عيد بأية حال عدت يا عيد ؟…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( “عيد الأضحى” )
الإثنين 11 شتنبر 2017 – 12:38:55
• أين نضع الشمس في أفقنا العربي الغائم؟…
• لو كنا نحرص على الكرامة حرصنا على امتلاك الأضاحي لكان حالنا غير الحال … ولكنا قوما غير القوم…..
فتَنــامَت رُوحُ الكَـراهية ضِدَّ كُل ما هُــو عـربــي مَشرقيــًا كان أو مَغـربيـــًا… وأحرقت محلات ودنست مساجد. وهتكت حرمات أبرياء وبريئات لمجرد الشبهة، والظن والتأويل… فزادت محنة العرب الغارقين في ملذاتهم، وشبقهم وكنزهم للذهب والدرهم والدينار، وانشغالهم ببعضهم البعض فلا إسرائيل عدوة وهي التي تحتل مساحات شاسعة من الأرض العربية منذ مهزلة الستة الأيام التي سماها سياسيو الأمس وتجار الكلمة بالنكسة وهي النكسة الكبرى التي لم تفق من سكرتها منذ سنة 1967.
ولا الإرهاب المتمسح بمسوح الإسلام… ولا فسقه ودهاقنة العصر الحالي بأعداء… كبرت كلمة تحرج من أفواههم… تحول العرب مع بعض العرب إلى أعداء… ولم يشفع الجوار ولا التاريخ في رأب الصدع ورتق الجرح… واستعد كل ذي حول وقوة بكل قوة وبأس الحديد والشواظ. وكأن الكل للكل عدوا… هكذا يعود العيد… وتعود الأمة…
وأذكر للشاعر قوله :
رأيـــت أبي آدم في المنــام *** ووجهــه ممتقــع من غضب
لعلّــــه غضبـــان مما يكابـــد *** أكبـــاده مـن ضـــروب الكبـــر
فـألقيـــت لحظتهـا بســـؤال *** ثقيــل يـُــؤرقـنـي فـي أدب
لمـاذا؟ ومـن أي طـيــن أبـي *** خلق الأشيـاء رعـاة العرب؟…
يعود الحال… وتعود الحالة وعن أكثر تشرذ ما وتشتثا وضعفا بنيويا ونفسيا وشرطوا الشروط… وخططوا ومنهجوا… ورسموا لنا حدودا بخطوط حمراء خضراء، وأخذوا منا أتاوات وتعويضات مقابل مظلة الحماية التي أظلونا بها… علما أنها مظلة مثقوبة لا تقينا حرا وأشعة حارقة ولا حجارة ومطرا متدفقا… صورة مصغرة للعالم العربي… صورة بملامح مكهفرة، عابسة فأين نضع الشمس في أفقنا العربي الغائم؟… أين نخطو ونتجه بكل مذلتنا و هزيمتنا، وبكل ما يسكن دواخلنا من أسى وألم وحسرة ونحن نذكر تاريخنا القديم… ونقرأ صفحات مهملة باهتة علاها الغبار… ونجرأ ذيال الخيبة، ونبحث عن السلوى في مناسبات وأعياد نريدها أن تكون مواسم أفراح فإذا هي ذكريات من التاريخ الأمجد للحاضر الأسود…
عيد الأضحى ليس مناسبة للافتراس، ولا لتسلية الأبناء، فليس بالدم يتسلى الأولاد… أين رمزية الفداء والتضحية؟… أين نحن من وحي الله إلى خليله إبراهيم عليه السلام ” قد صدقت الرؤيا ” … وأين نحن والعيد من خشوع العبد وخضوعه لأمر الله؟… أين نحن من إسماعيل عليه السلام وقد أسند وتله للجبين وأسلم عنقه للنصل الحاد قبل أن يفديه الله بذبح عظيم؟… هل تجسدنا كل هذه القيم، والمبادئ، والمثل العليا ونحن ننحر الأضحية أم أن شهوة البطن والشواء أنستنا كل هذا نحن ضعاف النفوس، وضعاف الإيمان؟… لو لكنا نحرص على الكرامة حرصنا على امتلاك الأضاحي لكان حالنا غير الحال… ولكنا قوما غير القوم، ورجالا ونساء غير الرجال والنساء، ولكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فمتى تعود يا عيد ونحن أمة ترفل في حلل العز والمجد، والتقدم، والكرامة، والنصر المبين؟…
وكل عيد… وكل عام والأمة بخير…
ونتمنى أن لا يعود العيد بما مضى ولكن لأمر فيه تجديد..