 1954، ليعمل بعد ذلك بجرائد نذكر منها” لاديبش ماروكان” و “جريدة طنجة”، خلال ستينيات القرن الماضي، و جريدة الشمال، و مازال يعطي الأستاذ أشرقي من نبض قلبه و مهارة يديه في مجال التقطيع و التوريق و التسفير.
مكرّم آخر حظي باعتراف الجمعية و الحضور، يتعلق الأمر بالأستاذ عبد القادر المسفيوي، المخرج الصحفي الذي عمل بالمغرب و أوروبا، منذ سنة 1961، لتكون مؤسسة جريدة طنجة محط رحال الأستاذ المسفيوي، في عهد شارل دوبروطيل، و دولوني، إلى أن تسلم زمام الجريدة، الدكتور عبد الحق بخات، منذ 1983، و الذي لا زال إلى اليوم يعمل بها، ليؤثث صفحاتها عبر إخراج فني فيه الكثير من روح الإبداع و العطاء.
تكريم المتقاعدين يعتبر واجبا وطنيا و أخلاقيا، ففي المغرب، هناك فزع من التقاعد ومقت له وتخوف منه، ربما لأنه يرتبط بالمقهى والسيجارة وفائض الوقت الذي لا يعرف المتقاعد المغربي كيف ينفقه، بعدما أصبح خارج دائرة الدوام والإنضباط والروتين الوظيفي المعتاد، أما في الغرب فالأمر مختلف إلى حد بعيد، ربما لأنهم هناك لا يعاقرون المقاهي التي تفوح منها روائح الدخان المختلف المصدر وطاولة الشطرنج وأوراق الكارطة، بل يعمدون إلى تزجية أوقات الفراغ عبر مزاولة الأنشطة السياسية والأعمال الخيرية والمهمات التطوعية والهوايات الفنية والأدبية والرياضية… وفي هذا المعنى تقول سوزان ميلر: ”مفتاح التقاعد، هو العثور على السعادة في الأشياء الصغيرة”.
في المغرب، لم يكن يدري الكثير من المتقاعدين أن السنين تمر بسرعة، فالزمن قد تغير والكبر قد لاح بظلاله وظهر، والشباب قد ولى واحتضر والشيب قد غطى الرأس وغزر والشعر لم يعد له من أثر… حيث لم يعد على ألسنتهم غير ذكر الشاعر حين قال في الأثر: ”ليت الشباب يعود يوماً… فأخبره بما فعل المشيب”.
إنهم ببساطة رجال سلموا راية الكد والعمل، واستسلموا لمصير التقاعد، والسؤال المطروح: هل التقاعد نهاية القدرة على العطاء؟
يقال أن لكل بداية نهاية، شعار تعتبره شريحة واسعة من المتقاعدين في المغرب، عنواناً لحقيقة مفادها أن زمن الشباب بكل ما تحمله الكلمة من معاني القوة والعمل قد مضى وانتهى بلا رجعة حاملاً معه جميع الذكريات الجميلة منها والتعيسة، ولم يعد في قاموسهم سوى عبارة ”ملي كنت أنا نخدم في صغري…” لأن العمر قد تقدم بهم إلى درجة عدم القدرة على العطاء، وليؤرخ لبداية مرحلة الفراغ والملل وتوقيف عقارب الساعة لأن كل الأيام القادمة ستكون متشابهة، ولا شيء سيشغل ساعات النهار الطويلة، وأنهم بهذا المصير أصبحوا أناساً لا فائدة ترجى منهم غير تلك المنحة التي يتقاضونها في مقابل السنوات التي قضوها خلال مرحلة العمل.
يجب أولا إعادة النظر في مفهوم التقاعد في حد ذاته وطريقة تمثل المغاربة له «فحينما نتحدث عن التقاعد في قاموس اللغة العربية، فمعناه أن الإنسان أصبح عاجزا عن فعل أي شيء ، وبالتالي فهذا يؤثر على نمط حياته وعلى فلسفته المعيشية، لذا لا أحبذ استخدام كلمة متقاعد لما لها من حمولة دلالية سلبية»، فتمثل المتقاعد في مخيال الإنسان المغربي نابع من هذا المفهوم، الذي أضفى دلالة سلبية على حياة المحال على المعاش، وكأن الأمر وصل إلى مرحلة ينتظر فيها المتقاعد نهايته والرحيل إلى دار البقاء، في حين أنه يمكن الحديث خلال هذه الفترة عن مرحلة ثالثة يعيشها الإنسان المتقاعد، خاصة مع ارتفاع معدل الحياة في المغرب مقارنة مع السنوات الفارطة، بعيدا عن التمثل السلبي للمفهوم على أساس أنه بداية النهاية.
ومن هنا تبدأ نقطة قضاء وقت الفراغ بالنسبة لهذه الفئة، التي أنهت مهمتها في العمل، ويصبح المقهى ملاذها للعب «الكارطة والضامة» وما شابههما، وبالتالي يقلل الشخص المتقاعد هنا من حركته، وهو ما ينعكس سلبا وبشكل مباشر على مستوى حياته ككل.
و لن ننسى بالتأكيد ظاهةر التخلي عن الطابع الأسري التي تسود المجتمع المغربي ، و تؤكد بالملموس رفض بعض الأسر للأشخاص المسنين ، خصوصا عند الأزواج حديثي الحياة الزوجية ، والتي غالبا ما ترفض العروس فيها أسرة الزوج (يا أنا يا امك) ، كما تتداخل حالات إجتماعية أخرى وهو ما أكده أحد المسنين ، والذي قال على أنه يرفض أن ينظر إليه بعين الإزدراء والتحقير من طرف زوجة الإبن و الإبن نفسه (…) مفضلا الإلتحاق بدور المسنين .
حالات أخرى نصادفها تعكس عدم قدرة الأسر على تحمل الأم المسنّة و الأب المسنّ،هو إذن الواقع الذي يلخص حالة المسنين بالمغرب ، ويعطي ضرورة لتدخل الدولة في تدبير القطاع و التكفل الإجتماعي بهذه الفئة التي تعد أكثر عرضة للأمراض ، وكما سبق و ذكرنا مصابة بأمراض مزمنة ، إن الخطأ الذي يعيق تدبير مؤسسات الرعاية الإجتماعية ، هو رغبتها في رفع اليد عن القطاع الإجتماعي ، وبالتالي دخول الفاعل المدني فيه وهو ما يلخصه جملة و تفصيلا قانون 14.05 المتعلق بفتح مؤسسات الرعاية الإجتماعية ، بحيث أن الفاعل المدني بغياب الدعم المادي الحقيقي يصير فقط «مهرجا» على حساب الفئات التي يرعاها.
إن وضعية المسنين بالمغرب ، وضعية يحسد عليها الوطن ، خصوصا عندما تكرم السيد رئيس الحكومة الأسبق برفع سن التقاعد ، وصارت الخدمات العلاجية الرديئة بالمستشفيات العمومية لغير حاملي بطائق الإئتمان، و نقصد هنا التغطية الصحية المؤدى عنها ، وعليه لن نكون خير من يوصي على المسنين ، الله و رسوله…