العنفُ ضد الأنثى من المهد إلى اللحد !
جريدة طنجة – سُمية أمغــار (العنفُ ضدّ الأنثى )
الأربعاء 06 شتنبر 2017 – 15:33:48
ذلك أن شعوبنا من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج، تربت على نظرة “جونية” اتجاء المرأة، نظرة “مغلفة” بمعتقدات بالية، تلبس أحيانا بلباس الدين، وتارة تغلف ب “قدسية” التقاليد والأعراف، لتبقى المرأة في نظر أصحاب النظر القصير والفهم الضعيف للنصوص، والأحكام المعكوسة للنوازل، تلك الكائنة الضعيفة التي أحكم الرجل “قبضته عليها”، وبسط سلطة “القوامة” عليها، وسلط سيفه علي رقبتها، واختزل حياتها في ” البيت و”التفريخ” … الذي لا رأي لها فيه، وفي غيره من شروط الحياة، لأنها ” ناقصات عقل ودين “، ولأنها “تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان”، (حديث صحيح رواه الأمام مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه وصححه).
هذه الصورة “الدونية” فرضت على المرأة أيضا داخل الأسرة ذاتها، حيث تعم البشرى حين يكون المولود ذكرا، ويسود نوع من “الضيق” حين تكون أنثى، و “يفشش” الذكر على حساب الأنثى، وهكذا دواليك، تسيطر على المجتمعات العربية والاسلامية إرادة جامحة لامتلاك الأنثى و “إلغاء” وجودها في الفضاء العام……ليطفو الكبت على السفح ويعشعش في كل جنبات المجتمع، ويحصل بعد ذلك “الانفجار” الجنسي حين يغلب على الإنسان كبح جماح كبته….وهو من الأسباب التي تدفع إلى مسلسل الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها الإناث، والتي تقف دونها النصوص والقوانين، لأنها مسألة عقلية غذاها الفقهاء والشيوخ بالكثير من الأحكام والفتاوى التي ترسخ في أذهان الأجيال دونية المرأة التي تتعرض بذلك لشتى أنواع الإضطهاد والذل والاعتداءات اللفظية والجسدية والجنسية وللعديد من مظاهر التمييز، فهي “ناقصة عقل ودين” ترث نصف حصة الذكور، وتقبل صاغرة بالتعدد، وتستسلم، دون مقاومة لتشويه جسدها ببتر عضو حميمي من جهازها التناسلي من أجل “تبريد” متعمد لإحساساتها الجنسية، عبر عملية الختان الممارس في العديد من البلدان العربية والاسلامية، وقد رفض الشيخ القرضاوي مرة “إدانة” هذه الممارسة التي ما أنزل الله بها من سلطان. ثم تلحق بها إهانة “العورة” هذه الكلمة التي تعني “كل قبيح يستوجب الستر”….
وكلما ثارت المرأة على هذا الوضع، رفع بعض الشيوخ في وجوههن طقوسهم التي لا يفهمونها وشرائعهم التي لم يرقوا إلى إدراك أسبابها ومدلولاتها والغايات المتوخاة منها….
مثل هذه الأوضاع هي التي خلقت أجيالا “تحتقر” المرأة وتعتبرها أداة لجلب المتعة واللذة، وتتلهى بالتنغيص عليها حياتها، وهو ما حصل لفتاة حافلة كازابلانكا ولحالات مماثلة وقعت في مكناس وطنجة وفاس وتطوان وسلا وأغادير وغيرها من مدن المغرب المتمدنة الكبرى، وهو ما يدفع دائما إلى اعتبار المرأة ـ الضحية، مسؤولة عما يحصل لها من تحرش وعنف في الشارع وأماكن العمل لأنها تفتن الرجل وتذكي فيه نار الشهوة. هكذا ينظر إلى الانثى ضعاف الرجال والمتخلفون والمكبوتون والمتحجرة قلوبهم وأدمغتهم، بينما المرأة خلق الله، كما الرجل، ساواها الحق سبحانه وتعالى في الحقوق والواجبات مع الرجل، ووهبها ملكات عقلية تفوق أحيانا قدرات الرجل، والتاريخ العلمي العالمي يزخر بالدلائل القوية والقاطعة على ذلك…..
ولكن المرأة تبقى في بلاد العرب والمسلمين ذلك الكائن المضطهد، و المُهان، المرصودة حياته قبل نشأة الأكوان.
ولله في خلقه شؤون. ..