فوضى الباعة المتجولين تجتاح مدينة البوغاز

و تعتبر أحيـاءٌ بعينها نَمـــاذج صارخة على مدى التسيب الذي بلغته حالة الضبط و التنظيم بسبب استفحال ظاهرة التجارة العشوائية، إذ طور الباعة الجائلون طرق الاستيلاء على فضاءات الملك العام حيث أصبحت هذه الفضاءات مجالا يتحكمون فيه عن طريق الحجز المباشر على مساحات تشمل الأرصفة و المعابر الطرقية، ما يتسبب في خنق حركة المرور و تعطيل السير في طرق تعتبر ضيقة في الأحوال العادية. و يحدث ذلك أمام تجاهل تام يطبع سلوك السلطات العمومية و البلدية، حيث اعتاد الباعة وضع سلعهم دون أدنى تدخل من طرف الجهات الوصية على ضمان حرية المرور و التنقل.

و بسبب استفحال المنافسة غير الشرعية التي يشكلها هؤلاء الباعة في مواجهة أرباب المحلات التجارية، يقوم هؤلاء في عدد من أحياء المدينة بإخراج سلعهم و مبيعاتهم و عرضها على الأرصفة و الطرقات المقابلة لمحلاتهم، ما يتسبب في حدوث عديد من الصراعات و المشاداة حول من له أحقية استغلال الملك العام دون مبرر قانوني يكتسي صفة الشرعية.

و رغم قيام السلطات البلدية و الولائية بتشييد عدد من أسواق القرب بهدف استيعاب الأعداد المتزايدة من التجار الجوالين و ضمان الحد الأدنى من الانسيابية في الشوارع و الأزقة، إلا أن هاته السلطات لم تصل بعد إلى مرحلة فتح هذه الأسواق و تحديد أعداد المستفيدين منها من التجار الجائلين بشكل دقيق و صارم منعا لأي تلاعب قد يحدث بمناسبة افتتاح هذه الأسواق الذي ينتظره سكان الأحياء أملا في تخفيف ثقل الازدحام و انتشار مظاهر الفوضى و سوء التنظيم الذي لا يفترض قبوله في مدينة تسعى للقطع مع مظاهر الفوضى المسيئة لسمعتها و صيتها الدولي.

إلى ذلك، يُشار إلى أن قسما من هؤلاء الباعة قد أصبح مختصا في إعداد “وجبات غذائية” على متن عربات ثلاثية العجلات، حيث يصطف هؤلاء في شريط متواصل مستعملين مادة الفحم الخشبي لإعداد هاته الوجبات المتكونة من لحوم يجهل مصدرها و سلامتها الصحية، ما قد يشكل خطرا فعليا على صحة المستهلكين الذين يتكون أغلبهم من مواطنين فقراء و عديمي الحيلة، لاسيما في ظل انعدام رقابة فعلية على هاته المنتجات العشوائية من طرف مصالح السلامة الصحية البلدية المختصة. و يضاف إلى ذلك مخاطر اشتعال حرائق بسبب استعمال أرباب هاته المطاعم المتنقلة لمحركات توليد التيار الكهربائي بغرض الإنارة، و هي محركات تعمل بواسطة البنزين القابل للاشتعال بسرعة…