خطوة تستحق الانتباه..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( زيارة مُفاجأة لمحمد يعقوبي)
الثلاثاء 19 شتنبر 2017 – 15:04:14
•في سابقة هي الأولى من نوعها، قام محمد اليعقوبي والي جهة طنجة تطوان الحسيمة بزيارة مُفاجئة لمستشفى محمد الخامس بطنجة.
الزيارة تمت من دون بهرجة ولا بروتوكول ولا تحضيرات مسبقة، وهذا هو ما أربك الأُطر الإدارية والطبية بهاته المؤسسة الاستشفائية.
بطبيعة الحال، وحيث إن الإدارة المغربية تتحرك فقط عندما تصبح تحت مجهر المراقبة، فإنه بمجرد وصول الوالي تحركت الهواتف، وسرعان ما هرع المدير الإقليمي إلي المستشفى، كما حصلت حالة استنفار قصوى في صفوف الأُطر الإدارية والطبية، ليتغير التعامل مع المرضى بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، واندهش كل من عاين الواقعة كيف صار الجميع يتسابق للقيام بواجباته..
ومثلما كان متوقعا، فقد مكنت الزيارة المسؤول الترابي الأول بالجهة من الاطلاع عن كتب على الوضعية الكارثية التي تعيشها المؤسسة الصحية الأكبر بالمدينة والجهة، كما مكنته من الوقوف على بعض مما تعانيه الطبقات المسحوقة مع قلة الإمكانيات المالية وتردي الخدمات الصحية، بسبب النقص الفظيع على مستوى التجهيزات والموارد البشرية..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا حصل كل هذا الارتباك بمجرد أن حل الوالي بالمستشفى؟..
ينبغي أولا وقبل الكشف عن دلالات ما أقدم عليه اليعقوبي، التذكير بالموقع الذي تحضى به مؤسسة الوالي في الهندسة الدستورية و الإدارية للدولة.
وحسب الفصل 145 من الدستور:
“يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم و العمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية.
يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية.
يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية.
يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.”.
وتأسيسا على منطوق الوثيقة الدستورية، فإن الوالي يلعب دورا محوريا في تأمين سير مرافق الدولة، وهو المسؤول الأول والمباشر عن رصد الاختلالات واتخاذ ما يلزم من قرارات لتصحيحها..
وبالنظر لما يتمتع بع الوالي والعامل من سلطات واختصاصات، يمكن فهم حالة الاستنفار التي عمت مفاصل المستشفى بمجرد أن حل به اليعقوبي…
وهذا يؤكد حقيقة لا يمكن نفيها، نحن المغاربة كامونيون، نشتغل دائما تحت التهديد والخوف من العقاب، ولا مكان للضمير في أداء المهام الإدارية المسندة إلينا. فالجميع إلا من رحم ربك يبحث عن الاغتناء الغير مشروع، وعن استغلال موقعه و مسؤلياته لمراكمة الثروات على حساب حقوق المواطن…
مصيبة المغرب انه لم ينجح في التخلص من عقليته الإدارية العتيقة، المبنية على إذلال المواطن وحرمانه من أبسط حقوقه. وحتى إن نالها فيجب أن يترسخ في ذهنه أن ذلك منة من ذلك المسؤول، له أن يمنحها وله أن يسحبها…
وهذا التشخيص الصادم هو ما أكده خطاب الملك في عيد العرش الأخير، ضمنه تشريحا دقيقا لأعطاب الإدارة، وما أصبحت تشكله من مخاطر على استقرار البلد…
ربما هناك نوايا حسنة لدى وزراء، ولدى العديد من المسؤولين في مختلف المواقع، لكن ما ينقص المغرب هو الإرادة في اتخاذ القرار…
أنا أطرح سؤالا كثيرا ما يحيرني: ما الذي يمنع الوزير من تفعيل الرقابة على مصالحه المركزية والجهوية والإقليمية؟..
ما الذي يمنع العامل او الوالي من تفعيل دور الرقابة على تمثيليات المصالح الحكومية المتواجدة بتراب نفوذه؟..
لم أسمع إلى حدود اليوم، على الأقل منذ عهد الملك محمد السادس، عن قرار عزل أي مسؤول لأنه مارس اختصاصاته، واتخذ ما يلزم من تدابير في حق من تورط في أعمال منافية للقانون، أو ارتكب أي اختلالات تستوجب العقاب…
الشعب المغربي تغيرت عقليته بسرعة مذهلة، و ما كان يتجاوز عنه من ممارسات في السابق لم يعد يقبل بها اليوم…
وعلى النقيض من ذلك ظلت العقلية المتحكمة في بنية الادارة المغربية جامدة ومحكومة بممارسات عتيقة…
وإذا ما استمر الوضع على هذا الحال، فإننا سنصل إلى مرحلة انفصام تام ما بين المواطن ومؤسساته الإدارية، وحينها لن نلوم المواطن إذا صار فاقدا للإحساس بانتمائه لهذا الوطن، ما دامت مؤسساته عاجزة عن ضمان حقوقه…