فعلتها القائدة المجتهدة لا القائد المعتمد على وشوشات المقدمين والشيوخ
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( القائدة )
الجمعة 25 غشت 2017 – 13:14:36
• تعاني جل المدن المغربية إن لم نقل كلها من احتلال مفرط ولا معقول للملك العمومي الذي يصل إلى حد إغلاق أحياء وأبواب بيوت ومنازل، مع ما ينتج عن ذلك من احتكاكات مستمرة ويومية بين الباعة الفراشة والسكان. ومع ما يخلفه هذا الاحتلال من نفايات وأوساخ تشوه معالم المدن، وتعطي الانطباع بأننا شعب وسخ… ظاهرة سادت وانتشرت واتسعت لدرجة أصبح معها نهج سياسة الحزم والصرامة، وفرض احترام القانون ضرورة ملحة لا سيما أمام عجز بعض السلط والجماعات المحلية وتسليمها بالأمر الواقع، علما أن لا أحد من هؤلاء الباعة العشوائيين يتمتع بوضع قانوني يخوله احتلال مساحة معينة ضمن الملك العام… ظاهرة أخرى لا تقل بشاعة عن ظاهرة الباعة الجائلين… وهي ظاهرة استيلاء المقاهي على الأرصفة الملاصقة لمحلاتهم، ووضع الطاولات والكراسي بها، علما أنها معمولة خصيصا للراجلين وهو ما يفرض على هؤلاء اضطرارا النزول إلى الطريق حيث تسير السيارات والعربات. فمنطقة 20 غشت بحي السواني عامرة بهذا المنكر الذي لا تبالي به لا السلطة بأعوانها، ولا الجماعة بمراقبيها. الظاهرة المشينة إياها لا تقتصر على حي أو منطقة بعينها فقد أصبحت هي القاعدة، وأصبح غريبا ألا يستغل رب مقهى أو محل تجاري الرصيف المجاور لمحله أو مقهاه، وأصبح ذلك هو الاستثناء، أما القاعدة فهي احتلال كل الرصيف واستغلاله.
وأمام تداخل السلطات المختصة ولجوءها إلى أسهل الحلول. وأخذها بالقاعدة التي تقول : ” كم من حاجة قضيناها بتركها” . هذا هو منطق الآخدين بزمام الأمور… الساهرين على راحة المواطنين…
أمام هذه اللا مبالاة يأتينا الخبر من مدينة فاس… وهي أكثر الحواضر المغربية امتلاء، واحتلالا للملك العام. تأتينا المفاجأة من امرأة/ من قائدة صلبة كالصخر، ذات السبعة والعشرين ربيعا، خريجة المعهد الملكي للإدارة الترابية، امتلأت غيرة وحماسا… عرفت أن عملها ميدانيا إلى جانب المواطنين، وليس بيروقراطيا مكتبيا روتينيا، فارتدت اللباس العسكري وخرجت لتحرر الملك العام من المحتلين، والاستغلاليين والفوضويين إلى جانب ثلة من رجال الأمن والقوات المساعدة والوقاية والمدنية… فعلتها القائدة شيماء الشهباوي، لا القائد فلان ولا علان، اللذان جلسا يتفرجان إلى أن تأتي التعليمات… فبعض القياد لم يستوعبوا بعد حدود مهامهم ولا مساحة مسؤولياتهم رغم التوجيهات الملكية السامية حول دور الإدارة والسلطة… بعض رجال الإدارة لا زالوا يحفظون عن ظهر قلب مفهوما ومنطقا عفى عليه الزمان. فهم لا يتحركون إلا عندما ينادي المنادي أو تنهمر المكالمات أو تحدث الكارثة، أما عدا ذلك فهم في مكاتبهم خاملون، هاجعون، وعلى أوراق رسمية عاكفون ليس فيها سوى الصادر والوارد وبينهما خيط دخان…
فعلتها إذن القائدة المجتهدة العاملة لا القائد المعتمد على وشوشات المقدمين والشيوخ، وأوامر قف أو انطلق… وهكذا ندخل مجال التحرك النسائي بالزي العسكري لنلفظ كل الكساحيات اللفظية والمواقفية عن المرأة العاملة، وعن تغييرها عمليا لأنماط سلوكية، فكرية تجاوزها الزمن. وللصدف الحميدة فإن المواطنين كانوا متضررين من هجمة الفراشة والمحتلين أولا… معنيين أو غير معنيين… مجتمع مدني، وجمعيات، ومواطنين تضامنوا مع حملة القائدة وتمنوا استمرارها، مع التفكير الجدي في إيجاد حلول عملية للتخفيف من حدة الظاهرة وانتشار الباعة المتجولين واحتلالهم للأرصفة، والساحات العمومية، وزجر أصحاب المقاهي والمحلات التجارية… ولعله من الآفات التي نعانيها كصحافة عدم اهتمام بعض المسؤولين بما يكتب…أو أنهم لا يقرؤون بالمرة… ففضيلة القراءة أصبحت منعدمة، وبعض السلطويين يحفظون فقط مساطر “وبعد” و”لكل غاية مفيدة” و”قصد الاطلاع” … و”الاطلاع والإفادة”… الألفاظ المتداولة في قاموس الإدارة. ثم ختم “سري” أو “عاجل” وهكذا تنتهي مهمة رجل الإدارة بانتهاء هذه الأحاجي، صادرة كانت أو واردة.
ما أوجنا إذن إلى مثل القائدة شيماء…
وما أحوجنا إلى ضمائر تتحرك، وهمم تنتصب، ولغة جديدة ملؤها العزم والحزم وعدم التهاون أو المماطلة… تلك أبجديات العهد الجديد، والعمل الجديد، والإدارة الجديدة……