اتقوا الله في مدينتكم..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( “طنجة مدينة المتشردين والمتسولين وبائعي المخدر” )
الأربعاء 06 شتنبر 2017 – 12:36:55
• تكاد ساكنة طنجة تجمع على المدينة التي كانت تنتشي بلقب عروس الشمال، صارت اليوم تعاني عدة ظواهر مشينة، إن استمرت من دون تدخل القائمين على تدبير شؤونها لتصحيح الأوضاع، ستصبح العروس عجوزا شمطاء، بعد أن أصبحت مستباحة أمام الجريمة والبشاعة…
وأمام هذا التسيب، أصبح العرض وفيرا لكل أنواع المخدرات، وبات الحصول عليها عملية تكاد تكون متاحة للجميع، حتى صار اقتناء جرعة مخدر بمدينة طنجة أسهل من شراء علبة دواء من أول صيدلية تصادفها في طريقك..
و النتيجة شباب مدمنون، مستعدون لارتكاب أكثر الجرائم بشاعة من أجل الحصول على مبلغ مالي يكفيهم لاقتناء ما يحتاجونه من مخدر..
اسألوا مصالح ولاية الأمن عن عدد الجرائم التي ارتكبها مدمنو مخدرات، من سرقة واعتراض السبيل تحت التهديد باستعمال السلاح الأبيض، بل حتى القتل العمد…
الأفظع من ذلك، أن مصالح الأمن لها الإحصائيات الرسمية عن دوافع الجرائم التي ترتكب ضدَّ الأصول، ودافعها الأساس الحصول على أي مبلغ يُـوفـر لـه جـرعـة مُخدر ..
فكم من إبن مدمن أجهز على والده أو أمه، أو أخته، وفي أفضل الحالات قام بتعنيفهم، كل ذلك من أجل البحث عن مورد مالي للحصول على جرعته من المخدرات هي الدافع الأساس بهكذا جرائم..
ورغم كل هاته البشاعة، فإن المواطن لا يلمس الصرامة التي يأملها من طرف الشرطة لمحاصرة ظاهرة ترويج المخدرات، وخاصة الصلبة منها..
مما يَطرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء عدم سقوط العديد من بارونات المخدرات في قبضة الأمن رغم أنهم معروفون أمام العادي والبادي بأسمائهم الحقيقية والمستعارة؟!…
يجب الاعتراف أن طنجة أصبحت عاصمة المتسولين والمتسكعين وأطفال الشوارع، حتى أن أبناءها تحصلت لديهم القناعة أن مدينتهم تعرضت خلال السنوات الأخيرة إلى أخطر وأبشع عملية غزو من طرف هاته الجحافل، التي احتلت شوارعها ومساحاتها الخضراء، وكأن هذا الزحف مدبر بفعل فاعل..
يكفي التجول ليلا للوقوف على حجم الكارثة التي حلت بجوهرة الشمال…
لقد أصبحت شوارع البولفار، الحرية، الكورنيش، فاس، المقاومة، والأزقة المتفرعة عنها إلى ملجأ مفتوح في وجه هؤلاء المتشردين..
لقد بات منظر أجسام وهي تفترش الكرتون و تتلحف بالسماء بمداخل العمارات، وأمام بوابات بعض الإدارات، والمؤسسات الخاصة، و حتى الفنادق، والمساحات الخضراء أمرا مألوفا بالمدينة…
وفي كثير من الأحيان، أصبحوا ينظمون تجمعات لشرب الخمر وتعاطي المخدرات، وأعينهم تترصد أي ضحية قاده حظه العاثر للمرور من أي زقاق جانبني، ليسارعوا إلى اعتراض سبيله علهم يحصلون على تمويل ما تبقى من “القصارة”…
الأبشع من ذلك أن أجمل شوارع المدينة تحولت إلى مراحيض عمومية، حيث الروائح النتنة تزكم أنوف المارة…
أسألوا أصحاب الفنادق والمقاهي والمطاعم عن معاناتهم مع جحافل المتسولين والمتسكعين، وما يسببونه من آثار مدمرة لصورة طنجة، المدينة التي سحرت قلوب زوارها طيلة عقود خلت بموقعها الجغرافي ومآثرها التاريخية الشاهدة على تلاقح حضارات مرت من هنا وخلفت تاريخا عريقا…
المؤلم في الأمر هو أن طنجة التي رصدت الدولة لإعادة تهيئتها ما يزيد عن 700 مليار سنتيم، من خلال برنامج طنجة الكبرى، بقدر ما يسجل المرء بإيجابية المجهودات التي بذلت لتسترجع المدينة بعضا من ألقها وسحرها، الذي فقته بسبب سوء تدبير المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير شؤونها طيلة عقود خلت، بقدر ما يتساءل عن خلفيات هذا التدمير الممنهج الذي تتعرض له اليوم عن سبق إصرار وترصد…
أتساءل بكُل حُـرقـة..
كيف يستطيب المسؤولون القائمون على تدبير شؤونها من مختلف مستوياتهم (منتخبون، إداريون، أمنيون..) العيش بها، وهم يتابعون بدم بارد كل هاته الجرائم التي ترتكب في حق هاته المدينة؟!…
وفي الوقت الذي يصر هؤلاء على رسم صورة وردية عن طنجة، باتت الساكنة على قناعة تامة أن مدينتهم تتجه نحو الهاوية…