ماذا بقي بعد فـاجعـة الحـافلـة ؟..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( اغتصاب فتاة بالحافلة )
الأربعاء 30 غشت 2017 – 12:01:04
ما حدث فاجعة صادمة بكل المقاييس، بل تؤشر على تحول خطير يعرفه المجتمع المغربي، عنوانه الأبرز: انهيار القيم…
من يتحمل المسؤولية فيما حدث؟:
الجناة الذين ارتكبوا هذا الفعل المشين هم اليوم بين يدي القضاء، الذي سيقول كلمته الفصل في حقهم، وبالتأكيد سينالون الجزاء الذي يستحقونه، بما يتناسب و خطورة الجرم الذي اقترفوه..،
لكن بالتأكيد هناك أطراف أخرى تتحمل قسطا من المسؤولية..
الأسرة تبقى هي النواة الصلبة التي تمنح الحصانة للفرد، لكن ما نشاهده اليوم من ممارسات يؤكد أن هاته المؤسسة بصدد فقدان قدرتها ودورها في منح الفرد الجرعة المطلوبة من منظومة القيم.
هذا الانهيار على مستوى القيم والأخلاق يرجع بالأساس إلى مظاهر التفكك الأسري، التي صارت تنتشر بشكل مخيف بفعل عدة عوامل، ليس المقام هنا للوقوف عندها، وطبيعي أن ينعكس هذا التفكك على تربية الفرد، بعد أن استقالت الأسرة عن دورها التربوي..
المدرسة هي الأخرى متورطة بشكل أو بآخر في هاته الجريمة البشعة، وجرائم أخرى صارت متفشية داخل المجتمع.
المدرسة كانت طيلة العقود المنصرمة هي البيت الثاني الذي يتلقى فيه الطفل منظومة القيم التي يحتاجها المواطن الصالح، وهي من كانت تكمل دور الأسرة…
هناك إجماع اليوم على انهيار منظومة التعليم ببلادنا…
المدرسة تحولت إلى فضاء للانحراف وتعاطي المخدرات، واستفحلت بها ظاهرة العنف بين التلاميذ أنفسهم، بل صار حتى الأساتذة من ضحاياه، والخطير في الأمر أن الفضاءات التربوية بما أنها انعكاس لما يحدث بالمجتمع، فإنها باتت مرتعا لكل الظواهر المشينة المتفشية بالشارع..
يجب الاعتراف أن المدرسة فقدت ما لها من سلطة أخلاقية ومعرفية على الناشئة، ولم يعد لها أي تأثير على تكوين شخصية الفرد، مما يطرح بحدة ضرورة الانكباب على تجاوز الأعطاب التي تنخر المنظومة التعليمية ببلادنا قبل فوات الأوان..
الدولة هي الأخرى تحمل هي القسط الأوفر من المسؤولية فيما وقع..
فهي بما تتوفر عليه من وسائل الردع والعقاب في حق كل من ارتكب جرما يوجب المساءلة، فهي ملزمة بتوفير الحماية للأفراد والمجتمع، والتصدي للجريمة عبر استباق حدوثها..
تجمع الإحصائيات على أن معظم الجرائم الخطيرة، والاعتداءات التي تطال الأصول والفروع والمواطنين يرتكبها أشخاص كانوا تحت تأثير تناول المخدرات الصلبة ( على الخصوص حبوب الهلوسة والهيروين..)…
وحتى التحريات التي باشرتها الشرطة في فاجعة الحافلة أثبتت أن الجناة كانوا تحت تأثير مخدر السيلسيون…
يعجز العقل أن يستوعب أسلوب تعاطي الأجهزة الأمنية والقضاء مع تجار المخدرات الصلبة والقوية..
هناك تساهل غريب مع هؤلاء المجرمين الذين يستحقون أقسى العقوبات، بما في ذلك الإعدام..
كم من أب وأم وأخت أزهقت أرواحهم على يد فرد من الأسرة قادته الظروف ليصبح مدمنا، عبدا تحت رحمة تجار المخدرات…
حان الوقت لكي تتحمل الدولة مسؤوليتها بالعمل على تشديد عقوبة الاتجار في المخدرات، خاصة الصلبة والقوية، والضرب بيد من حديد على كل رجل أمن تواطأ مع هؤلاء..
المجتمع المغربي اليوم بات مطالبا بوقفة تأمل، وعلى كل قواه الحية من مفكرين ومسؤولين وهيئات مدنية دق ناقوس الخطر، والضغط من أجل اتخاذ تدابير استعجالية لوقف هذا النزيف قبل فوات الآوان..
التماسك المجتمعي في طريقه إلى التحلل، وإذا حدث ذلك فرحمة الله على مستقبل البلاد والعباد…..