طنجة تطفئ شمعتها الثانية في عهد المصباح
جريدة طنجة – محمد العمراني (العدالة و التنمية الولاية الثانية)
الأربعاء 13 شتنبر 2017 – 12:00:05
ولاشك في أن وُصـــول حزب المصباح إلى مركز القرار بعروس الشمال حمل آمالا عريضة في نفوس ساكنة المدينة، الذين راهنوا على إخوان بنكيران لتحقيق الوعود التي لا طالما قدموها عندما كانوا بالمعارضة، خاصة وأن صحيفة تدبيرهم للشأن العام كانت إلى حدود شتنبر 2015 بيضاء…
اليوم، وبعد مرور سنتين على اقتراع شتنبر، من حق ساكنة طنجة أن تسائل حصيلة تدبير الإخوة لشؤون المدينة…
ينبغي الاعتراف أن جهودا كبيرة تم بذلها على مستوى تحسين فضاءات استقبال المواطنين، والزيادة في عدد الإدارات المخصصة للتصديق على الإمضاءات للتخفيف من حدة الاكتضاض، وبات الموظفون أكثر انتظاما في الحضور، واختفت الكثير من مظاهر التسيب والابتزاز، وأصبح التقيد الحرفي بالقانون والمساطر الإدارية هو المعمول به بين الإدارة الجماعية والمواطن..
وإذا كانت هاته التدابير يمكن اعتبارها في سجل المنجزات، فإنها كشفت أن مسؤولي حزب المصباح غاصوا في التدبير اليومي، حيث أن التشدد في التقيد الحرفي بالتدابير والضوابط القانونية كان من نتائجه جمود في العديد من القطاعات، في مقدمتها التعمير والرخص التجارية…
كما بدا جليا أنه بعد كل هاته الفترة التي قضاها الإخوة في موقع التسيير، أنهم يفتقدون لأي تصور حول تعاطيهم مع القضايا الكبرى التي لها تأثير مباشر على مستقبل المدينة.
كيف ذلك؟
على مستوى ملف التدبير المفوض، وحيث أن حزب العدالة والتنمية كان ينتقد بشراسة أداء الشركات المفوض لها تدبير قطاعات حساسة (الماء والكهرباء، النظافة، النقل الحضري..)، فإن الجميع كان ينتظر البصمة الجديدة للإخوان، وخاصة فيما يهم شركة أمانديس..
لكن ومن دون تحامل..
لقد فاجأ حزب المصباح ساكنة المدينة من أسلوب تعاطيهم مع الشركة الفرنسية، المفوض لها تدبير توزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل، ففي الوقت الذي انتظر الجميع أن وقت المحاسبة مع هاته الشركة قد حان، وقع العكس تماما، حيث تمت الموافقة على مراجعة عقد الشركة، والتأشير على استمرارها في تدبير هذا القطاع إلى غاية 2027 دون أن يتم فتح ملف تدقيق البيانات المالية للشركة خلال الفترة السابقة، ولها التحقق من مدى وفائها للالتزاماتها المنصوص عليها في دفتر التحملات…
ملف آخر يكشف حجم التخبط الذي يعيشه الإخوة، يتعلق الأمر بالشق المالي لمجلس المدينة..
لا يخفى على أحد أن جماعة طنجة وصلت إلى حافة الإفلاس، و لا يمكن تحميل المسؤولية الكاملة لتنفيذ أحكام نزع الملكية، رغم أنها كان لها تأثير بالغ على انهيار التوازن المالي للجماعة، ذلك أن سنتين من تدبير شؤون المدينة فضحت غياب رؤية واضحة لتنمية مداخيل الجماعة، والتي يمكن أن ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة بسبب ما تعرفة المدينة من حركية اقتصادية وعمرانية..
لكن مع الأسف اختار الإخوة أسهل الحلول، عبر اللجوء إلى مراجعة القرار الجبائي، وإقرار زيادات صاروخية على مختلف الرسوم والجبايات المحلية، مما كان لها تداعيات جد سلبية، حيث تأثرت جميع الأنشطة الاقتصادية التي كان أصحابها على كل حال يؤدون رسومهم بانتظام، والحال أن الإخوة الماسكين بمقاليد تدبير شؤون المدينة أن يجتهدوا لتنمية المداخيل من خلال توسيع قاعدة الملزمين والمتملصين من الأداء، وخلق أنشطة مدرة للمداخيل…
إشكالية احتلال الملك العمومي أبانت هي الأخرى عن عجز فاضح للإخوة في اتخاذ القرارات الجريئة..
هناك إجماع على أن المدينة تعيش على وقع فوضى غير مسبوقة، فالشوارع محتلة من طرف الباعة الجائلين، والأرصفة تحت قبضة التجار وأصحاب والمقاهي والمطاعم، فيما المجلس يلوذ بالصمت، وكأن هذا الموضوع لا يدخل ضمن اختصاصاته، والحال وأن مسؤولي مجلس المدينة كان عليهم اتخاذ جميع التدابير لحث السلطات العمومية من أجل تحرير الملك العام…
غير أن ما يطرح الكثير من التساؤلات هو هذا الإصرار الغريب للإخوة على التنازل عن اختصاصاتهم لصالح الإدارة الترابية، فهي التي باتت تقوم مقام مجلس المدينة في تدبير العديد من القطاعات (النظافة، المناطق الخضراء…)!..
خلاصة القول أن التقييم الأولي لسنتين من تدبير الإخوة في حزب المصباح لشؤون مدينة طنجة يكشف بوضوح المسافة الكبيرة جدا بين الخطاب والتنفيذ، وأن النوايا الحسنة لا يمكن أن تصير منهجا لتدبير شؤون المواطنين..